الوحيدون الذين يقولون إنه لا علاقة للنظام الإيراني بما يجري في العراق هم النظام الإيراني والعراقيون المستفيدون منه، سواء من المنتمين إلى الحكم أو العامة الذين يرون أن تسهيلات إشباع الجانب المذهبي العاطفي أمر مقدر ومشكور. كل ما جرى ويجري في العراق من بعد الراحل صدام حسين يؤكد بأن السبب الأول والأخير فيه هو النظام الإيراني الذي تمكن من السيطرة على القرار العراقي حتى كاد العراق أن يتحول إلى محافظة فارسية، والأكيد أن الذي يدير عملية التعامل مع المتظاهرين هو النظام الإيراني الذي لا يهمه من يبقى من العراقيين على قيد الحياة ومن يموت، فالتعامل معهم يتم بالطريقة نفسها التي يتم التعامل فيها مع المتظاهرين الإيرانيين في المدن الإيرانية حيث يعتبر أرباب النظام قتلهم حلالاً ولا يخلو من الأجر.

الدليل الآخر والأقوى على أن ما يجري في العراق هو بسبب النظام الإيراني وكيده هو المسرحية سيئة الإخراج التي ظهر بها وسط الحدث العراقي بغية إبعاد الأنظار عن الويلات التي يعيشها هذا الشعب العربي والذي قرر أخيراً أن يفضحه، حيث أعلن مدير مخابرات الحرس الإرهابي فجاة «إفشال مخطط للمخابرات العربية العبرية لاغتيال قائد قوة قدس اللواء قاسم سليماني» وكشف عن «إلقاء القبض على فريق الاغتيال عبر مخابرات الحرس»! مؤكداً بذلك استمرار النظام الإيراني في الاعتقاد بأن العالم من الغباء بحيث يمكن أن يصدق كل ما يقول وبغض النظر عن التفاصيل.

ليس هذا فحسب وإنما قال أيضاً بأن «أعضاء فريق الاغتيال اعترفوا بأنهم كانوا يهدفون من اغتيال اللواء سليماني في أيام التاسع والعاشر من محرم افتعال حدث كبير لزعزعة الأوضاع الداخلية والرأي العام في إيران»، من دون أن ينتبه إلى أن السؤال الطبيعي في هذه الحالة هو لماذا تأخر النظام الإيراني عن الإعلان عن هذا الأمر نحو شهر وأعلنه بالتزامن مع المجزرة التي نفذها في ساحات العراق وراح ضحيتها عشرات العراقيين من الشباب الذين خرجوا بعد أن رأوا استمرار النظام الإيراني في غيه وحرمانهم من أبسط حقوقهم.

القصة التي رواها النظام عن محاولة اغتيال سليماني لا يصدقها إلا أتباعه والمستفيدون منه والمهووسون به، حيث قال المعلن عن ذلك بأن «المخطط كان يقضي بأنه بعد دخول فريق الاغتيال إلى إيران في الأيام الفاطمية «قبل 7 -8 أشهر من موعد التنفيذ» قام بشراء مكان بالقرب من حسينية والد اللواء سليماني المرحوم وتجهيز بين 305 إلى 500 كيلو من المواد المتفجرة ووضعها في نفق تحت الحسينية، لتفجيرها حين حضور اللواء سليماني بين المشاركين في مراسم العزاء» وهو أمر يثير الكثير من التساؤلات أبرزها أين كان الحرس الإرهابي من كل هذا الذي كان يحدث؟ هل يعقل أن يأتي غرباء ويشترون منزلاً بالقرب من الحسينية التي يقصدها سليماني ويتمكنون من إدخال كل هذه الكمية من المتفجرات ويقومون بحفر نفق تحت الحسينية وينتظرون قدومه ولا أحد يلاحظ شيئاً من هذا؟ لو أن هذا الكلام صحيح فإن المنطق يقضي باتخاذ قرار عاجل بإقالة كل المسؤولين عن المخابرات الإيرانية بل وتأسيسها من جديد. هل يعقل أن يعتمد النظام الإيراني على فريق نائم كهذا الفريق؟ لا ينتبه إلى أن «سليمانيه» قيد الاغتيال إلا في اللحظة الأخيرة كما في الأفلام؟

أما قول مدير مخابرات الحرس الإرهابي إن المتورطين في التخطيط لاغتيال سليماني «كانوا مطمئنين من نجاح هذا المخطط لدرجة أن رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي أعلن قبل مدة أنهم سيقومون باغتيال اللواء سليماني» فتأكيد على أن القصة كلها مختلقة وغايتها مشاغبة الرأي العام وإبعاده عن الذي يجري في العراق وهو من صنع هذا النظام.