«لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم»، «سورة النساء: 148».

يصدم من يتابع بعض العربيات والخليجيات اللواتي يدعين انتسابهن إلى الحركة النسوية الجديدة من تعمدهن الإجهار بالإلحاد والكفر ومحاربة الدين والمجتمع مما يضعهن في أشد حالات التطرف «واحدة منهن خليجية تصف نفسها علناً أنها راديكالية نسوية وكأن في ذلك شرفاً وفخراً». هؤلاء المتطرفات واللاتي يتخذن من العالم الافتراضي - أي السوشال ميديا - مقراً لهن حالياً وينتظرن بفارغ الصبر الخروج للملأ، ابتعدن عن المطالبات الجادة والحقة في المساواة في فرص التعليم والعمل وحقوق الزوجة وأصبح يستهويهن الدعوة للإباحية وفتح الباب على مصراعيه لجميع ما يسمى بالحريات الشخصية وإن خالفت هذه الحريات الدين والقانون والأعراف.

وأبرز هذه الدعوات وأخطرها هي الدعوة لحرية ممارسة الجنس «الزنا» والإجهار به وفرضه على مجتمعاتنا كحالة مقبولة و«طبيعية». نعم، يسعين لجعل «الزنا» أمراً مباحاً ومعلناً رافضين الدين والقانون وضاربين عرض الحائط كل المحاذير. وأحد حججهن تبدأ بطرح مقارنة بين الرجل والمرأة في موضوع العلاقات غير الشرعية مدعين أن الرجل ينجو بفعلته - في حال إذا مارس علاقة خارج إطار الزواج - ولكن المرأة لا يغفر لها المجتمع «خطيئتها» لذلك وحسب قولهن على المجتمع أن يتخلص من هذه النظرة ويترك عنه معاييره المزدوجة.

وأشهر المستميتات من أجل السماح للمرأة تحديداً بممارسة الجنس بدون زواج و المجاهرة بذلك والتي تحدت بجهل واستكبار الآية الكريمة «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلًا»، «الأسراء:32»، هي الصحفية السورية المقيمة في أوروبا المدعوة «دارين حسن»، والتي أجهرت بتجاربها الجنسية وباللغة العربية وتابع تصريحاتها المقززة عبر السوشال ميديا أعداد مهولة من العرب وصفق لها الكثير من الإناث والذكور. وتعتمد المدعوة «دارين» على الحجة القديمة التي استخدمتها نسويات الغرب في تبرير إباحة أجسادهن وتبرير الجهر بالسلوك الجنسي والتي تتلخص في مفهوم أن كل امرأة تملك جسدها وهي حرة في التصرف فيه.

طبعاً، يعلم المتابع أن كل ذلك مقتبس من الحركة النسوية العالمية الثانية والتي انطلقت في الستينات من القرن الفائت في أمريكا وأوروبا وكان أشهر أفعالها الراديكالية خروج النساء عاريات في مظاهرات ليطالبن بحرية التصرف بأجسادهن «أي الزنا». نفس الحجج ونفس التطرف في المطالبات ونفس درجة الإجهار نشهدها بين العربيات والخليجيات النسويات اللاتي يقدن حركة التطرف النسوي الآن في السوشال ميديا.

والمشكلة التي تجعل المتابع يحذر ويتيقظ هو أن المؤيدين للحجج المقتبسة حالياً كثر وأكبر دليل على ذلك التفاعل المذهل الذي تجده كل تغريدة وكل فيديو وكل تصريح يطلق من هؤلاء المتطرفات مما ينذر بوجود قاعدة تكبر يوماً بعد يوم في بلداننا تتعاطف مع هذه الأفكار الغريبة.

لا تخلو بلداننا من مرتكبي المعاصي والفواحش والمحرمات، فنحن لسنا أنبياء ولا معصومين عن الخطأ ولا نعيش في «يوتوبيا» ولا في الجنة وهذا مفهوم. والمعصية والفاحشة يدينهما الدين والقانون في بلاد العرب والمسلمين كلها ولا يفرقان بين ذكر وأنثى. وما ادعاءات النسويات المتطرفات أن مجتمعاتهن تغفر للذكر خطاياه وتقسو على الأنثى في حال ارتكبت نفس الخطأ إلا كذب وزور وإن حدث ذلك في زمن من الأزمان فإنه أصبح الآن من الماضي.

يقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، «كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه»، «متفق عليه».

القادم أصعب فكفانا غفلة!