هناك مواطن مزعج، ومواطن مسالم، ومواطن يرى بأنه الأحق في كل شيء وآخر يرضى بالقليل.

أوجه كلامي هنا الى المواطن المزعج الذي أزعجنا بطلباته، فهو إن جلس في منزله بدأ يتذمر من فاتورة الكهرباء والعداد الجديد، وما صاحبه من زيادة في قيمة الفاتورة، ومن عدم توافر مواقف للسيارات بجانب منزله أو في الحي السكني. وإن خرج إلى عمله بدأ يتذمر من الازدحام المروري وغياب التخطيط. وإن وصل إلى مقر عمله بدأ يشكو من مديره الذي لا يحمل مؤهلاً علمياً عدا شهادة الثانوية العامة ولكنه رغم ذلك حاز على منصب المدير. وإن ذهب لإيصال أبنائه للمدرسة اغتاظ بسبب ما يعانيه أبناؤه من عدم فهم دروسهم بسبب وجود أكثر من أربعين طالباً في الفصل الواحد. وإن تقبل ذلك فإنه لم يتقبل الفصول الخشبية الحارّة والمتهالكة. وإن جاء فصل الشتاء بدأ بالشكوى والصراخ بسبب تجمع مياه الأمطار وعدم قدرته على الخروج من المنزل بسبب مستنقعات المياه عند بيته. وإن أراد التجول راجلاً في حيّه السكني لاحقته الكلاب الضالة. وان أرادت عائلته وأبناؤه التجول انصدموا بسبب وجود العمالة الآسيوية من فئة العزاب يتسمرون أمام أبواب منازلهم وسط العائلات بملابس داخلية. الغريب في الأمر في أن هذا المواطن المزعج يريد أكثر من ذلك، إنه يريد زيارة المركز الصحي وأن يتلقى العلاج المناسب وتصرف له الأدوية دون نقصان، وكل ذلك في غضون نصف ساعة أو ساعة، تصوروا هذا المطلب الغريب والعجيب من هذا المواطن المزعج...!!

بل الأدهى والأمر أنه يريد من نائبه أن يتبنى قضاياه وهمومه، وكأن النائب ليس لديه أهداف ومصالح شخصية يريد تمريرها عبر وصوله إلى مجلس النواب..!!

لا أعلم ماذا يريد هذا المواطن بالضبط، هل يريد أن يدافع النائب عنه مثلاً؟! أم يريد أن تحتسب فاتورة الكهرباء حسب استهلاكه دون زيادة؟ أم يريد أن يكون الحي السكني مرتباً وتتوافر به مواقف السيارات والخدمات العامة؟ أم لعله يريد من وزارة الأشغال أن تبني الجسور والأنفاق والشوارع والطرق المريحة كما في الدول الأخرى؟

أعتقد بأن هذا المواطن المزعج يريد أن يحصل على الترقية ومنصب المدير والمناصب الأعلى وهو يحمل شهادة البكالوريوس والماجستير فقط، بينما هناك من هو أحق منه بالمنصب ويحمل شهادة الثانوية العامة بالإضافة إلى شبكة من العلاقات والمعارف من أصحاب المصالح المشتركة!

أو لربما يريد هذا المقهور أن يحصل أبناؤه على التعليم المجاني في مدارس تحوي فصولها على عشرين أو ثلاثين طالباً فقط، وأن تكون فصولاً غير خشبية وتحصل على تهوية جيدة وتكييف مناسب وتعليم راقٍ.

المصيبة ليست هنا، المصيبة هي أنه يريد أن يخرج من منزله في موسم الأمطار ولا يرى مشاهد تجمع المياه تحيط به من كل جانب، حتى في المدن الإسكانية الجديدة يريدها بلا أخطاء، بل حتى منظر الكلاب الضالة بات يزعجه، إنها كلاب جميلة تعضه تارة وتلاحقه تارة وتجعله يمارس رياضة الجري تارة أخرى!

لا أعلم ما الذي يزعج المواطن من وجود سكن للعزاب بجانب منزله، ملابس داخلية يرتديها الآسيويون جميلة وزاهية تجعله يتعرف على حضارات الشعوب الآسيوية وعاداتهم وتقاليدهم!

الخوف كل الخوف أن تكثر طلبات هذا المواطن وتراه يطلب الحصول على وظيفة فور تخرجه، ويطلب التخصص المناسب له في الجامعة.. ووووو...!!

بالفعل إنه مواطن مزعج كثير الشكوى دائم الطلب، لا يرضيه المستوى العالي من الخدمات التي تقدم له...!!