أكتب هذا المقال وأنا أحمل جميلاً لجيل عريق من عمالقة الأدباء والكتاب البحرينيين، هم من أسسوا الحركة الثقافية في البحرين وعلى يدهم تأسس صرح ثقافي قوي باقٍ اليوم وحتى الغد هو «أسرة الأدباء والكتاب».

اليوم لا أكتب بصفتي عضواً في مجلس إدارة أسرة الأدباء والكتاب ولكن بصفتي من الشباب الذين احتوتهم الأسرة وطورتهم ولمست مواهبهم الفكرية والكتابية والثقافية، ومن واجبي أن أفرد عمودي اليوم لقول القليل من الكثير، ولو أن هذا قليل في حق الأسرة التي احتوت وربت وطورت وأوصلت من أوصلت إلى الشهرة.

إن بداية تعارف مؤسسي أسرة الأدباء والكتاب في بداية الستينيات كان عن طريق دفاتر جميلة يكتبون فيها محاولاتهم الأولى وإبداعاتهم كما كان يكتب الشاعر قاسم حداد في دفتره «السيمفونية الساموراء»، وكما كان يكتب علوي الهاشمي في دفتره الجميل «تجربته الشعرية» وفِي دفتر آخر «كلمات وأغنية» لتمرر هذه الدفاتر على أناس كثيرين يضعون تعليقاتهم في الصفحات الأخيرة المخصصة لكتابة التعليقات، ثم جاءت جريدة الأضواء عام 1965 لتجمعهم وتكون بذرة جميلة، يكتبون فيها وهم لا يعرفون بعضهم إلا كأسماء، وكانوا يعرفون فقط كتابات بعضهم البعض، فهذا كان يكتب وهذا يرد عليه، ومن هنا كانت بذرة تأسيس الأسرة، لتأتي بعدها مجلة «هنا البحرين « ليتعرفوا هؤلاء الكتاب على بعضهم البعض كأشخاص وذلك عن طريق مسابقة المجلة والتي من خلالها وعند إعلان نتائج الفوز بالتحديد، ليجتمع جميع المتسابقين في احتفال عشاء الفوز، فيكون التعارف عن قرب، علوي الهاشمي وقاسم حداد ومحمد عبدالملك وعلي عبدالله خليفة سواء من يفوز في القصة أو الشعر، ومحمد جابر الأنصاري وعبدالرحمن رفيع والشيخ عيسى بن راشد آل خليفة وأحمد كمال من ضمن اللجنة المحكمة.

ثم تأتي بعدها شرارة فكرة تأسيس الأسرة من الكاتب محمد الماجد فيجتهدون من أجل تحقيق حلم تكوين هذا الصرح الثقافي الكبير فيتجمعون ويخططون ليأسسوا أسرة الأدباء والكتاب عام 1969 بفضل جهود هؤلاء المؤسسين 16 وكان أول رئيس لها الدكتور محمد جابر الأنصاري .

نعم بدأت الحكاية منذ خمسين عاماً بجيل كانوا شباباً يحفرون دروباً وعرة لتأسيس هذه الأسرة التي ترونها اليوم، أمسيات أدبية ثقافية وحراك شعري مليء بالحماس والموهبة، ينادون كل من لديه موهبة أو بادرة ثقافية للانضمام والمشاركة وتقديم ما لديهم في جو من النقد الشفاف من أجل صقل تلك المواهب.

من المؤسف أن نرى هجوماً أعتبره «حاقداً» -واعذروني على هذه الكلمة- في وقت تحتفل فيه أسرة الأدباء والكتاب بيوبيلها الذهبي، فبدلاً من أن نجازي هذه المؤسسة الثقافية الرصينة الأولى في البحرين بكل الشكر والتقدير، يكون هكذا رد الجميل، فهي أسرتكم أيها الأدباء والكتاب والتي احتوت جميع أبنائها باختلاف مستوياتهم وتوجهاتهم الثقافية والفكرية والأدبية واستطاعت تجاوز الكثير من المشاحنات والتيارات السياسية لأنها منذ تأسيسها استبعدت السياسة وركزّت على الإبداع والكلمة من أجل الإنسان.

أي أنانية تتكلمون عنها والأسرة تتمنى حضوركم ومشاركتكم وإبداء أفكاركم، ولكن يبدو لي أن السبب مختلف جداً، فحينما تعتذر الأسرة عن طباعة أو نشر ديوان أو رواية نظراً لكون هذا النتاج الأدبي المقدم إليها دون المستوى المطلوب، علماً بأن هذا الاعتذار ناتج عن تقييم لجنة مختصة تقيّم الأعمال المقدمة للنشر باسم الأسرة ولا ترضى أن ينشر باسمها ما لا يستحق النشر، ولكن من حق مقدم هذا العمل الأدبي أن ينشر عمله مع أية مؤسسة أو دار نشر أخرى، لقد أوجدت الأسرة ومازالت جواً من الحب والرعاية والاهتمام لجميع شبابها ومبدعيها، ولكن يبدو أن هناك طيوراً تغرد خارج السرب.

عندما كتب يوسف الشيراوي رحمه الله مقالاً في جريدة الأضواء يناشد فيه الشباب المؤسسين لأسرة الأدباء والكتاب كونهم لمعوا في المجتمع البحريني بمقال تحت عنوان «من أنتم» ليثبتوا أنهم هم من وضعوا اللبنة الأولى الثقافية والأدبية، ولكن اليوم السؤال يتكرر في ذهني لكم أنتم يا من تنتقدون ولا تعملون، وتقترحون ولا تنفذون، ويا من نعتبركم الأصدقاء والأعضاء في الأسرة.. من أنتم؟؟ وأين أنتم؟؟

من أنتم لتطالبوا بحل الأسرة؟ وأين أنتم من جيل أسس ويؤسس؟ وأين أنتم من أسرة بُح صوتها وهي تنادي الشباب؟ من أنتم في صرح ثقافي لا تحضرون حتى فعالياته ولا تساهمون ولو بالقليل وهو مقبل على احتفال الخمسين عاماً منذ تأسيسه.

نحن جميعاً مسؤولون، وندرك أن المسؤولية يزداد حجمها مع الأيام، وهي ليس مسؤولية مجلس الإدارة وحده ولكنها مسؤولية الجميع في وقت تحتاج فيه الأسرة إلى جهد الجميع، وفكر الجميع، فأين دوركم من كل هذا؟

إن الأسرة كيان أدبي راسخ وسيبقى راسخاً صامداً، ومن المخجل أن تقف الأسرة بجانبكم تساندكم وتشهركم في الوقت الذي لم يكن يعرفكم فيه أحد، فتتجاوزونها الآن بعد أن اشتد ساعدكم فترمونها؟؟!!