^ “الوفاق” كل يوم لها تجارة، وكل يوم لها نوع من البضاعة واليوم بضاعتها “حياة الخواجة ومرض مشيمع”، ولابد للتاجر أن يدلّل على سلعته، ويُقنع الناس ببضاعته حتى لو كانت فاسدة. فالمهم أن يجني المال فلا يهمه إن مات ذاك أو تسمّم هذا أو قُتل، مادام الهدف أن يكون للبضاعة مردود. وكما تعلمون، إن الوفاق تفرّدت بتجارة الأرواح، وذلك كما يفعل الساحر لإرضاء شياطين الجن بسفك الدماء وتقديم القرابين والعرابين، وهو الأمر الذي نراه في أسلوب “الوفاق” التي استخفت بحياة المواطنين البحرينيين سُنة وشيعة، فدفعت بهم إلى الهلاك، فأما موت الشباب فهو توثيق لتقارير وتأييد لادعائها بأن الدولة تقتل الشعب، وأما تعمُّدها بتهديد حياة المواطنين على الشوارع، وأما قتلها لرجال الأمن فهو تحريض على سفك الدماء عندما يتصادم السُنة والشيعة. وبسقوط الضحايا يكون المشهد كافياً ووافياً للمجتمع الدولي بأن يتدخل عسكرياً في البحرين، أي أن “الوفاق” اليوم تسير على الاستراتيجية الصفوية التي لا تقوم إلا على سفك الدماء، التي تؤمن بأنه كلما تضاعف عدد الجماجم البشرية استطاعت أن تحكم العالم. إن تحميل “الوفاق” السلطة مسؤولية مرض مشيمع وإضراب الخواجة عن الطعام، في تصريحاتها تحت عنوان “السلطة تسترخص أرواح الرموز المعتقلين”، ما هو إلا استكساب سياسي تزايد عليه “الوفاق”، فلا يهمها إن هلك الخواجة، وذلك عندما يكون الخواجة بالنسبة لها قد انتهى دوره، وإن موته يزيد من رصيدها عند المنظمات الحقوقية التي تنصحها دائماً بأن تكون في يدها أدلة ووثائق تمكِّن هذه المنظمات أن تدين البحرين في مجلس الأمن، وكما لا يهمها هلاك مشيمع بمرضه، وذلك عندما يكون التقرير الذي سيقدم للمنظمات الحقوقية، بأنه قد منعت عنه السلطات العلاج، وهو ما تردده “الوفاق” في معظم تقاريرها التي قُدِّمت للمنظمات الأجنبية عندما تُوفي عدد من الأشخاص سواء كانوا في السجن أو المستشفى أو بيوتهم، بأنهم ماتوا بسبب منع العلاج أو تأخره. فالموت عند “الوفاق” هو بضاعة تستثمرها لأجل تحقيق مشروع الوصول إلى السلطة حتى وصل الأمر بها أن تقف حائلاً دون استلام جثث الموتى بسبب تقرير طبي، ومثال على ذلك بأنه حتى اليوم لم يدفن الميت الذي أصيب بطلق ناري، وذلك حين أصبح المواطن البحريني لا يعدو بالنسبة لها أكثر من سلعة تستثمر فيه وفي أهله وفي حياته وسجنه إلى موته، وما بعد موته. إن استهانة الوفاق بحياة الناس يتمثل أيضاً حين أشاعت بأن رجل الأمن الذي تم دهسة حتى الموت، لم يكون سوى دمية، نعم فلقد أنكرت حركة أعضائه وهو يلفظ أنفاسه، وكذبت أوصاله المتقطعة وثيابه الممزقة، وقالت إنه ليس إلا عملية مفبركة استخدمت فيها دمية، كما تجاهلت قتل زهرة صالح التي قذفت بالسيخ في رأسها وسارعت بنعتها شهيدة، ثم ما لبثت أن شطبت اسمها، وذلك عندما علمت بأن زهرة ليست منها وأن قتل زهرة يضر تقاريرها ويفسد تجارتها التي حاولت أن تكون قوائمها خليطة بين شباب ونساء وأطفال، بل وزادت عليهم الموتى الذين عللت سبب موتهم غاز مسيل الدموع، ولم تكتفِ بهذا بل زادت عليه بحبس الميت وببقائه في ثلاجة الموتى حتى يتم استلام شهادة موته كسند توثقه في التقرير الذي ستصل نسخة منه إلى المنظمات الأجنبية وإلى حكومة طهران قبل أن تصل إلى يد أهله. ولم يتوقف استثمار الوفاق للموت بل زادت عليه استثمارها للمرضى فلم تترك مريضاً مات من مضاعفات ربو أو فشل كلوي أو سرطان وحتى حوادث السيارات، فحولت شهادة وفاتهم إلى ملفاتها الحقوقية كضحايا قامت السلطة بقتلهم، وأصبحت ملفاتها مشحونة بآلام المرضى وآهات أهاليهم وحسرتهم على أبنائهم الذين ليس لهم خيار إلا أن يستسلموا للوفاق، لأنهم يعلمون أن مخالفتها هو إعلان حرب عليهم قد يخسرون فيها أملاكهم، ويصبحون ملعونين بين أهل المنطقة وعرضة للمضايقات في كل مكان ومناسبة. إن استثمار “الوفاق” في الموت ومرض المواطنين ما هو إلا دليل إفلاس، حين خرجت من المؤامرة الانقلابية مهزومة ليس لديها قوائهم قتلى، أو جرحى مقطوعة أرجلهم أو مقلوعة عيونهم، فلم ترَ أمامها وسيلة إلا أن تخلق قوائم موتى ومشاهد مفبركة من صور التعذيب كآثار جروح مندملة أو تشريط سطحي، حتى تخرج بأن لديها ثورة شبيهة بالثورة السورية التي لم تحتج إلى خلق قوائم موتى، ولا فبركة جرحى ولا تصوير فوق السطوح، إذ إن البث المباشر الذي يُظهر آلة النظام السوري وهي تقتل الشعب مشاهد لا تستطيع أن تأتي مثلها “الوفاق”، وقد حاولت الوفاق صنع هذا المشهد أثناء احتلال الدوّار إلا أنها لم تُجِد الفبركة حين خرج مناضلها وقد طلى صدره باللون الأحمر، إذ إن ما يحدث في البحرين صورة معكوسة حين تكون الضحايا رجال الأمن والمواطنين، فلذلك تكون المسؤولية مضاعفة على “الوفاق”، حين تحاول تبرير استهداف أرواح رجال الأمن وقطع الشوارع بأنه دفاع عن النفس، والقمع الذي تزعم أنه يمارس ضدها، ولذلك لابد أن يكون لديها بالمقابل ضحايا تُقدَّم كدليل قمع وإبادة يستدعي تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، والذي ناشدت من خلاله في تصريحها بسرعة التدخل، وأنها لاشك تتمنّى اللحظة التي تحدث فيها مضاعفات صحية لمن تسميهم رموزها المعتقلين، ولن تبالي إن كانت هذه المضاعفات قد تؤدي إلى هلاكهم، فالمهم هو الربح الذي ستجنيه تجارتها بعد أن تضارب بأرواح المواطنين في بورصة طهران.