مرحبا بك أيها المستثمر الأجنبي في بلدنا الحبيبة البحرين، فأسواق البحرين مفتوحة لك، وقوانين البحرين وتشريعاتها تحفظ حقوقك في ظل الدستور وتساعد على الاستثمار بأريحية، بل وتسهل بيئة الاستثمار أمام المستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء، باعتبارهما ركيزة مهمة للتنافسية والنهوض بالاقتصاد البحريني وتطويره، ناهيك عن المسؤولين في البحرين الذين يفتحون لك أبواب مكاتبهم يساندونك ويساعدونك على اجتياز التحديات والصعوبات في أعمالك، فالبيئة في البحرين بيئة حاضنة داعمة للمستثمرين. كما أن ما تتمتع به البحرين من أمن وأمان واستقرار تسهل للمستثمر العيش الكريم والتعايش المشترك بين فئات المجتمع المختلفة. فتلك البيئة تجعل من البحرين جهة جاذبة للمستثمرين ولرؤوس الأموال.

ولكن هناك سؤال يفرض نفسه، ولعله يراود عقل كل بحريني، ماذا تستفيد البحرين من استقطاب المستثمرين؟ وبالطبع سيجيب خبراء الاقتصاد أن استقطاب رؤوس الأموال يساعد في تحقيق مستويات نمو وتنمية اقتصادية في الدولة، ويؤثر ذلك في زيادة الناتج الإجمالي المحلي ومن ثم الدخل القومي، فتلك تطلعات رجال الاقتصاد، ونظرتهم للموضوع.

أما المواطنون فلهم تطلعات أخرى من استقطاب المستثمرين، وأهمها أن تفتح تلك المشاريع الاستثمارية الأجنبية، فرص عمل للبحرينيين ولا تستقطب العمالة من الخارج. وهنا علينا أن نبحث عن منتصف العصا لنمسكها بتوازن بين رغبة المستثمر في استقطاب خبرات أجنبية للعمل في تلك المشاريع وبين توجه الدولة في فتح المزيد من فرص العمل للمواطنين. فمكمن التحدي هو اقناع المستثمر أن الموظف البحريني يستطيع أن ينافس الأجنبي في خبراته وقدراته، بل وجديته وإخلاصه وولائه للمؤسسة التي يعمل بها. وفي ذلك تحدٍ وأيما تحدٍ.

نرى بعض الدول تلزم المستثمر بتوظيف مواطنيهم، ولكن إن هذا الإلزام والفرض يجعل من المستثمر يوظف المواطن ولكن لا يستوعبه فلا يعمل على تدريبة وتنميته والاستفادة من خبرته، وسرعان ما يضطر المواطن لترك العمل نتيجة للضغوط التي يعاني منها في بيئة العمل، صراع مألوف ونتيجة حتمية. بل وربما يلجأ المستثمر للتوظيف الوهمي وهو مشهد متكرر.

وقد استوقفتني السياسة التي يتبعها سعادة وزير العمل والتنمية الاجتماعية السيد جميل بن محمد علي حميدان من تشجيع المستثمر لتوظيف البحريني وجعله الخيار الأفضل اقتصادياً، وإعطاء صاحب العمل ميزات في حال توظيف المواطن.

فالمستثمر يفضل توظيف الأجانب لتدني أجورهم فيقلل من نفقات كلفة التشغيل، وبالتالي تقوم الوزارة بالتعاون مع تمكين بدعم أجور المواطن البحريني لمدة ثلاث سنوات حيث يصل مقدار الدعم في السنة الأولى إلى 70% من الراتب، وفي السنة الثانية بمقدار 50% من الراتب، ومقدار 30% في السنة الثالثة.

ومن جهة أخرى إذا لم يرغب صاحب العمل في توظيف المواطن دون أن يلتزم بالبحرنة فسيضطر لأخذ رخص العمل عن طريق الخط الموازي برسوم أعلى من الرسوم الاعتيادية، فلو احتسب صاحب العمل الكلفة بناء على ذلك يجد بأنها بدون أي جدال تميل لصالح توظيف البحريني وهنا لا حاجة للمستثمر أن يلجأ للتوظيف الوهمي، كما يفعلال مستثمرون في حالة إرغامة بتوظيف المواطنين.

والمستثمر الأجنبي يفضل الموظف الأجنبي لخبرته، وكفاءته لذا تقدم الوزارة حزمة من البرامج التدريبية الاحترافية المجانية، للموظف البحريني المستجد فيعوض بذلك نقص الخبرة، ويعطي الفرصة للبحريني لمنافسة كفاءة الأجنبي.

تلك امتيازات تعطى للمستثمر لتوظيف البحريني، والجميل في هذه التجربة، أنه يوفر الفرصة للمستثمر للتعرف على تلك الامتيازات وإقناعه بمردودها الاقتصادي للمستثمر، قبل أن يتخذ قراره باستجلاب الموظف الأجنبي للعمل في مؤسسته، فيصبح قرار المستثمر في اختيار العمال البحرينيين بناء على قناعة وليس الإلزام والفرض.

إن تجربة البحرين المعتمدة على تحفيز المستثمر لتوظيف البحريني تجربة فريدة من نوعها وتعتبر نموذجاً تستفيد من خبرتها العديد من الدول مما يجعل البحرين سباقة في اختيار آلية متميزة ستسهم في خفض البطالة.

إن هذه الآلية الجديدة أُقرت في إطار متابعة وتعزيز البرنامج الوطني للتوظيف الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، لتؤكد مدى اهتمام مملكة البحرين بالعنصر البشري البحريني حالياً ومستقبلاً وستسهم في تنفيذ مبدأ البحرنه بشكل سليم بناء على الاهتمام بالمواطن البحريني توظيفاً وتدريباً، لتكون له الأفضلية، وكان لهذا التوجه أثره في نفوس العديد الشباب وشعورهم بالأمل.

وهنا نقرع الأجراس، فلابد من التركيز على التدابير التي تسهم في زيادة نسبة البحرنه في القطاع الخاص، نظراً لانخفاض فرص العمل في القطاع الحكومي، وإلا سنقع في مشكلة ارتفاع نسبة البطالة.

ويفرض سؤال ملح نفسه، هل تدابير بحرنة الوظائف تقتصر على القطاع الخاص أم أنها يجب أن تمتد للقطاع الحكومي من وزارات وهيئات ومؤسسات وبخاصة الجامعات؟ فنحن نتطلع لأستاذة جامعة بحرينيين ومختصين في جميع المجالات يكون من بينهم الخبراء والعلماء والباحثون الذين يصلون للعالمية ويرفعون علم البحرين في المحافل العلمية.

إن مبدأ البحرنه كمفهوم كان يتطلب تجديداً حقيقياً لآليات التوظيف وجعل البيئة ملائمة لاستقبال الشباب الأكفاء، ومنح الامتيازات التي تسهم في تنفيذه على أرض الواقع، فتحقيق البحرنة في الأساس يعتمد على توجيهها بالمسار الصحيح، وفي تقديري، إن هذه الآلية هي المسار الصحيح، وأن تكون الاستراتيجية الحقة لتوظيف البحرينيين في العمل الذي يتفق مع تخصصاتهم وبالراتب الذي يُحقق لهم المستوى المعيشي المناسب، ودمتم أبناء وطني سالمين.