عندما تتجه إلى الفكرة التي طرأت في بالك لتطبقها تجد أنها غير قابلة للتطبيق في الواقع، ومع ذلك تصر على أنها قابلة لذلك مع بعض التغيرات الطفيفة عليها، فتبدأ باستعراض تلك الفكرة مع دائرتك الضيقة لتجد نفسك قد دخلت في صراعات مع داخلك ومن حولك لإثبات نظرية قابلية تلك الفكرة للتطبيق في واقعنا الصعب والوضع الحالي.

وبعد معاناة طويلة وصراعات ونقاشات كادت ألا تنتهي استنفدت فيها طاقتك في النقاشات والجدل والقيل والقال يصيبك الخمول والإرهاق كون طاقتك قد تبددت بلا طائل.

فتطيل التسويف حتى تفتح عينيك وأنت تبحر في مواقع التواصل على أن فكرتك تلك قد أصبحت على أرض الواقع وهي فكرة ناجحة مع تلك التعديلات التي كنت ستضيفها. فتتحسر على وقتك الذي بذلته في التفكير، ثم تتحسر على طاقتك التي بددتها في النقاشات مع الناس الذين حولك وهم ليسوا أهل الخبرة بذات المجال، ثم ستتحسر على فوات الفرصة التي لا تأتي كل مرة.

لتتعلم درساً وهو اغتنام الفرص والاستعداد لها، فكما قال الإمام علي كرم الله وجهه.. «اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب».

وهنا نأتي لسؤال مهم جداً وهو: هل الفرص تُصنع أم تأتي؟

يقول علماء الإحصاء إن الفرصة التي تأتي تُقدر نسبتها 2/1000 أي أن احتمالية حصولها ضئيلة جداً، بينما صناعة الفرص هي ما يجب أن يفهمه الشباب المقبلون على سوق العمل ابتداءً من معرفة عيوبك التي تتجاهلها أو لم تسأل نفسك عنها وانتهاءً بمهاراتك الشخصية المختلفة سواءً فنية أو اجتماعية أو على أي مهارة تمتلكها وتحتاج إلى صقل. فلا تنتظر معارض المهن لتركض نحوها وكلك أمل بأن تعثر على وظيفة هناك إذا لم يكن هناك ما يميزك في وسط آلاف الخريجين الباحثين عن وظيفة، كما لا تستغرب أن بعض الشركات تشارك في هذه المعارض من أجل «البرستيج» لا أكثر ولا أقل، وتتغنى بشعارات البحرنة وأولوية المواطن ولكنها في نهاية المطاف تبحث عن الأيدي العاملة الأجنبية لأنها أرخص وربما لأنها تستطيع الاستغناء عنها متى ما شاءت.

ولربما تشارك نفس هذه الشركات في معارض توظيف غير مرخصة بحثاً عن الأيدي العاملة التي تناسب معاييرهم بعيداً عن سياستهم العلنية وبعيداً عن ابتساماتهم الصفراء في معارض المهن التي تقيمها وزارة العمل.

مع تحيات.. صاحب فرصة أصابت القائم وليس لتلك الإصابة قيمة فهي لم تسفر عن هدف..