* "حقوق الإنسان" بالعراق: استشهاد 23 متظاهراً وإصابة 1077 في 4 أيام

* الأمن العراقي يوقع إصابات بالمتظاهرين في بغداد والبصرة

* منظمة "العفو" تكشف: قنابل إيرانية تقتل متظاهرين بالعراق



* "واشنطن بوست": احتجاجات العراق تهدد نفوذ إيران وتكشف من وراء القمع

* السيستاني يدعو لمحاسبة قتلة المتظاهرين ومساندة "الإصلاح"

بغداد - (وكالات): كشفت مفوضية حقوق الإنسان بالعراق، الجمعة، عن حصيلة جديدة لضحايا التظاهرات في بعض المحافظات خلال الأيام الأربعة الماضية، فيما شهدت الاحتجاجات التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي، أعمال عنف دامية، أسفرت عن استشهاد قرابة 300، وأكثر من 3000 مصاب، بحسب أرقام رسمية.

وذكرت المفوضية في بيان لها أن 23 شخصاً استشهدوا وأصيب 1077 من المتظاهرين والقوات الأمنية، غادر أغلبهم المستشفى بعد تلقيهم العلاج.

ويشهد العراق مظاهرات غاضبة ضد الأوضاع المعيشية المتردية والتدخل الإيراني في البلاد، يطالب خلالها المتظاهرون بتغيير النظام السياسي بشكل جذري، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تدير البلاد حتى إجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف دولي، وإنهاء النفوذ الإيراني في العراق بالكامل.

واستخدمت ميليشيات الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والقنابل الغازية لإنهاء الاحتجاجات، لكن ما زالت المظاهرات متواصلة رغم العنف.

وكانت الأمم المتحدة شجبت استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وأعرب بيان للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقه البالغ إزاء ارتفاع عدد الوفيات والإصابات خلال المظاهرات الجارية في العراق.

وأفادت أنباء بقيام عناصر الأمن العراقي، الجمعة، بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في البصرة ما أسفر عن جرح 3 أشخاص على الأقل. كما أوقع الأمن أيضا إصابات بالمتظاهرين في العاصمة العراقية بغداد.

في شأن متصل، دعا المرجع الشيعي بالعراق علي السيستاني، إلى استجابة سريعة بدون "مماطلة أو تسويف" لمطالب "الحركة الإصلاحية" والحفاظ على سلمية ونقاء المظاهرات المستمرة منذ أكثر من شهر بالبلاد.

وطالب السيستاني في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية، الجمعة، بمحاسبة قتلة المتظاهرين، مشيراً إلى أن "الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح في أكثر من مكان، قد تجلى فيها العديد من الصور المشرقة التي تعبر عن خصال العراقيين وما يتحلّون به من الشجاعة والإيثار، والصبر والثبات، والتضامن والتراحم فيما بينهم".

وحدد المرجع الشيعي الأبرز بالعراق، في بعض نقاط وصفاً لحالة البلاد، ووجه من خلالها رسائل للقوى السياسية الحاكمة والقوات الأمنية وكذلك المتظاهرين وقوات الجيش، محذراً في الوقت ذاته من أطراف خارجية وداخلية تريد إحباط هذه الحركة الإصلاحية.

وقال السيستاني إن "القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة أمامها فرصة فريدة للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفذ في مدة زمنية محددة، فتضع حداً لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز مزيد المماطلة والتسويف في هذا المجال، لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد".

ولفت إلى أن المحافظة على سلمية الاحتجاجات بمختلف أشكالها تحظى بأهمية كبيرة، والمسؤولية الكبرى في ذلك تقع على عاتق القوات الأمنية بأن يتجنبوا استخدام العنف ـ ولا سيما العنف المفرط ـ في التعامل مع المحتجين السلميين، مؤكداً أن معظم المشاركين في الاحتجاجات يراعون سلميتها ويتجنبون التعرض للقوات الأمنية والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة.

وشدد على ضرورة توجيه القلة التي لا تزال تتعرض للقوات الأمنية والمنشآت بالكف عن ذلك، ليبقى مشهد الاحتجاجات نقياً من كل ما يشينه.

وأكد السيستاني أن التظاهر السلمي حق لكل عراقي، يعبر به عن رأيه ويطالب بحقه، فمن شاء شارك فيه ومن لم يشأ لم يشارك، وليس لأحد أن يلزم غيره بما يرتئيه، ولا يليق أن تكون المشاركة أو عدم المشاركة مثاراً لتبادل الاتهامات بين المواطنين عند الاختلاف في الرأي.

واتهم المرجع الشيعي بالعراق أطرافاً وجهات داخلية وخارجية "لم يسمها" كان لها في العقود الماضية دور بارز فيما أصاب العراق من أذى بالغ وتعرض له العراقيون من قمع وتنكيل، وهي قد تسعى اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض أهدافها، مطالبا المشاركين في الاحتجاجات وغيرهم أن يكونوا على حذر كبير من استغلال هذه الأطراف والجهات لأي ثغرة يمكن من خلالها اختراق جمعهم وتغيير مسار الحركة الإصلاحية.

