.. «اللهم احفظ البحرين وأهلها من كل شر، اللهم احفظ ملك البحرين ونور بصيرته وثبته للخير والحق وارزقه البطانة الصالحة».

هذا مقطع من دعاء جميل المضمون تبثه إذاعة البحرين يومياً بعد رفع الأذان، جماليته تتمثل في أنه دعاء يطلب من الله تثبيتنا على الحق والخير، ويدعو أيضا بأن ينعم الله على ولي الأمر ببطانة صالحة تكون هي بوصلته للدلالة على الخير، باعتبار أن أصحاب المسؤوليات الكبيرة كقادة الدول والوزراء وغيرهم يحتاجون لمن يشير عليهم بالخير والحق.

هذا الحديث يقودنا إضافة للدعاء لبلادنا وملكنا وشعبها بالخير والثبات على الحق، يقودنا للحديث عن موضوع «البطانة الصالحة»، وهي مجموعة الأفراد الذين يحيطون بأي مسؤول، ليس شريطة أن يكون رأس الدولة، بل ينسحب ذلك على الوزراء والمسؤولين في شتى المجالات والقطاعات، حتى في المنزل والعائلات ستجد أن هناك بطانة مقربة، وأفراداً لهم تأثيرهم على الشخص المعني باتخاذ القرار.

لكن في الإدارة يقال دائماً إن نجاح أي مسؤول بغض النظر عن موقعه ومستواه يكون من خلال وجود معينين له سواء من الموظفين أو المستشارين يشيرون عليه بالخير وبما يجنبه الوقوع في أخطاء.

الآن حينما نرى بعض المسؤولين يتمادون في الأخطاء، ونرى بعض المشاكل الإدارية تتراكم بصورة مقززة دلالة فساد وسوء تدبير، نبحث عمن يحيطون بالمسؤول، نبحث عمن يتحولون في بعض القطاعات إلى ما يشابه «جوقة الشر»، هم من يحيطون بالمسؤول، هم من يتحكمون بمن يدخل عنده ومن يخرج، وهم من يقررون ما يصله من معلومات وما لا يصله، وهم من يمكنهم الإضرار بأي شخص لو مارسوا الوشاية والتلفيق.

ابحثوا بين ظهرانيكم في الوزارات والمؤسسات وغيرها عن تلك العينة التي تكون في موقع «البطانة» وقيموا أفعالهم وأداءهم، هل هم بالفعل بطانة صالحة أم بطانة سوء؟! هل هم أعوان على الخير أم أعوان على الشر؟!

هناك «بطانة» هي التي تدفع الناس للتطاول على المسؤولين حتى بالشتم، فقط لأنهم يتعاملون مع الناس بأسوأ ما يكون، يعاملون الموظفين بأشنع الطرق، ولا يشيرون إلا بما فيه شر للآخرين وخير ومنفعة لأنفسهم فقط.

الآية الكريمة تقول في مضمونها «إن خير من استأجرت القوي والأمين»، وهذا والله هو مربط الفرس، إذ حين يحرص المسؤول أو الوزير وغيرهما على أن يوظف الأنقياء لديه ويستعين بمن هم أمناء وأقوياء في الحق، وممن هم حريصون على العدالة وتقديم المشورة الصادقة، حينها ينجح المسؤول في عمله، وحينها نرى ثمرات ذلك تبرز في العمل الموجه لخدمة الناس.

لكن حينما يحصل العكس، وحينما تتم الاستعانة بمن في قلوبهم مرض، وبمن ينسون الناس، وبمن يقدمون مصالحهم حتى على مصالح بلد بأكمله، حينها لا ترتجي من الأرض البور أي زرع، بل ستنبت الشوك لا محالة.

لهذا تكون الدعوات بأن يرزق الله كل المسؤولين «بطانة صالحة»، أفراداً أكفاء مخلصين صادقين يقولون الحق وإن كان عليهم، أناساً لديهم ضمير حي لم يمت بسبب المنصب والمزايا والمكاسب، بل ضميرهم يدفعهم للعمل من أجل البلد والناس.