تحدثت في مقالي السابق عن جلسة النواب مع المسؤولين على العملية التعليمية في مملكة البحرين، وأود هنا أن أنوه بأن السادة النواب تقدموا بعدد من المقترحات لتطوير العملية التعليمية في المملكة، ونأمل أن يتم مناقشة هذه المقترحات مناقشة موضوعية وتطبيق ما يصلح منها من أجل تطوير التعليم.

سأقتبس عبارة استخدمها معظم النواب في بداية كلامهم الذي كان موجهاً لوزير التربية والتعليم وهي «نحن لسنا ضدكم بل نحن معكم من أجل تنمية وتطوير وإصلاح ملف التعليم في وطننا الغالي»، لأبدأ فيها مقالي، فعندما نطالب بتطوير موضوع ما، فيجب أن نعترف أولاً بأن هناك مشكلة.

وصف سعادة وزير التربية والتعليم ومجموعة المسؤولين في الوزارة «الوضع التعليمي في البحرين بأنه بخير» بينما أثار السادة النواب نقاطاً هامة يجب أن يتم الاهتمام بها ودراستها، فعندما نريد تعديل أي وضع يجب أن نعترف بوجود خلل فيه. أما المكابرة، والارتهان للكلام الفضفاض فهو أمر لا يسمن ولا يغني من جوع وهو أمر معرقل.

بسؤال بسيط، أين يدرس أبناء وأحفاد المسؤولين بوزارة التربية والتعليم الذين قالوا إن وضع المدارس والجامعات الحكومية في مملكة البحرين «بخير» وهونوا كل النقاط الذي أثارها السادة النواب؟

عن نفسي لا أعرف إجابة السؤال، ولكني آمل أن يكونوا منخرطين في المدارس والجامعات الحكومية.

فعندما أدعي كمسؤول بأن التعليم الحكومي ممتاز والوضع فيه عالي العال، لا شك في أنني سأصر أن يستفيد أبنائي وأحفادي من هذا الوضع «الممتاز»!

وإذا كان أبناء المسؤولين من وزارة التربية والتعليم وأحفادهم منخرطين في التعليم الخاص أو يدرسون في جامعات خاصة أو خارج البحرين.. آمل أن يكون لديهم مبرر لعدم استفادتهم من وجود أبنائهم للتمتع في امتيازات التعليم الذين يشرفون عليه ويدعون أنه بخير.

إن العملية التعليمية كما ذكرت في مقالي السابق عملية معقدة، وفيها العديد من المتغيرات كالطلبة وأولياء أمورهم، والأساتذة والمعلمين الكرام، والمناهج الدراسية، والبيئة المدرسية والمرافق، وفيها أيضاً أنظمة التقييم، وغيرها من الأمور التي تتطلب الوقوف عند كل متغير فيها بالدراسة المعمقة من أجل إثبات ما إذا كان التعليم «بخير» أم لا؟

بعد كتابة مقالي السابق تواصل معي عدد كبير من أولياء الأمور وبعض من المعلمين، كل منهم كان له وجهة نظر.. أولياء الأمور أبدوا استياءهم من عدد من الأمور منها نقص المهارات والكفايات التعليمية عند بعض المعلمين، وشكا عدد منهم من أن المناهج قديمة وغير محدثة، وفيها كم من المعلومات التي وصفوها بأنها «ما منها سالفة»، وتحدث آخرون عن التكدس في الصفوف مما يؤثر على الفهم والتركيز عند الطالب، وقالت لي ولية أمر عن أن مدرسة ابنتها فيها أربعة حمامات فقط، ناهيك عن هذه الحمامات – أعزكم الله – في حالة يرثى لها. وتحدث ولي أمر آخر بأن بعض المعلمين يعنفون أبناءهم لفظياً وجسدياً، وبعضهم لا يعرف أن ينطق أسماء مناطق البحرين بشكل سليم، ولديهم تصرفات لا تتوافق مع مجتمعنا البحريني المتسامح.

بينما شكا لي عدد من المعلمين من أنهم يعانون الأمرين في التدريس، فالصفوف متكدسة، بالإضافة إلى النصاب المرتفع للتدريس الذي يجعل المعلم يشعر بأنه في سباق مع المنهج، ناهيك عن أن بعض المعلمين يعانون من الاستخفاف وعدم الاحترام من قبل الطلبة وأولياء أمورهم، تقول لي إحداهن: أبذل قصارى جهدي لجعل الحصة الدراسية ممتعة، وأضطر لشراء العديد من الأدوات التعليمية من جيبي الخاص، وأصرف الكثير من راتبي الشهري لكي أستطيع أن أؤدي مهنتي ورسالتي على أكمل وجه، فالوزارة لا توفر لنا شيئاً من احتياجاتنا في التعليم بالطرق الابتكارية.

وتقول لي أخرى، بعض أولياء الأمور غير متعاونين معنا، فهم يعتقدون بأن العملية التعليمية والتربية مرتبطة بنا، ولا يريدون أن يبذلوا جهداً في بناء جسور من التواصل بين المدرسة والأهل، مما يصعب علينا رسالتنا.

وقال آخر، الراتب الذي أستلمه كمعلم غير كافٍ للمجهود الذي أقوم به، فأنا أعمل 8 ساعات بشكل متواصل، بالإضافة إلى الأعمال الإدارية المرتبطة بالتعليم، هذا الشيء مرهق جداً، ولو أن هناك برنامجاً للتقاعد الاختياري يشملني لن أتردد مطلقاً في الخروج من هذه الوظيفة ذات الدخل غير المجزي.

ويقول آخر، نماذج جديدة، وثقافات مختلفة، أقوم بتدريس اللغة الإنجليزية لبعض الطلبة الذين لم يتعلموا هذه اللغة من قبل على الرغم من أنهم في المرحلة المتوسطة!!

* رأيي المتواضع:

لا أحب كتابة المقالات الطويلة، وليعذرني من لم أكتب وجهة نظره، فأنا على ثقة في أن الملف التعليمي هو ملف مهم عند الجميع، وأنه جزء لا يتجزأ من بناء خطة 2030، وأن الإصلاح في التعليم هي رغبة أساسية في مملكة البحرين.