ينشغل العراق منذ أيام بتصريحات مسربة فضحت تآمر مسؤولين في محافظة بابل على المتظاهرين لمحاولة قمعهم واعتقالهم.

وأمس الأحد، أكد محافظ بابل كرار العبادي، في تصريحات صحفية، صحة تلك التسجيلات الصوتية التي نسبت إلى رئيس مجلس محافظ بابل رعد حمزة الجبوري وقائد شرطة بابل اللواء علي حسن گوة الزغيبي وهما يوجهان القوات الأمنية من أجل تفريق واعتقال المتظاهرين عشوائيا والاستعانة بخراطيم المياه الساخنة لتفريق أي تجمع يزيد عن خمسة أشخاص.

وأوضح محافظ بابل كرار العبادي أنه تم الإدلاء بالإفادات من خلال اللجنة المركزية ومن قبل القيادات الأمنية وأعضاء في مجلس المحافظة.



كما أضاف أن ثلاثة تسجيلات صوتية سربت لرئيس المجلس أولها كان غير واضح الصوت، لكن التسجيل الثاني والثالث كانا واضحين، مشدداً على أن الموضوع سيحال إلى اللجنة المركزية المشكلة بالتحقيق بالمخالفات ضد المتظاهرين وهي من تتخذ الإجراء.

وأوضح العبادي أنه تم استكمال التحقيقات وأخذ الإفادات التي ستقدم إلى رئيس الوزراء العراقي لاتخاذ ما يلزم من قبله.

جدل بين الجبوري وأحد القادة الأمنيين

ووثق التسريب المنسوب للجبوري جدلا بينه وبين أحد القادة الأمنيين الذي أكد له عدم دستورية شن حملات الاعتقال العشوائية دون مذكرات قبض أو ارتكاب جرم معين، في حين أصر رئيس المجلس على الأمر قائلا للمسؤول الأمني بأن عليه أن ينفذ أوامر رئيس الوزراء، مضيفا "إذا لم يعتقل هو أو من معه من القوات الأمنية المتظاهرين فليتركوا العمل، وليذهبوا إلى بيوتهم".

كما طلب أن تكون جميع القوات الأمنية في محافظة بابل موزعة على شكل مفارز من أجل اعتقال كل تجمع حتى وإن كان يضم فقط خمسة أشخاص.

وأكد رئيس مجلس بابل في التسجيل المسرب أنه إذا لم يحل الموضوع فسينزل بنفسه للشارع ويعتقل المتظاهرين مستنجدا بقوات الأمن الوطني والشرطة.

"اسلخوا جلودهم"

وكشف التسجيل قول الجبوري "لا توجد أوامر بالتجمعات"، صارخا "ليس من المعقول أن يقوم خمسة أشخاص بهذه الفوضى".

إلى ذلك، بين التسجيل أن رئيس مجلس بابل أصدر أوامر بعيدة كل البعد عن القانون، وفيها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والتظاهر السلمي إذ قال "اسلخوا جلودهم بالماء الحار.. وإذا لم نكن رجال دولة فلنذهب ونجلس في بيوتنا".

إثارة الشغب

كما كشف تسجيل مسرب آخر، قيام قائد شرطة مدينة بابل اللواء علي حسن گوة الزغيبي بإصدار أوامر لمدراء الأقسام كافة في شرطة بابل بمنع التجمعات. وقال حرفياً "يمنع منعا باتا تجمع أي أشخاص، ويعتبر هؤلاء هدفا للأجهزة الأمنية ويجب بالتالي إلقاء القبض عليهم بتهمة إثارة الشغب وهذا التوجيه لكل مديريات الأقسام في أي موقع كان".

يذكر أن رئيس اللجنة الوزارية العليا، وزير التخطيط العراقي نوري صباح الدليمي، طلب السبت، التحقيق في أحداث التظاهرات، وما تضمنه التسجيل الصوتي المسّرب لرئيس مجلس محافظة بابل بشأن قمع التظاهرات واعتقال الشباب من أبناء محافظة بابل في وسط العراق.

وجاء في بيان لمكتب الدليمي وحصلت "العربية.نت" على نسخة منه أن "رئيس اللجنة العليا للتحقيق في أحداث التظاهرات وجه اللجنة التحقيقية الفرعية الخاصة بمحافظة بابل، التوجه فورا إلى المحافظة للتحقيق في ما تضمنه التسجيل الصوتي المسّرب لرئيس مجلس محافظة بابل الذي يتحدث فيه عن الإجراءات المتخذة من قبل القوات الأمنية بحق المتظاهرين"..

نفي التسجيل

وكان رئيس مجلس محافظة بابل رعد حمزة الجبوري نفى الجمعة التسجيل الصوتي الذي نسب إليه، متبرئا منه جملة وتفصيلا.

وزعم الجبوري في بيان أن التسجيل الذي انتشر على مواقع التواصل وفي الشارع العراقي الخميس ليس له على الإطلاق وسمع به فقط من الشارع.

في المقابل، لم يصدر عن وزارة الداخلية العراقية أو مديرية شرطة محافظة بابل أي تصريح بشأن التسريب الذي يخص قائد شرطة بابل.

تحريض على القتل

وتعليقا على هذا الموضوع الذي ما زال يشغل العراقيين منذ أيام، قال الخبير القانوني أمير الدعمي لـ"العربية.نت" إن ما نسب لرئيس مجلس محافظة بابل لا سيما لجهة تحريضه الأجهزة الأمنية على استخدام القوة والاعتقال يعد انتهاكا صارخا للدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير والرأي، وانتهاكا صارخا أيضا لحقوق الإنسان لا بل هو تحريض على القتل بالتعسف في استخدام القوة.

كما أوضح أن الدستور العراقي يحرم الاعتقال إلا بمذكرة قضائية، ناهيك عن أن محافظ بابل شهد وأكد صحة التسجيل الصوتي وبالتالي لا حصانة لرئيس مجلس محافظة بابل أمام القانون إذا ما تقدم واحد أو عدد من المواطنين بالشكوى ضده في أي محكمة عراقية.