تدعونا أفلام الخيال العلمي إلى وقفة تأمل حول احتمالات وفرضيات جديدة قابلة للتفكير بجدية والتساؤل بشأن إمكانية حدوثها، وعندما نرى أن أغلب ما تم طرحه في أفلام الخيال العلمي قد تحقق فعلياً في كثير من المراحل الزمنية السابقة وبدرجات زمنية متفاوتة، أو أنجز فيه على المستوى البحثي الكثير حتى لم يعد يفصلنا عن تحقيقه إلاَّ قليل، يمكننا القول إن أفلام الخيال العلمي ما هي إلاَّ المرآة العاكسة للمستقبل المنظور، وما هي إلاَّ شكل من التسريب للأفكار قيد الدراسة أو الإفصاح عنها كرغبة قابلة للتحقق أو ملزمة نحو البحث حتى تحققها في صراع وتحدٍ مع الإرادة البشرية العلمية للوصول إلى آفاق أوسع تبدو لوهلة أنها غير ممكنة.

تناولنا بالأمس حديثاً واسعاً حول التجربة البشرية في الفضاء ومراحل تطورها التي استعرضناها على عجالة، وكان آخر ما وقفنا عليه مسألة المستعمرات الفضائية كمقر إقامة جديد للبشر، وكنت قد تعرضت في مقال أمس إلى أهمية استمرار الحياة هناك على نحو طبيعي، وممارسة كافة الأنشطة العادية التي يمارسها البشر على الأرض، ووقفنا بالتحديث على موضوع التكاثر في الفضاء والذي أشار إليه فيلم الخيال العلمي «Ad Astra»، لـ»براد بيت».

وبالفعل، لم يكن الموضوع مجرد خيال وحسب، بل أن مسألة التكاثر في الفضاء قيد الدراسة، وقد اتُخذت خطوات جدية وهامة نحو البحث في إمكانية تحقيقه ومدى القدرة على ضبط العوامل والمتغيرات اللازمة لنجاح التجربة في وقت قريب، وقد بدأت الخطوات الأولى في هذا البحث بدراسة إمكانية الولادة هناك، ولا شك أن نجاح التجربة سيفضي إلى الانتقال للخطوة التالية وهي إمكانية حدوث الحمل بأكمله واستمراره على نحو طبيعي حتى حلول موعد الولادة هناك. ولإتمام البحث في الخطوة الأولى، فقد أعلن الدكتور إيبرت إديلبروك - الرئيس التنفيذي المؤسس لشركة «سبيس بورن يونايتد»، بإمكانية ولادة طفل في الفضاء خلال الـ12 سنة القادمة.

وأشار إديلبروك إلى أن «مشروع شركته لن يشمل امرأة واحدة فقط، بل ربما سيكون هناك 30 مشاركة»، و»أنه على الرغم من اعتقاده أن ولادة طفل في الفضاء ممكنة، إلا أنه لم يكن يخطط لها، مع تركيز عمل الشركة على تطوير الأجنة وتصوراتها في الفضاء». إذ «تبحث شركة «سبيس بورن يونايتد» في ظروف التكاثر البشري في الفضاء، وتركز على تقنية الإنجاب المدعوم «ART».

* اختلاج النبض:

إن ولادة أول طفل في الفضاء سيخضعه لكثير من الاختبارات للتحقق من نجاح التجربة على نحو طبيعي يكفل تكرارها للجنس البشري عامةً هناك، وإن المضي قدماً في البحوث ونجاح تجارب التكاثر البشري في الفضاء سيؤدي إلى اتخاذ كثير من البشر قرار الهجرة وقطع تذكرة اللاعودة نحو الفضاء.