أظهرت دراسة حديثة أن الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، خرجت أثرى أثرياء الأرض، بمتوسط 2 - 3 آلاف مليونير من كل جامعة، والأمر نفسه يشمل الجامعات في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية وغيرها، فيما غابت الدول العربية بشكل عام، والبحرين خصوصاً من قائمة هذه المؤسسات التعليمية.

إذا ما نظرنا إلى الدراسة الجامعية، فإنها أكثر تخصصية من المراحل الدراسية المتقدمة، ولا تعتمد على الكم، بل الكيف، ولا تصل أعداد المواد الدراسية في التخصصات إلى 48 مادة كما هو الحال هنا، بل أقل بكثير، ويتم في كثير من الأحيان، اعتماد الخبرات العملية، في الإعفاء من المواد الأولية في التخصص، وهو الأمر الذي نفتقده في الدول العربية عموماً.

وللأسف الشديد، فإن فكرة الدراسة الجامعية هنا، قائمة فقط على الحصول على شهادة، ومن ثم وظيفة، وهذه المسؤولية يتحملها الطلبة، والمؤسسات التعليمية، وحتى المؤسسات الرسمية والأهلية، والتي ترفض تعيين الموظفين، حتى بأبسط الوظائف دون الحصول على شهادة جامعية، فيما لا تواكب العديد من المناهج متطلبات سوق العمل، أو حتى المستقبل، بحجة «تدريس الأساسيات»، وهناك مواد في مختلف التخصصات، لم يتم تحديثها منذ عقود.

هذا التفكير النمطي، زاد من معدلات البطالة، وجعل الطلبة الخريجين عبئاً على البلد، بدلاً من أن يساندوه في دفع عجلة التنمية، ورفع الاقتصاد، وإنشاء المشاريع الكبرى، والمتخصصة. وهنا، ألقي اللوم على الأطراف السابقة، بالإضافة إلى عدم تجديد مؤسسات التعليم العالي، لمقرراتها وتخصصاتها، وعدم استحداث تخصصات جديدة أو حتى «دقيقة»، والاعتماد على التخصصات «العامة»، وهم يلقون باللوم بدورهم على مجلس التعليم العالي، وتأخر التراخيص اللازمة لذلك.

وفي تعمق أكثر، فإن تخصص الهندسة المدنية - على سبيل المثال لا الحصر - يتضمن حالياً أكثر من 40 تخصصاً دقيقاً عالمياً، تقدم جامعات البحرين فقط 4 منه، ويتخرج الطالب وهو بحاجة إلى تدريب، لمسح المعلومات القديمة التي لا تدخل ضمن نطاق سوق العمل، وكأنه يدرس من جديد بعد التخرج، وقس على ذلك باقي التخصصات، والإبداعية منها على التحديد.

على الجانب الآخر، فإن العديد من مشاريع التخرج لا تحظى بدعم كافٍ من قبل الجهات المعنية سواء الحكومية أو الخاصة، ويتم الاحتفال بها في أروقة الجامعة فقط، والعديد منها مكرر أو مقتبس من جامعات أخرى، دون تعديل، كونها ستخضع لتقييم الهيئة التعليمية فقط، ولا تفتح آفاقاً للمستقبل، على عكس مشاريع أخرى عالمية، أصبحت شركات عملاقة، تتحكم بالاقتصاد والسياسة وغيرها، مثل «فيسبوك»، و»واتساب»، وحتى دراسات عالمية قادت للتغيير الكوني.

ولا أحد ينكر جهود بعض المؤسسات الرسمية مثل «تمكين»، والبنوك الأخرى التي تقدم دعماً للشباب، إلا أن تحديث المنظومة بالكامل، هو ما أدعو إليه، ليصبح الطالب الخريج من جامعات البحرين الحكومية والخاصة، قائداً للمستقبل، وليس موظفاً حكومياً أو في شركة، ينتظر راتبه نهاية الشهر.

* آخر لمحة:

هناك مجالس متخصصة للتعليم والتدريب، ودورها هو استشراف المستقبل، ووضع الخطط التعليمية المناسبة له، وليس فقط قياس أعداد الخريجين والبحث عن عمل لهم، وننتظر من هذه المجالس الخطط الكاملة للإعلان عنها.