من جانبها، كشفت منظمة العفو الدولية بعد أبحاث وتحقيقات أجرتها على الأرض، وتواصلها مع عدة مصادر عراقية، أن بعض قنابل الغاز المسيل للدموع، التي استخدمتها قوات أمن في العاصمة بغداد، خاصة قوات مكافحة الشغب، والتي كان الهدف منها قتل المحتجين بدلا من تفريقهم، مصدرها إيران وبلغاريا.

من جهتها، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن التظاهرات الضخمة في العراق تمثل تهديداً جدياً لإيران ووكلائها في بغداد، وأضافت أَن إيران أوعزت إلى ميليشيات عراقية تابعة لها بقنص المتظاهرين في الشوارع وخطف الناشطين البارزين واستهداف وسائل الإعلام للقضاء على الاحتجاجات، وأكدت الصحيفة أن رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي جهز خطاب الاستقالة، لكن إيران ضغطت لمنع الاستقالة، نظراً لأنها لأول مرة تسيطر على الحكم في العراق بشكل كامل.

وفي التفاصيل تقول الصحيفة، من بغداد إلى مدينة كربلاء في الجنوب، يضغط العراقيون من أجل الثورة ويحتشدون في الساحات المركزية بالشباب المتحمس الذي يواجه شرطة مكافحة الشغب عند حلول الليل.

وتضيف الصحيفة أن شوارع العراق ليست غريبة على صراعات السلطة خصوصاً مرحلة الصراع الطائفي وظهور "داعش". لكن الحشود مختلفة هذه المرة بمعنى آخر هذه أكبر حركة شعبية في تاريخ العراق الحديث: جيل جديد نشأ في ظل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ومرحلة ما بعد الغزو والتي هيمنت عليه إيران.

لقد كانت هناك لافتات في الساحة المركزية في بغداد تقول إلى جيل الستينيات والسبعينيات لدينا شجاعة أكثر منكم".

وعلى الرغم من أن الاضطرابات تقتصر على المناطق التي تقطنها أغلبية شيعية، إلا أن رجال الدين البارزين لم يحشدوا لهذه التظاهرات، كما أنها استهدفت نفوذ إيران في العراق، لقد تم إحراق القنصلية الإيرانية في كربلاء، وتمزيق علمها الوطني.

وفي مشاهد تذكرنا بسقوط صدام حسين، استخدم المحتجون أحذيتهم للضرب على صور زعماء الميليشيات المدعومة من طهران وكذلك رموز إيران.

ويقول حارث حسن، وهو زميل غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط: "إذا كان هناك أي شيء، فإن هذه الاحتجاجات تحدت الصيغة الطائفية للحكم، والتي حولت العراقيين من الهوية الوطنية إلى الهوية العرقية والدينية، إنها أكبر حركة شعبية في تاريخ العراق الحديث".

وخوفًا من تآكل نفوذها، تتدخل إيران لحشد رد وحشي، ووفقاً لمسؤولين عراقيين أوعزت إيران إلى ميليشياتها بتكليف قناصة لإطلاق النار على المتظاهرين في الشوارع.

ويقول المسؤولون الحكوميون إن إيران ضغطت هذه المرة على رئيس الوزراء العراقي الضعيف حتى لا يتنحى، وتم إقناعه بأن الاحتجاجات هي مؤامرة أجنبية.

ومع بدء الجولة الأخيرة من الاحتجاجات في الأسبوع الثاني، استشهد ما لا يقل عن 264 شخصاً وأصيب أكثر من 12000، وفقاً للجنة حقوق الإنسان في البلاد.

وأطلقت قوات الأمن العراقية الغاز المسيل للدموع والطلقات الحية في الهواء لتفريق المتظاهرين وسط بغداد الأربعاء، وضربوا الشباب الذين تم القبض عليهم، حيث انتشرت أكبر موجة من المظاهرات المناهضة للحكومة منذ عقود في أنحاء العاصمة وقالت لجنة حقوق الإنسان إن 3 أشخاص على الأقل استشهدوا.

وخلال زيارته لبغداد في أوائل الشهر الماضي، أخبر الجنرال الإيراني قاسم سليماني المسؤولين العراقيين أن طهران تعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات، مذكراً أنها قد أصبحت تحت السيطرة عندما اندلعت في إيران سابقاً، وفقاً لما قاله شخصان على علم بالاجتماع.

وتكثفت الحملة الأمنية بسرعة، مع انتشار القناصة على أسطح المنازل، وتم مهاجمة وسائل الإعلام واختطف النشطاء البارزون.

وفي خطبه المتكررة، أعرب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي عن تأييده لمطالب الحشود، واعداً بالإصلاح وندد بالعنف من جميع الأطراف. لكن وعوده المبكرة بالتنحي قد اختفت، وفي خطاب ألقاه أمام الحكومة العراقية الثلاثاء، وصف الاستقالة بأنها "أسهل طريقة".