افتتحت الملكة رانيا العبدلله اليوم في مركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في البحر الميت فعاليات ملتقى مهارات المعلمين الأول في الوطن العربي، والذي يقام بتنظيم من أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين.
وأمام وزير التربية والتعليم الإماراتي حسين الحمادي ووزير التربية والتعليم الأردني الدكتور محمد ذنيبات وأكثر من 700 تربوي من الأردن ومختلف الدول العربية، أكدت جلالتها خلال كلمتها الافتتاحية على أن المعلمين هم "المحرك الرئيسي في العملية التعليمية، والذي إن توقف عن الدوران والتطوير توقفت العملية التعليمية بأكملها، خصوصا في عصرنا هذا. فهو عصر إن لم نواكب فيه الركب العالمي وتطوره السريع سنبقى على هامش الطريق متفرجين".
وقالت الملكة على المعلمين تحديث علومهم باستمرار، وتبني الأساليب التي تتماشى مع متطلبات العصر، والاطلاع على المؤثرات التي يتعرض لها طلابهم.
وأشارت إلى أن دور المعلم تغير اليوم "من ناقل للمعلومة إلى خبير وموجّه فهو يرشد طلابه نحو المصادر، والتجارب التي تبرهن النظريات، يحثهم على البحث والربط، ويحفز عقولهم بأسئلة توقظ فضولهم وتشعل فتيل المعرفة".
وأضافت العلم هويتنا، هو حدودنا، وأفقنا. والطلاب ليسوا وعاء نملؤه بمعلومات وتلقين، بل شعلة نضيئها.
وقالت مخاطبة المعلمين "اليوم في ظلّ الانفتاح على العالم، وما تتيحه مواقع التواصل، وتأثيرها الواضح على تشكيل شخصية هذا الجيل، تتعاظم مسؤولياتكم، فأنتم أقرب الناس لأبناء المستقبل وأكثرهم تأثيراً فيهم".
وأضافت "وبالتقرّب إلى طلابكم، وفهم حاجاتهم النفسية، تغربلون المؤثرات الخارجيّة وتساهمون في رفع ضررها. تعلمونهم انتقاء المفيد، وتسخير التكنولوجيا لبناء الذات والاستفادة من العلوم. ففي بحر الإنترنت الشخصيات ثنائية الأبعاد.. أو ثلاثيّة في أحسن الأحوال، وتأثيرها سطحيّ إذا ما قورن بتأثير شخص يتحدث للطلاب يوميا وجها لوجه، يسير بجانبهم ويشاركهم ثلث يومهم. يكتسب ثقتهم بصدقه ووفائه لوعوده والتزامه وشجاعته".
وأشارت الملكة رانيا إلى أن "الطالب بحاجة لقدوة يعجب بها، فهم يتعلمون برصدهم وتقليدهم لقدوتهم مثلما يتعلمون من الكتب"، مؤكدة أن المعلم هو خير قدوة وأكبر مؤثر في أبنائنا وأنفعهم لهم.
وقالت "على المعلم أن يكون شجاعا وأن يكون طموحا، فيطمح لتخريج طلاب متميزين، يطمح لأن يكون القدوة التي ترشد الطلاب وتنمّي قدراتهم. على المعلم أن يرفع سقف توقعاته من طلابه.. ليحاولوا الوصول إليها. فكلما آمنتم بقدراتهم ازداد طموحهم وتحقيق ذاتهم".
وأكدت الملكة رانيا على حاجة وطننا العربي للطموح والإيمان بقدرات أجيالنا والخروج من دوامة لوم التعليم على ما يعصف بنا من جهل و بطالة وطائفية وتطرف وغيرها.
وأضافت "ما أحوجنا إلى النظر للتعليم على أنه فرصتنا، فالناس يستثمرون في الفرص ويؤمنون بجدواها أكثر من محاولتهم لحل المشاكل".
وقالت إن التعليم "قد لا يكون الحلّ الأوحد لكل مشاكلنا.. لكنني أؤمن بأنّه إن كانت هناك فرصة لإصلاح معظم مشاكلنا، فهي بالتعليم. وإن كان هناك وقت نحن في أمسّ الحاجة لنهضة تعليميّة نحصّن بها أجيالنا، فهو الآن. وإن كانت هناك مهنة تستطيع أن ترتقي بمستقبلنا ونوعية حياة أجيالنا، فهي التعليم".
