تم مؤخراً الاحتفال بمئوية البلديات احتفالاً بمرور 100 عام على انطلاقة العمل البلدي في مملكة البحرين، غير أن المراقب لوضع أسواقنا المركزية -وهي واحدة من صميم اختصاصات العمل البلدي- سيجد أنها محلك سر!

إذ لا اهتمام جدي بها ولا تطوير طالها أو تغيير جذري استهدف تحسين أوضاعها، وذلك على الرغم من عدم تطلب تطوير تلك الأسواق المركزية أو تنظيمها لميزانيات ضخمة قد يعيق عدم توافرها ذلك التطوير المنشود.

وعطفاً على مقالنا الأخير بهذا الشأن، أستأنف اليوم الحديث عن سوق المنامة المركزي باعتباره أهم الأسواق المركزية في البلاد لتمركزه في قلب العاصمة وباعتباره واجهة حضارية وتجارية وسياحية لها. إن تطوير هذه السوق لا يتطلب موازنات ضخمة بقدر حاجته إلى توافر الرغبة الحقيقية والجدية من قبل الجهة المعنية بإصلاح حاله، ويبدأ ذلك بتطبيق القانون على الجميع.. الجميع دون استثناء أحد.

ويمكن حل معضلة «الموازنات» من خلال إسناد عملية تطوير السوق إلى شركات استثمارية بنظام الانتفاع المؤقت، تماماً كالنظام الذي تعتمده البلديات في استثمار أراضيها من خلال عملية الانتفاع المؤقت بمدة معينة ثم تعود إليها.

أما البدء في التطوير فينبغي أن ينطلق من ضرورة العمل على بحرنة السوق بنسبة 100% وإقصاء العمالة الآسيوية منه، وإذا كان لابد من وجودها فيجب أن يكونوا تابعين لتاجر بحريني حتى تسهل عملية محاسبته في حال المخالفة.

ولعل ذلك يحقق عدة أهداف منها الحد من نسبة البطالة من خلال تأجير الفرشات على بحرينيين عاطلين، كما أن تواجد العنصر البحريني في السوق يعكس وجهاً حضارياً للبلاد على خلاف تواجد غيره من الجنسيات الأخرى.

أما بالحديث عن التوجه إلى رفع إيجارات الفرشات، فإننا من المؤيدين لهذا التوجه شريطة أن يتوازى ذلك مع عملية تطويرية شاملة تستهدف ترتيب وتنظيم السوق وتنظيف الفرشات ووضع حدود صارمة للانتفاع بها.

كما أنه من الضرورة بمكان تخصيص مكتب عمليات مشترك في السوق يضم ممثلين عن مختلف الجهات المعنية به، ومن بينهم مفتشون من وزارة شؤون البلديات وبلدية المنامة، وقسم النظافة، وهيئة تنظيم سوق العمل، والإدارة العامة للمرور، ووزارة الصحة. فلو وجد مثل هذا المكتب لطبقت الأنظمة وسارت الأمور بسلاسة وتنظيم فيه، ولخشي المخالفون من مجرد المخالفة.

وفيما يتعلق بمقر هذا المكتب، فيمكن الاستفادة من مركز شرطة النعيم أو هيئة تنظيم سوق العمل القريبين من السوق كمقر مؤقت للمكتب.

يخبرني أحد الأحبة أن هذه السوق كانت في أول أيامها محط اهتمام الهيئة المركزية للبلديات، حيث تم آنذاك تخصيص دوريات مرورية راجلة في كل أرجاء السوق القديم على الرغم من أنه لم يكن سوى مبنى بسيط حتى أوائل الثمانينات، أما الآن وقد كبر وأصبح مترامي الأطراف فإن الحاجة باتت ماسة أكثر من أي وقت لتواجد مثل تلك الدوريات الراجلة لتسيير الحركة فيه.

وبالحديث عن مخالفات العديد من الباعة الجائلين الذين يعمدون إلى بيع الفواكه والخضروات في العربات ومعظمها تالف، فعوضاً عن كونها عمالة غير نظامية وسائبة، فهم يضايقون مرتادي السوق بتلك العربات.

ومن البديهي أن جميع الجهات ذات العلاقة تعرف بهذه المشكلة ومنذ سنوات عديدة -وإن لم تكن تعرف فالمصيبة أعظم- وبإمكانها حلحلتها بكل سهولة إن أرادت، من خلال غلق مداخل السوق والقبض على تلك العمالة غير النظامية ثم البحث عن كفلائهم ومحاسبتهم.

هذا إضافة إلى ضرورة تقنين العمل في السوق حصراً على البحرينيين من ذوي الدخول المحدودة ومنع توارث الفرشات، حيث إنه من الملاحظ أن الكثير من الفرشات يمارس العمل فيها أجانب بعد وفاة مؤجريها الأصليين.

الحديث عن هذا الموضوع يطول ولنا وقفات أخرى بشأنه في مقالات أخرى قادمة بإذن الله، والمسؤولية تتحملها عدة وزارات وجهات حكومية يجب أن تتكاتف وتتكامل جهودها من أجل تطوير الأسواق المركزية بما يعكس وجه البحرين الحضاري وهو الهدف الذي ننشده جميعاً.