مع قرب انطلاق احتفالات جمعية مصارف البحرين بمؤية القطاع المصرفي في البحرين ديسمبر المقبل تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بدأت الاستعدادات لتلك الاحتفالية، بما يجسد الحلقة المفصلية للقطاع المصرفي، في تاريخ الحياة الاقتصادية في المملكة، كونها تؤرخ لدخول البحرين بكل جدارة واستحقاق في مصاف المراكز المالية والمصرفية الكبرى، بعد أن استطاع نموذجها التنموي تحقيق أهدافه متغلباً على التحديات والصعاب.

وأظهر تقرير بثته وكالة أنباء البحرين (بنا) أن القطاع المصرفي حظي باهتمام ودعم صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، فقد حققت البحرين خطوات مميزة فى مختلف القطاعات بما ذلك الاقتصاد الوطنى وقطاع المصارف الذى يعتبر عاملاً أساسياً في التنمية والازدهار، وطالت رعاية سموه جميع القطاعات الاقتصادية، وحفزت المستثمرين من كافة أنحاء العالم على اتخاذ البحرين مكاناً مفضلاً للاستثمار، كما أن رؤية سموه تمكنت من أن تجتذب كبرى البنوك العالمية، لا سيما في ظل رعاية سموه وحرصه الدائم على توفير أهم مقومات النجاح.

وشهد القطاع المصرفي منذ منتصف السبعينيات توجيهات وقرارات حكيمة من صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء ساهمت في تحقيق طفرة غير مسبوقة فعندما تولى سموه رئاسة مؤسسة نقد البحرين، عمل على وضع خطط متكاملة لجذب الاستثمارات الداعمة للاقتصاد الوطني، كما أن جهود سموه حفزت المستثمرين على اتخاذ البحرين منطلقاً للعمليات الاستثمارية، وكان القطاع المصرفي من أكثر القطاعات استفادة حيث نمت أصول وميزانيات البنوك الوطنية وتضاعفت بنسب عالية.

وتواصل البحرين فى ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، تحقيق مزيد من المنجزات والمكتسبات التي يفخر بها شعب البحرين بما في ذلك إنجازات ومكتسبات القطاع المصرفي بمختلف أنشطته ومكوناته.

الانطلاقة في 1920

ويعود تاريخ انطلاق القطاع المصرفي في البحرين إلى عشرينات القرن الماضي، عندما تأسس بنك ستاندرد تشارترد الذي كان يعرف آنذاك باسم "البنك الشرقي المحدود" في العام 1920، حيث تركز نشاطه في تمويل عمليات التجارة المتبادلة بين البحرين، وتجار دول مجلس الخليج وغيرها من الدول الأخرى باعتبار البحرين موطناً للحركة التجارية ومركزاً لربط الخطوط التجارية العالمية بالدول المجاورة.

وسجل القطاع المصرفي قصص نجاح شكلت نموذجاً احتذت به كثير من الدول المجاورة. وتطور أداء الصناعة المصرفية حتى باتت تسهم بما يعادل 17% من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقق نمواً سنوياً لا يقل عن 10%، كما عمل نحو 14.093 موظفاً بنسبة بحرنة بلغت 66%. وبلغة الأرقام أيضاً، تحتضن المملكة حالياً 382 مؤسسة مالية، بمجموع موجودات تقدر بـ192 مليار دولار، ومن بين تلك المؤسسات 98 بنكاً بينها 21 مصرفاً إسلامياً.

المرتبة الثانية عالمياً

ونهضت الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، بالقطاع المصرفي لكي يحقق القطاع إنجازات ومكتسبات متعددة إذ حل القطاع في المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في النسخة الخامسة من تقرير "IFDI" الصادر عن وكالة تومسون رويترز. وجاءت المملكة في المرتبة الثانية عالمياً من حيث الإنجازات الاقتصادية، كما حققت المركز الرابع في تقرير التنافسية في العالم العربي لعام 2018. وصنفت المملكة في المرتبة الثانية عالمياً على صعيد التدفقات الدولية الأكثر كثافة في التجارة ورأس المال في مؤشر الترابط العالمي الصادر عن شركة "دي إتش إل". كما صنفت المملكة في المرتبة الأولى استناداً إلى الاستثمارات الرأسمالية والتصنيفات الدولية في تقارير ممارسة الأعمال التجارية والتنافسية العالمية والتنمية البشرية، وجاءت في المركز الثاني خليجياً بمؤشر الرفاهية العالمي الذي يحدد مراتب الدول بناء على مستويات التعليم والصحة والحوكمة وبيئة الأعمال والأمن والسلامة والجودة الاقتصادية ورأس المال الاجتماعي الذي تعده مؤسسة "ذا ليغاتوم" للأبحاث.