وأضافت "أيّها الأفاضل... مهنتكم هي الأهم ودوركم عظيم في توجيه وصقل هوية أجيال أمتنا، في تنشئة جيل يحترم الحياة وقدسيتها. في تنشئة الأجيال على قيم التعايش والحوار. في تنمية الشخصية العربيّة المتكاملة القادرة على الرّيادة والابتكار. جيل تهيأ لتطورات السوق العالميّ والمنافسة فيه. مسؤوليتكم كبيرة وثقتنا فيكم عالية".
وقدمت الملكة رانيا الشكر للشركاء والداعمين لتقديم الدعم للأكاديمية، والمعلمين المشاركين على اهتمامهم بنموهم المهني وتحديث أساليبهم والاستزادة من العلم.
وقال مدير أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين هيف بنايان إن هذا الملتقى الذي يجمع نخبة من المعلمين والتربويين يهدف إلى تداول الخبرة والمعرفة وإتاحتها للجميع من أجل تمكين المعلمين من تحقيق أعلى درجات المعرفة الإثرائية داخل الغرفة الصفية وخارجها، وقد جاءت فكرته ضمن إطار تشاركي لتعظيم دور المعلم للتأثير في تحصيل الطالب العلمي.
وأضاف "منذ إطلاق أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، بالتعاون مع كلية المعلمين في جامعة كولومبيا قبل خمس سنوات، تم رفد ما يزيد على عشرين ألف معلم من مختلف مدارس المملكة بأفضل الخبرات لبناء قدراتهم، وإطلاق العديد من البرامج المتخصصة في العلوم والرياضيات واللغة العربية والإنجليزية وبيداغوجية التعليم".
وأشار إلى أن العديد من الدول العربية وضعت ثقتها بالأكاديمية للاستفادة من خبراتها، مؤكدا على سعي الأكاديمية وبنائها شراكات مثمرة مع جهات مانحة كوكالة الإنماء الأميركية USAID والحكومة الكندية DFATD، بالإضافة لمؤسسات عالمية مثل اليونيسكو والبكالوريا الدولية وعدد من الجامعات العربية والأجنبية.
وجرى خلال الافتتاح عرض فيلم قصير للتعريف بالملتقى وما يتضمنه من محاور. وحضرت الملكة رانيا العبدالله جلسة حوارية شارك فيها المديرة العامة للبكالوريا الدولية الدكتورة سيفا كوماري ومديرة برامج إعداد المعلم في كلية التربية/ جامعة هارفرد كاثرين ميرزث والبروفسور في قسم الأنظمة الهندسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ريتشارد لارسون و رئيس مجلس إدارة أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين الدكتور تيسير النعيمي.
وناقشت الجلسة دور المعلم والعوامل المؤثرة على ما يقدم، وكيف يمكن التعامل مع تلك العوامل من خلال تطوير مهاراته ومتابعة المستجدات وما يخدم دوره كموجه ومشرف وليس كملقن للمعلومة.
كما ناقشت الجلسة احتياجات المعلم وكيفية تلبيتها ودور الملتقى في المساهمة بتلبية جزء منها.
وتستمر جلسات الملتقى على مدار يومي السادس والسابع من ديسمبر، وسيركز على تزويد المعلّمين بآليات تعليم وأساليب تدريسية يمكن تطبيقها مباشرة، حيث يهدف المؤتمر بشكل أساسي إلى توفير حلول تربوية قابلة للتطبيق في غرفة الصف.
ويوفر هذا الملتقى قاعدة فريدة للمعلمين والعاملين في مجال التعليم لتبادل الخبرات وحضور ورشات عمل يقدمها خبراء تعليم بأساليب جديدة ومبتكرة.
كما سيبحث الملتقى محاور تتناول ضرورة بحث الآليات والأولويات التعليمية التي من الممكن أن تلبي احتياجات العالم العربي لتطوير أداء الطلبة.
وسيتخلل الملتقى الذي يعقد بالتعاون مع منظمة البكالوريا الدولية (IB) وشركة تكساس إنسترومنتس للتكنولوجيا (TI) جلسات افتتاحية وورشات عمل وأنشطة يديرها معلمون وخبراء، ومعارض وأنشطة عملية وجلسات تأملية، وتأتي الجلسات مبنية على خمسة محاور أكاديمية هي الرياضيات والعلوم والقراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية والتكنولوجيا في مجال التعليم وبيداغوجيا التدريس.