كلما شاهدت مأساة الشباب العربي المنتمي للمليشيات الدينية السنية والشيعية مطاردين ملاحقين جواً و براً وبحراً لا من الأنظمة العربية فحسب بل من شعوبها التي التفت حول أنظمتها لحماية مكتسباتها ونبذتهم، وشاهدت كيف تشن عليهم حرب دولية في مصر والعراق ولبنان وسوريا واليمن أشفق على من صدق منهم أن مشروع «حكم الجماعات» منتصر فقط لأنه مدعوم بقوى دولية!!

قياداتهم باعتهم الوهم قالت لهم الغرب كله معنا الأمريكان معنا بريطانيا تدعمنا وروسيا معنا فالمستقبل لنا، ثم أدركت قياداتهم أن الأمور تغيرت وأدركت أن التحالفات تزعزعت فباعتهم وتخلت عنهم، ليكتشفوا أنهم لم يكونوا سوى مجرد ورقة في لعبة دولية كبيرة أكبر منهم بكثير وأكبر من قياداتهم، وبعد أن فشل مشروعهم بدأ قادتهم يعرضونهم في سوق نخاسة دولي كالإماء للبيع والترحيل ويقبع آخرون منهم في السجون!!

الأدهى أن قياداتهم منعمون سواء أتباع إيران أو أتباع تركيا، فأحد قادة الإخوان يسخر ممن يقبع في السجون ويقول لهم (ماحدش ضربك على يدك لتكون أخوان) و(نعم نحن ناكل الشاورما في اسطنبول .. حد له عندي حاجة؟)

وعلى الجانب الآخر جرذ الضاحية يدفع بهم في سوريا ولبنان واليمن ليكونوا في فوهة المدافع دفاعاً عن خامنئي الفارسي (حسين العصر) كما سماه وهو قابع في جحره، وحيث تتنعم قيادات الحشد الشعبي في العراق يتساقط شبابهم ومثلهم في اليمن ومثلهم في مصر حيث تتنعم القيادات في تركيا وقطر وشبابهم أما مطاردين أو في السجون.

مساكين صدقوا تلك القيادات التي قالت لهم إنهم قاب قوسين أو أدنى أنهم الآن (يسيطرون) على مضيق هرمز وعلى باب المندب وأن الأمر الآن والنهي لخامنئيهم في البحار وأن هلالهم أصبح قمراً.

مساكين صدقوا أن حزب العدالة التركي قائم ودائم وأردوغان حي لا يموت وأنه خليفتهم المنتظر.

مشروع إسقاط الدول العربية القائم على تحالف الجماعات الدينية مع قوى اليسار الغربي يتهاوى، ألا ترون؟ قادتكم دعوكم ألا تدركون؟ وكلما وصلت هذه القناعة لكم أسرع كلما أنقذتم أنفسكم.

الحرب على تلك الجماعات أصبحت ضمن أدوات الصراع الدولي القائم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا، لقد تحولوا إلى أدوات مساومة يلعب بها من أجل السيطرة على ميناء هنا وميناء هناك على طريق الحرير أوعلى منابع للنفط، الحرب التي أنتم وقودها تدور على الموارد الطبيعية واللوجستية بين الكبار تجلس فيها روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية يتقاسمون الكعكة، وأربابكم يحاولون إنقاذ أنفسهم ورؤوسهم، فإيران تبيع هذا وتلعب بورقة ذاك من أجل استمرار حكامها، وتركيا تساوم على تلك الجماعة أو تلك من أجل حزبها في حين يموت الشباب العربي المنتمي لأحزابها وهم يتلقون الضربات في الميادين نيابة وبالوكالة عنهم.

ألا يدركون أن قوى اليسار الغربي التي تحالفت معهم من أجل مصالحهم بدأت تتخلى عنهم، مثلما ندرك نحن أن اليمين الغربي الصاعد المتحالف مع الأنظمة العربية هو الآخر متحالف معنا من أجل مصالحه لا من أجل سواد عيون دولنا فكلها (حسبة) مصالح الدولة القوية تنحاز للدولة القوية الصامدة، ألا يشاهدون سوق النخاسة الذي تبيع فيه إيران عبيدها من أجل ميناء هنا أو منفذ بحري هناك؟ ألا يرون خليفتهم يطرد اللاجئين السوريين الذين قال عنهم يوماً إنهم المهاجرون وإن الأتراك هم الأنصار؟!! اللعبة انتهت يا شباب شيعة كنتم أم سنة، فباعوكم برخص التراب جفت الأقلام وطويت الصحف، ولم يبقَ لكم سوى أوطانكم التي أنكرتموها.