لعل من أكثر المواقف المستفزة التي نصادفها بشكل متكرر هي الوقوف في مواقف السيارات المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة من قبل الأشخاص المعافين الأصحاء الذين أباحو لأنفسهم حقاً هو ليس لهم.

يزداد ذلك في أوقات المناسبات كالأعياد حيث تزدحم الأماكن العامة وتمتلئ مواقف السيارات خاصة تلك القريبة من المكان المقصود، كما في المجمعات التجارية أو المستشفيات أو الأسواق وغيرها.

وكأن شح مواقف السيارات أو شبه امتلائها يعطي لأولئك عذراً لاستخدام مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما الصحيح أن استخدامها من قبل غير ذوي الاحتياجات الخاصة خاطئ في جميع الأوقات سواء في أوقات الازدحام أو غيرها.

ينبغي أن يضع كل شخص منا نفسه في مكان أحبتنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهل سنرضى حينها أن يقف شخص صحيح في المواقف الخاصة بهم والتي ما خصصت لهم أساساً إلا لحاجة ماسة؟!

إن تخصيص مواقف لذوي الاحتياجات الخاصة في جميع المواقف العامة أو حول المجمعات والأسواق التجارية أو الدوائر الحكومية يأتي باعتبار حاجة هذه الفئة لذلك، وبالتالي ينبغي حماية هذا التوجه الإنساني من خلال التشريعات الرادعة والغرامات المالية الكفيلة بردع من يخالفها.

فالهدف من تخصيص مواقف لسيارات ذوي الاحتياجات الخاصة يتمثل في الأصل في ظروف هذه الفئة التي تستلزم تخصيص مواقف قريبة من مداخل المجمعات أو المباني، لتسهيل عملية دخولهم وخروجهم، وبالتالي فإن الوقوف في مواقفهم ومزاحمتهم فيها يعتبر تعدياً على حقوق هذه الفئة العزيزة على قلوبنا ويستوجب العقوبة الرادعة.

وإذا كانت القوانين وما تشتمل عليه من عقوبات وجزاءات تشكل رادعاً للمخالفين لها في معظم الأحيان، إلا أن ضعف العقوبات وعدم تطبيقها يكون حافزاً لدى البعض على مخالفتها، وهذا الأمر ينطبق على مخالفة الوقوف في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة.

حيث إن هذه المخالفة في التشريع المروري البحريني لاتزال تعتبر من المخالفات المرورية البسيطة التي لا تتجاوز غرامة ارتكابها 20 ديناراً، بينما نجد أنها في البلدان الخليجية المجاورة -كما في المملكة العربية السعودية مثلاً- تبدأ بـ500 ريال وتصل في حدها الأقصى إلى 900 ريال، بالإضافة لحجز المركبة في حال تعذر الوصول للسائق أو عدم تجاوبه.

لذا فإن المطلوب في هذا السياق يتمثل أولاً: في التأسيس لثقافة مجتمعية ووعي جمعي عام بتخطيء من يستخدم مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، والنظر إليه على أنه متعدٍّ ومنتقص من حقوق هذه الفئة.

وثانياً: في تشديد التشريعات الرادعة لمن يخالف ذلك، وهنا يأتي دور النواب الأفاضل في العمل على سن التشريعات أو تطوير التشريعات النافذة بحيث تردع جزاءاتها من يحاول الانتقاص من حقوق أي فئة من فئات هذا المجتمع.

أما الأهم من ذلك فالمطلوب تزويد رجال أمن المجمعات والأسواق والمستشفيات بهواتف نقالة وحثهم على تصوير المخالفات وإرسالها على أرقام تخصصها الإدارة العامة للمرور للتبليغ عن هذه المخالفات تمهيداً لاتخاذ إجراءات عاجلة بحق مرتكبيها، تبدأ بالتنبيه وتتدرج صعوداً حتى فرض الغرامات المالية وقطر المركبة المخالفة.

على أن يفسح المجال أمام المواطنين أيضاً باعتبار أنهم شركاء في تحقيق الأمن المجتمعي لتصوير المخالفات وإرسالها عبر تلك الأرقام التي تخصصها الجهة المعنية للتبليغ، على أن يتم اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة بحق المخالفين.

إضافة لذلك على إدارة المرور القيام بحملات منتظمة لضبط المخالفين بالوقوف في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع مناطق المملكة، للحد من هذه الظاهرة ونشر الوعي المروري بين جميع فئات المجتمع.

* سانحة:

لا نريد قوانين «زينة» لا تتجاوز قيمتها قيمة الحبر الذي طبعت به، بل يجب أن تكون تلك القوانين مفعلة ورادعة. وفي دولة المؤسسات والقانون يجب أن يحصل كل ذي حق على حقه، والمعاق هو من يتجرأ على حقوق غيره دون أن يرف له جفن أو يؤنبه ضمير.