^ دأبت الحركات الانقلابية في البحرين على التأسيس والترويج لمصطلحات مضلِّلة للي الحقائق ولحشرها في الوعي الجماعي قسراً لتصبح تعاريف تلك المصطلحات غير قابلة للنقض والشك والمساءلة بعيداً عن الإطار العنصري المذهبي أو السياسي التي تستخدم لأجله. حشوا رؤوس وعواطف جيل كامل بمصطلحات عنصرية، مثل مجنَّس وسكان أصليين ومرتزق بالتوازي مع مصطلحات تُشحن مذهبياً تحمل دلائل الثأر والانتقام والموت لفلان وعلان وتستبيح الآخر وتدعو لقتله. الاستخدام العنصري الطائفي للمصطلحات جريمة بحد ذاتها فهي تؤسس لوعي شبابي يتقبل الاعتداء على الآخرين وفق رؤية أيدلوجية راديكالية تستعدي هذا الآخر وتحرم حتى حقه في العيش لذا أصبح سحق وسحل وقتل من لا ينتمي لدائرة الحركات الانقلابية الطائفية أمر “طبيعي” يأخذ طابع النضال والواجب العقدي والضحية ليس فقط من يتم الاعتداء عليهم بل أيضاً الأطفال والمراهقين والشباب ممن شوّه “الكبار” عقولهم وأرواحهم واستخدموهم قنابل لغاياتهم السياسية. الكبار هؤلاء لا يهمهم كل ذلك ما داموا قادرين على إعادة ضخ المصطلحات بدلالات ممسوخة وغرسها في وعي صغار الأتباع الذين يقدمون أنفسهم قرابين برضاهم بعد أن تحولوا إلى أداة يتحكم بها العقول المدبرة للدمار بقوة الشحن بالمظلومية وباستخدام المفردات التي تُنفَخ بالكراهية والعداء والحث على اختراق القانون والمواجهة، ثم اعتبار الضحية شهيداً موعوداً بالجنان في تلاعب آخر بالمصطلحات حتى يتمنى غيره أيضاً صفة “الشهيد” فيحذو حذو سلفه. وهناك من يبعد الثوب الديني عن صورته ليلوي عنق مصطلحات أخرى “تقدمية” حتى يستخدمها للأغراض نفسها لكن بعيداً عن شبهة العنصرية والطائفية والتكفيرية التي تسكن خلاياه التي يحاول إخفاءها ببدلة ولباس عصري وذهن حليق... يتشدق هذا بمصطلحات مثل “حقوق الإنسان” أو تُلصَق به صفة “ناشط حقوق إنسان” ليستخدم هذه الصفات والمفرادت للتغطية على جوهر فكره وانتمائه لتيار متشدد شوفيني استبدادي، يحمل ذلك اللقب قبل اسمه ليسهل التحرك ضمن مشروعه الطائفي مستغلاً كلمة “إنسان” و”حقوق” لإيهامك بأن مشروعه إنساني شامل كامل لا يفرق بين دين ومذهب وعرق وأصل. في البحرين ابتلينا بمن يحملون هذا اللقب وهم في الحقيقة لا يهمهم لا إنسان ولا حقوق فعندما وصل أحدهم إلى أحد المصابين سيستثمره لأجندة سياسية أول ما سأل “صورتوه”! قبل سؤاله عن حال المصاب. إنه يستخدم إصابات وجراح ودماء من يحرضهم لمشروع سياسي، وشاهدنا كيف رفض ناشط حقوق الإنسان هذا التطرق لأية حالة لا تنتمي لطائفته، ناهيك عن الأجانب والآسيويين الذين خاطبوه لتسجيل موقف ضد الاعتداءات عليهم ولم يلقوا منه إلا التجاهل لكون المعتدين من جماعته. و”ناشط حقوق إنسان” آخر يخطب أمام الناس مقسماً إياهم إلى معسكر الخير والشر، المؤمنين والكفار، ويحرض على الحرق والتخريب والإرهاب وعدم القبول بأي شيء غير التخريب والمزيد منه عندما خاطب جماعته مطالباً إياهم بالخروج للشوارع إذا “راتبك خلصته نص الشهر”!! فسواء كنت فقيراً راتبك لا يوصلك إلى منتصف الشهر أو كنت مبذراً مسرفاً لا تعرف كيف تدير مدخولك فاخرج أيضاً للشوارع وكسر وخرب لتخدم أجندة ناشط الفوضى والإرهاب هذا. لقد عمل هؤلاء النشطاء وأسيادهم الذين يأتمرون بأمرهم إلى تشويه المصطلحات والمفاهيم واستخدام فنون الخطابة واستغلال العواطف الدينية لتحويل المصطلحات إلى مسوخ فـ«الحرية” هي الفوضى والتخريب والقتل و”تطبيق القانون” وصد التخريب هو ديكتاتورية وقمع تمارسه دولة بوليسية، أما “اختلاف” شركائك في الأرض معك فهو “بلطجة” مدفوعة الثمن... هكذا يصبح التلاعب بالمصطلحات والدلالات وتأصيلها في وعي الناس جريمة خطرة تبدأ منها كل الجرائم الأخرى بحق الوطن ومن يعيش فيه من مكونات وفئات أخرى ترفض تيار الكذب والتلفيق والعداء والقتل والتبرير لكل ذلك تحت كومة من المصطلحات المغتَصَبة المفرَّغة من دلالاتها البريئة.