وجاء اختيار كبرى المؤسسات المالية والبنوك للبحرين مقراً لها نتيجة طبيعية للتطور الحضاري الكبير الذى شهدته البحرين عبر العصور، وبروزها كجزيرة استوعبت ومزجت الحضارات المتعاقبة على مر الزمان، حيث كانت مركزاً لتجارة العبور ومرفأ متطوراً لمغاصات اللؤلؤ الطبيعي وسوقاً رائجة لتجارته. وأعقب اكتشاف النفط في 1932 إنشاء شركة "بابكو" التي احتضنت كفاءات وطنية انتقلت فيما بعد للعمل في القطاعات المصرفية وأسهمت في تطوير تلك الصناعة وتعزيز مكانتها محلياً وإقليمياً.



تغير في الحياة الاجتماعية والاقتصادية

وأحدث القطاع المصرفي والمالي في البحرين تغيراً كبيراً على كافة المستويات منذ تأسيس أول بنك عالمي مرموق وهو "البنك الشرقي" حيث طال هذا التغيير الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المملكة، ومن بين هذه التغيرات مساهمة القطاع المصرفي في تطوير الأنظمة والقوانين وتخصيص مكاتب المحاماة والاستشارات القانوينة التي تدعم أعمال هذا القطاع، ومن جانب آخر تطوير شركات التدقيق المالي والإداري واستقطاب العديد من الشركات العالمية لتتخذ من البحرين مقراً لها.

وساهم القطاع المصرفي في تنشيط قطاع الاتصالات نظراً لاعتماد الخدمات المصرفية على شبكة الانترنت وغيرها من الاتصالات السلكية واللاسلكية الداعمة، ما انعكس بشكل مباشر في تعزيز النمو الاقتصادي وتنشيط حركة الاستثمار، إضافة إلى دوره في جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وتوطينها في البحرين.

كما لعب القطاع المصرفي دوراً كبيراً فى تطوير النظام التعليمي، حيث نتج عن وجود العدد الهائل من المصارف والبنوك والمؤسسات المالية، إنشاء جامعات محلية وعالمية متخصصة في الصيرفة بكل أنواعها.

ونجح القطاع المصرفي أيضاً في تطوير ودعم العلاقات الدبلوماسية بين البحرين ومختلف دول العالم من خلال تمركز مصارف عملاقة تمكنت من توفير التمويلات اللازمة لمشاريع كبرى فى اليابان وشرق آسيا إلى جانب دول أوروبا وأمريكا اللاتينية عن طريق العديد من البنوك المتخصصة في تلك المناطق منذ ثمانينات القرن الماضي.

تفادي الأزمات العالمية

وساهم مصرف البحرين المركزي في تفادي العديد من الأزمات المالية العالمية، واعتلاء المملكة المرتبة الأولى في الاستثمارات الرأسمالية والتصنيفات الدولية، وفقاً لما أكدته تقارير ممارسة الأعمال التجارية والتنافسية والتنمية البشرية.

واستطاع القطاع المصرفي تخفيض العجز بالميزانية العامة للدولة بشكل مباشر وغير مباشر، سواء عن طريق قيادته لقروض مصرفية عملت على توسيع الطاقات الإنتاجية لمصانع عملاقة مثل ألبا وبابكو أو من خلال ضخه أموالاً ترتبط بالرسوم والإيجارات وتكاليف الكهرباء والمياه واستخدام الأسواق والمجمعات ودعم حركة المراكز التجارية وغيرها إلى جانب وضعه خططاً مدروسة وبرامج محفزة للمناخ الاستثماري وإطلاقه مبادرات لدعم الاقتصاد الوطني.

ودعم القطاع المصرفي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التمويلات اللازمة لها وتحفزيها على أخذ دورها المحوري كمحرك أساسي في تطوير الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. كما ساهم هذ القطاع ومن خلال مسؤوليته الاجتماعية في خدمة المجتمع والأعمال الخيرية متمثلة في دعم قطاعات الصحة والتعليم والعمل الأهلي التطوعي والشرائح الأكثر ضعفاً في المجتمع البحريني.

والخلاصة، أن سياسة ورؤى صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء تعمل على تنمية وتطوير كافة القطاعات في البحرين بما يعزز من مكانتها وازدهارها،كما أسهمت جهود سموه في وضع الأسس المتينة للقطاع المصرفي البحريني، منذ سبعينيات القرن الماضي، من خلال قراءة سليمة وواعية للوضع الجيوسياسي في المنطقة. واستطاعت البحرين استقطاب بنوك ومؤسسات مالية إقليمية وعالمية عريقة. وما يشهده القطاع المصرفي من تطور يتناسب مع المناخ الاستثماري الملائم الذي وفرته حكومة البحرين والذي يساعد المؤسسات المالية المتنوعة على الابتكار والإبداع لوضع آليات تمويلية متطورة في ظل تشريعات وقوانين متطورة ومرنة تحدد وتضمن حقوق الجميع وهو الهدف الأسمى الذي تعمل من أجله الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، والتي تضع ضمان استدامة تنوعها الاقتصادي في صدارة أولوياتها.