حتى قرار الدخول المجاني لمباريات كرة القدم في ملاعبنا لم يعد مجدياً لا لمسابقاتنا المحلية ولا لمنتخباتنا الوطنية عندما تلعب على أرضها !

هذا ما لمسناه على أرض الواقع على مدار السنوات الأخيرة ولعل مباراتنا الرسمية الأخيرة أمام المنتخب العراقي في افتتاحية التصفيات المزدوجة أكبر دليل على عدم جدوى قرار الدخول المجاني القائم على اعتقاد أنه سيكون محفزاً لجماهيرنا للحضور بكثافة لمؤازرة المنتخب الوطني!

غريب جداً أمر جماهيرنا الكروية العازفة عن حضور المباريات وبالأخص مباريات المنتخب الوطني وغريبة جداً تلك الحالة التكتلية الفريدة من نوعها جماهيرياً والمنتشرة بين جماهيرنا البحرينية حتى عندما يكون الأمر مرتبطاً بالمنتخبات الوطنية!

حالة مؤسفة جداً تلك التي أصبحت تلازم مباريات كرة القدم المحلية من عزوف جماهيري خلافاً لما نشاهده من حضور جماهيري مكثف في الدول الأخرى بالرغم من أن دخول المباريات هناك لا يعرف المجانية إطلاقاً !

شاهدنا خمسين ألفاً من الكمبوديين وهم يؤازرون منتخب بلادهم بعد أن حجزوا تذاكرهم في وقت مبكر ودفع كل واحد منهم ما يقارب النصف دينار بحريني رغم تدني الأوضاع المعيشية هناك مقارنة بما نحن فيه من أوضاع معيشية خيرة ولله الحمد!

وشاهدنا عشرات الآلاف من الماليزيين وهم يساندون منتخب بلادهم أمام المنتخب الإماراتي الشقيق وكذلك الحال كان في الكويت والدوحة، فلماذا يختلف الحال عندنا رغم كل التسهيلات بما فيها الدخول المجاني؟!

ظاهرة سلبية غريبة لم نعهدها من جماهيرنا البحرينية التي كانت في العقود السابقة تحرص على شراء تذاكر المباريات والحضور بكثافة لمؤازرة فرقها ومنتخباتها الكروية وبالعودة إلى أرشيف الماضي ستشاهدون الفارق الكبير بين أعداد الجماهير التي كانت تملأ مدرجات إستاد مدينة عيسى في تلك الفترة وبين ما نشاهده من مدرجات خالية هذه الأيام!

عندما نتحدث عن الجماهير فإننا نتحدث عن الانتماء وهذا الانتماء لا يشترى ولا يباع بالمال إنما هو مزروع بداخلنا ولذلك نجد أن الجماهير المنتمية إلى أنديتها تلاحق فرقها أينما ذهبت وتكلف نفسها الكثير من الأعباء بما فيها الأعباء المالية لكي تكون متواجدة فوق المدرجات وكان هذا هو حال جماهيرنا في الماضي تتنقل من المنامة والمحرق إلى مدينة عيسى ومن الرفاع إلى المحرق وتلاحق منتخباتنا حتى في الخارج بينما نجدها في هذا الزمان تتقاعس عن الحضور حتى وإن كان مجانياً!!

الحل الوحيد للقضاء على هذه الظاهرة السلبية في يد الجماهير نفسها إذا كانت تتحلى بالانتماء الفعلي لأنديتها ومنتخباتها وهي لا تحتاج إلى دعوة ولا تحتاج إلى من يفتح لها الأبواب مجاناً!

وإذا كان لا بد من كلمة أخيرة في هذا الشأن فإنها موجهة لتلك الجماهير الوفية المحدودة العدد التي تحرص دائماً على تلبية النداء ونجدها حاضرة في كل المباريات المحلية والدولية وهذه الفئة من الجماهير هي المثال الحقيقي للانتماء ونأمل أن تكون قدوة للآخرين المتقاعسين!