تعاني «المعارضة» في البحرين من ثلاث مشكلات لو تمكنت من التحرر منها لتغير وضعها وتحولت من سالبة إلى موجبة ولصار لها شأن، الأولى هي أنها انتهجت العمل على إثارة المشاعر والعواطف وتركت العمل الحقيقي، والثانية هي أنها تعتقد بأنها أذكى من الآخرين وأنها أكثر وعياً من الدولة، والثالثة هي أنها بدل أن تعمل على الاستفادة من الفرص التي تتوفر بين الحين والحين والتي يتيحها إقدام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، على التغيير وتتميز بالجرأة والتفرد تعمد إلى التشويش وتشويه التجربة الديمقراطية وترويج ذلك إعلامياً، وهي بدل أن تضع يدها في يد الحكومة تضعها في يد المنظمات غير الحكومية الدولية بغية الاستفادة منها كأداة ضغط سياسي على الحكومة!

ولأن شعب البحرين واعٍ ويدرك كل ما يجري في بلاده وفي المنطقة، ولأنه تعلم الكثير من التجارب القاسية التي مر بها لذا فإن كل ما تقوم به «المعارضة» يرفضه ويفشله. هذه «المعارضة» تعرف أن البحرين حظيت بملك حكيم وشعب واعٍ وتعرف أن هذين الأمرين يتيحان لها الحفاظ على المكاسب الديمقراطية فتتقدم، إلا أنها تغمض عينها عن هذه الحقيقة وتستمر في نهجها السالب وسلوكها غير النافع.

لا قيمة لأي «معارضة» سالبة في البحرين. «المعارضة» التي تحتاجها البحرين هي «المعارضة» الموجبة، ففي هذه البلاد لا يوجد سبب يجعل أي مجموعة تختار الانضواء تحت عنوان «المعارضة» السالبة وتعادي الدولة، فالدولة هنا لا تعادي أحداً وليس لشعبها مشكلة معها، كما لا يوجد فيها مشكلة غير قابلة للحل. وهذا يعني أن المشكلة الأساس هي أن «المعارضة» اختارت النهج الخاطئ لتحقيق ما تريد تحقيقه، لهذا لم يتم استيعابها لا من قبل الدولة ولا من قبل الشعب، فتاهت، ولم تجد سوى تلك المنظمات غير الحكومية لتواسيها.

البحرين لم تغلق الباب، ولن تغلقه، فليس هذا ديدنها، والعالم كله شهد كيف أن حضرة صاحب الجلالة فتح قلبه وذراعيه والوطن لكل من أخطأ، ورأى كيف أن جلالته لبى فور تسلمه مقاليد الحكم في البلاد كل المطالب وزاد عليها وتجاوزها حتى لم يعد لـ «المعارضة» ما تقدم نفسها به للجمهور.

توقف «المعارضة» عن إثارة المشاعر والعواطف واستبدال ذلك بعمل حقيقي يعود نفعه على المواطنين من شأنه أن يسهم في إخراجها من بعض مشكلاتها، وتبينها بأنها ليست الأذكى من الآخرين وليست الأكثر وعياً من الدولة من شأنه أن يسهم في إخراجها من بعض مشكلاتها، كما أن استفادتها من الفرص التي يتيحها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى في كل حين وتتجاوب معها الحكومة من شأنه أن يسهم كذلك في إخراجها من بعض مشكلاتها. وبالتأكيد فإن توقفها عن الإساءة إلى المملكة وفك ارتباطها بتلك المنظمات التي فعلها كما فعل السوسة في كيس الأرز من شأنه أن يمهد الطريق لتقبلها ومن ثم قبولها عضواً في هذا المجتمع وهذا الوطن. وبالتأكيد أيضاً يمكنها اختصار الزمن والعودة إلى حجمها الطبيعي بالإفلات من الحضن الذي اعتقدت طويلاً أنه الأدفأ والأكثر أمناً وخذلها، وخصوصاً النظام الإيراني الذي يوفر في كل يوم دليلاً جديداً على أنه لا يهمه غير نفسه ولا يرى في الدائرة غيرها وأنه يتخذ من كل «المعارضات» في كل مكان أداة يوظفها لتحقيق أحلامه قبل أن يلفظها ويدوسها.

واقع الحال يؤكد بأنه لم يعد لـ «المعارضة» هنا أي تأثير، والأكيد أن الكثيرين من الذين اغتشوا بها فيما سبق انفضوا من حولها وتركوها، فهل تنتبه إلى واقعها وتعمل على تجاوز مشكلاتها؟