^ يرى البعض أن المطالبة بالحقوق السياسية، والسعي السريع لمزيد من المكاسب السياسية، هو المهم، بل وهو الأهم، في هذه المرحلة التاريخية الحرجة التي تمر بها البحرين. ليس هذا فحسب، بل يعتقد أصحاب هذا الرأي أنه ليس بالإمكان أن تتحقق أيّ من المطالب الأخرى من دون أن تتحقق كافة المطالب السياسية، فهم يعتقدون أنه في حال استجابة الدولة للمطالب والحقوق السياسية، فإن كل الحقوق الاقتصادية والمدنية الأخرى سوف تتحقق تلقائياً. ربما يكون هذا الكلام مقبولاً بدرجةٍ ما، لكن وفي الحالة البحرينية المعلقة أزمتها السياسية، واحتمالية أن تطول فترة الحل، أو أنه من الممكن أن تصاب بانتكاسات أخرى، لا يمكن في هذه الحالة أن يُعطل الوطن بمصالحه، في انتظار أن تُحل الأزمة السياسية بالكامل، أو ربما لا تحُلّ على المدى القريب، ولهذا لابد من الحراك المتوازي بين ما هو سياسي وما هو غير سياسي. إذا أردنا أن نتحدث ونطالب بالديمقراطية الحقيقية، فإنه يجب أن نستمع للجميع دون استثناء أحد أو مصادرة رأيه في الأزمة السياسية البحرينية، ربما يكون من المفيد أن نجمع كل الأصوات والآراء للوصول إلى حلٍّ توافقي، لسدّ بعض الثغرات التي يخلفها كل السياسيين المأزومين والمهوسين بالسياسة. حين يتحدث كل بحريني عن الحقوق السياسية، وفي كل الأوقات وفي كل الأماكن، يكون من الطبيعي جداً، أن تختفي حقوق أخرى لا تقل أهمية عن تلك الحقوق السياسية، فهناك حقوق الطفل والمرأة والعامل، هناك ملفات أخرى تعنى بتحسين الاقتصاد ووضع التجار والسوق، كذلك هنالك ملفات مصيرية كالإسكان والتعليم والصحة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. إن انسياق المجتمع البحريني وهرولته المفرطة نحو السياسة، جعله ينسى الكثير من الحقوق والواجبات التي تتعلق بمن يريدون (الكفاف) والعيش بأمن وأمان وسلام، فليس كل بحريني (حتى وإن كانوا قلة) يريد أن يفكر كما يفكر الآخرون من طَلاب السياسة وهواتها، فالكثير من أهل هذا الوطن يريدون لقمة عيشٍ كريمة لهم ولأهلهم، من دون أن يُقحموا في عالم السياسة وورطاتها، حتى لو (عُيرِّوا) بمواقفهم (الانبطاحية) وما شاكل من مفردات السياسة القاسية. المسكن اللائق والتعليم المحترم والراتب الوفير، وكل أشكال الحياة السعيدة، هي مطلب أناس كثيرين يعيشون بين ظهرانينا، وفي هذه الحالة يجب على الدولة أن توفر لهم هذا المطلب، بغض النظر عن أزمتها السياسية، فالبحريني الذي يعمل ليل نهار من أجل عياله، والشاب الذي يكدح ويسهر لطلب المعالي والعلم، والمرأة التي تسعى لتربية أبنائها وتوفير مستلزمات الراحة لهم، كل أولئك يريدون مناخات طيبة تطلقها الدولة بعد أن يساهم كل السياسيين الذين لاهَمَّ لهم سوى تطور القرار السياسي في جمعياتهم وتحقق أجندتهم. إذا غفلت أو تغافلت كل القوى السياسية في ظل انشغالها بتحقيق مكاسب سياسية لها، فإنه لا يجوز للدولة أن تغفل عن تطوير وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية، كما نلاحظ أن الأزمة البحرينية عطلتْ مشاريع كثيرة متعلقة بحقوق الطفل والمرأة والمتقاعد، أي عطلتْ (الحلقات الأضعف في المجتمع)، ومن هنا وجب الدفع بإحياء كل حق ضاع خلف حقوق السياسيين في هذا البلد الذي لم يعد يعرف (الصامتون) فيه، ساسهم من كرياسهم... والله المستعان.