يقول مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات والأقليات الدينية علي يونسي في منتدى الهوية الإيراني: «إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما الماضي إن جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكك لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد وهو أمر يجب التنبه له من قبل القوى والتيارات العراقية حفاظاً على العراق والعراقيين».

نعم أحياناً تكون الأقوال أقوى من الأفعال في بعض المواقف ولذا بناءً على هذا القول لمستشار الرئيس الإيراني هل نصدق نحن كعرب أن ما تم ويتم في العراق من حراك سياسي هو حقيقة أم إعادة تكرار للنموذج اللبناني الحليف لإيران؟ هل نصدق بعدها أن يمر أي قرار عراقي بدون أن يمر على الولي الفقيه في النظام الإيراني؟ نخشى أن يكون ما تم في العراق من حراك سياسي لم يكن إلا «مسرحية» تمت لتكملة المشهد السياسي وبذلك يصبح العراق في صورة دولة أمام العالم لا حول لها ولا قوة وخاصة أن «الفبركة» التي تمت في العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وتعاقب ثلاث حكومات عليها تمت بشكل صوري سليم بحيث لا يدقق فيها من لديه إلا من يكون لديه القليل من الشك حيث جرت الانتخابات على جميع المراكز القيادية سواء رئيس دولة أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس النواب حيث إن العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003 وأصبح العراق حيث من غير الممكن التحدث عن التطورات السياسية والأمنية في العراق دون ذكر التأثير الإيراني فيها.

لذا يمكننا أن نطلق على كل ما تم ويتم في العراق بعد «البروباغندا» التي مر بها العراق منذ ذلك التاريخ بـ «لبننة العراق» من قبل النظام الإيراني حيث الرئيس كردي ورئيس مجلس الوزراء مسلم شيعي ورئيس البرلمان مسلم سني وتصبح الصورة مكتملة ويصبح العراق تحت وصاية الولي الفقيه في إيران وهذا هو الاحتمال الأرجح في رأيي خاصة أن الموقع الجغرافي للعراق كدولة لها حدود مع إيران حيث أصبح الإيرانيون الآن يقومون بزيارة أماكنهم في كربلاء بدون إجراءات رسمية.

أن النظام الإيراني هو أحوج ما يكون وخاصة وهو في هذه الظروف الاقتصادية والسياسية الآن إلى الحاضنة العراقية حيث وصلت العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي فرضت عليه إلى حد جعل من متخذ القرار في إيران يجلس ليفكر على صفيح ساخن ولسوف تستمر العقوبات الاقتصادية لفترة طويلة وهنا سوف تظهر لنا حقيقة العلاقات الإيرانية العراقية ونعرف عندها مع من يقف رئيس الوزراء العراقي مع النظام الإيراني الذي نهب وسلب في العراق وقطع الكهرباء والماء عن أهل السنة في نينوى ومدن أخرى كلهم من أهل السنة، هنا يمكن القول بأن القرار العراقي ليس بيد العراقيين ويصبح العراق تحت المظلة الإيرانية ويصبح متنفساً لإيران اقتصادياً وسياسياً وبذلك تنكشف هوية النظام العراقي متمثلة في رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

إن رموز النظام الإيراني يتصرفون كيفما يشاءون بالقيادات الشيعية العراقية وأصبح العراق ضعيفاً من حيث القرارات السياسية والاقتصادية والعسكرية ومنهاراً من حيث مؤسسات الدولة التشريعية والقوية وكتكرار للنموذج اللبناني يصبح الجيش العراقى جيشاً ضعيفاً ويظل يرزح تحت هذا النظام وهنا يدخل العراق في نفق مظلم.

نعلم علم اليقين أن العراقيين يمكن أن يكونوا على طريق وخطى لبنان الثانية في المنطقة وخاصة أن عراق اليوم ليس كعراق الأمس حيث أصبح ساحة مفتوحة للصراعات الدولية والإقليمية وكلها على حساب ومصالح الشعوب وسيادة العراق مع التذكير بأن ذلك يجري بالتزامن مع حملات حشدية عراقية وحرسية ثورية إيرانية وعلى مرأى الحكومات العراقية المتعاقبة ومسمعها لتنفيذ مخطط تغيير ديمغرافي كما فعل في سوريا عندما قام بالتطهير العرقي فيها وكان يهدف إلى إسكان أسر موالية بدل أهلها السنة المعروفين برفضهم الثابت والمبدأي للاحتلال الإيراني وذلك من أجل ضمان ولاء هذه المدن والقرى الكامل لدولة الولي الفقيه سواء في سوريا أو العراق وإدخال العراق ضمن حزام حماية القوافل الإيرانية العابرة إلى سوريا ولبنان وكذلك لحرمان أمريكا وحلفائها العرب الآخرين من فرصة استخدام سكان تلك المناطق لكسر الهلال الشيعي الفارسي الممتد من إيران وحتى شواطئ البحر الأبيض.

وتكملة لنوايا النظام الإيراني أصبح كذلك يرى في مقتدى الصدر وجيشه المهدى قوة كبيرة وأفعاله من الآن وصاعداً وإن كان مقتدى يظهر عكس ذلك لكنه في الحقيقة سوف يكون مثل حسن نصر الله والمقاومة اللبنانية في «حزب الله» لأن مقتدى الصدر وجيشه المهدي مطيعون لإيران أكثر من القيادات السياسية الأخرى كحزب الدعوة ومجلس الأعلى وقيادة البدر وحزب الفضيلة وأحزاب شيعية أخرى وفى نفس الوقت الصدر والصدريين مسيطرين على الجماهير العراقية والشارع العراقي في المدن الكبرى وخاصة في بغداد العاصمة المظاهرات والحشود الشعبية في ساحة التحرير وأمام منطقة الخضراء الحكومية منذ شهور دليل واضح على قوة وجماهيرية مقتدى الصدر وأنصاره في الشارع العراقي والشيعي.

علاوة على أن العراق إذا ظل كما هو عليه الوضع الآن لن يستطيع أن يقوم بدوره على المستويين الإقليمي والدولي ويكون محققاً للأمن العربي في البوابة الشرقية كما كان في حربه مع النظام الإيراني عام 1980؟ حينها لن يستطيع رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أن يتخذ قراراً دون الرجوع إلى الولي الفقيه؟ وإذا كنا كعرب نتوقع أن عادل عبدالمهدي أفضل من الذين سبقوه في رئاسة الوزراء لأنه قام بزيارات متعددة إلى كل من الكويت والسعودية ودول أوروبا فذلك ليس لأن باعتباره هو الأحسن لكن ذلك من باب ذر الرماد في العيون فهو ليس بأفضل عن من سبقوه ولننتظر القادم من ما يستجد على الساحة.