كان عام 2014 من الأعوام المبشرة التي مرت بمملكة البحرين فقد حققت فيه المملكة بجهود حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه وحكومته الموقرة وتضافر الشعب الوفي مع جلالته العديد من الإنجازات، في الداخل وفي الخارج، ونستطيع أن نقول بمنتهى الثقة أن انجازات عام 2014 قد أنهت آثار الأزمة التي خلقتها فتنة عام 2011 فداخليًا استعادت البحرين عافيتها اقتصاديا والتأم الجرح الذي أفرزته هذه الأحداث المؤسفة وتوافق الشعب على مخرجات الحوار الوطني في شقه السياسي وجرت الانتخابات بمشاركة شعبية كبيرة في حب الوطن ومليكه.

وفي الخارج وطدت المملكة علاقاتها على مختلف الدوائر الخليجية والعربية والإسلامية والدولية واستطاعت المملكة استعادة سمعتها الدولية كواحة للسلام والأمن والإخاء والتسامح بعد أن عملت عناصر خبيثة مدعومة من الخارج على تشويه هذه الصورة الناصعة على مدى أعوام، ولكن الحمد لله استطاعت البحرين أن تظهر للعالم المعدن الحقيقي لها وللإنسان البحريني.
وفي هذا التقرير سنحاول بشكل مختصر أن نلم بنجاحات المملكة في عام 2014، هذا العام الذي يعد من السنين المشهودة في تاريخ المملكة على جميع المستويات.
على المستوى الداخلي قام صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الاعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وبتوجيهات من جلالة الملك المفدى بالدعوة إلى اجتماعات بين مختلف أطياف المجتمع لاستكمال الحوار الوطني في شقه السياسي، وبعد لقاءات جمعت سمو ولي العهد بمختلف القوى الوطنية، تم الاتفاق على أن يتولى الديوان الملكي إدارة الحوار وبالفعل تم عقد عدة اجتماعات ثنائية في هذا الجانب مع جميع الأطراف السياسية وتم استلام المرئيات من قبل جميع الأطراف وتحليلها ومناقشتها، وأسفر ذلك عن الاتفاق على خمسة قواسم مشتركة.
وتوجه سمو ولي العهد للاجتماع مع وجهاء وأعيان المجتمع لاطلاعهم على القواسم المشتركة حيث نالت موافقتهم واجتمع سموه مع سمو رئيس الوزراء لإطلاع سموه عليها وبعدها رفع سمو ولي العهد القواسم الوطنية الخمسة إلى جلالة الملك المفدى حيث أكد جلالته في رسالة لسمو ولي العهد موافقته على تنفيذ هذه القواسم ‏المشتركة وعرض ما يتطلب منها على ‏السلطة التشريعية ممثلة بمجلسي ‏الشورى والنواب.
وبتنفيذ مخرجات الحوار الوطني في جميع المجالات وآخرها الجانب السياسي يكون حوار التوافق الوطني قد وصل إلى مرحلته الأخيرة إيذانًا ببدء طفرة جديدة في المشروع الإصلاحي ستشهدها المملكة في السنوات المقبلة.
وكان الإنجاز المبهر الثاني عام 2014 هو النجاح في إجراء الانتخابات النيابية والبلدية في 22 نوفمبر 2014 وجولة الإعادة في 29/11/2014، حيث كانا يومان في حب الوطن ومليكه المفدى ورسالة جديدة بالولاء والطاعة تلت رسائل العائلات وشخصيات المجتمع التي وجهت إلى جلالته، حيث خرج الشعب رغم التهديدات ورغم المصاعب ليصوت في هذه الانتخابات وهو يدرك أن صوته هو للوطن أولاً وأخيرًا كما انه سيساهم في تطوير العمل الديمقراطي، وبحمد الله جرت الانتخابات في جو ديمقراطي وكرنفالي سيسجله التاريخ ومن ثم تم تشكيل مجلس النواب بصورته الجديدة وتم اختيار أعضاء مجلس الشورى وفق معايير صارمة تتوخى قدرة أعضاء المجلس على القيام بدورهم الكبير في التشريع، وتم افتتاح الدور التشريعي الأول من الفصل التشريعي الرابع إيذانًا بمرحلة جديدة من التطور الديمقراطي هو فاتحة أمل ونحن نستقبل عام 2015.
اقتصاديًا استطاعت المملكة تحقيق معدلات كبيرة في النمو الاقتصادي عام 2014 تعدت 5.6%، وهو معدل مرتفع عالميًا، وكانت المؤشرات الاقتصادية كلها إيجابية ووفقًا لتصنيفات مؤسسات عالمية كمؤسسة فيتش ووفق التقارير الدولية كتقرير البنك الدولي وتقرير صندوق النقد الدولي. ومثل هذه المؤسسات الدولية يعتد بها في توجه المستثمرين إلى المملكة وارتفاع الاستثمارات بها.
وساهمت سياسة المملكة في تنويع مصادر الدخل القومي في عدم تأثرها الكبير بالانخفاض الطارئ لأسعار النفط وأكدت التقارير الدولية أن المملكة لم تتأثر بهذا الانخفاض بشكل يؤثر على اقتصادها ونموه وكانت البورصة البحرينية أقل البورصات تأثرًا في دول الخليج.
وكانت من الإنجازات المشهودة هذا العام هو البدء في تنفيذ جسر الملك حمد بين المملكة العربية السعودية والبحرين خلال زيارة جلالة الملك للمملكة العربية السعودية ولقائه خادم الحرمين الشريفين في سبتمبر 2014.
أمنيًا، كان الأداء الأمني خلال العام 2014 متكاملا وبكفاءة متميزة، ومن أبرز الإنجازات في هذا الصدد تقليل الأعمال الإرهابية وضبط الأسلحة والمعدات التي تستخدم في هذه الأعمال المشينة، سرعة ملاحقة المجرمين والمخالفين للقانون والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة، في وقت قياسي وانخفاض عدد قضايا السرقات بنسبة 33.3 % مقارنة بالعام 2013 وانخفاض حوادث الحريق إلى 49%، كما نجحت قوات الأمن في تأمين الانتخابات وهي مسؤولية لم تكن سهلة في ظل تربص البعض بالانتخابات ومحاولة إفشالها بطرق مختلفة وتعمل أجهزة الأمن على تطوير أدائها باستمرار عن طريق التدريب وإحلال الأجهزة المتطورة التي تمكنها من تنفيذ مهامها بدقة وكفاءة كبيرين.
ودعمًا وتقديرا لدور رجال الشرطة وتضحياتهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار، أصدر جلالة الملك مكرمة خلال زيارة جلالته للأكاديمية الملكية للشرطة 29 أكتوبر 2014 بعلاج جميع رجال الأمن الذين تعرضوا لإصابات بليغة بمستشفيات متخصصة بالخارج وصرف مكافأة مالية لكافة المصابين، ومنح وسام الواجب العسكري لشهداء الواجب ولرجال الشرطة الذين تعرضوا لإصابات بليغة أثناء تأدية واجبهم الوطني المقدس.
دفاعيًا تمثلت أهم الإنجازات في ارتفاع التمارين العسكرية ومنها تمرين درع الوطن6، وكذلك التمارين المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة، وذلك لما لها من دور بارز وفعّال في الارتقاء بمستوى الأداء القتالي وصقل القدرات ورفع الكفاءات لدى جميع المشاركين في هذه التمارين، كما عقدت على ارض المملكة فعاليات أعمال الدورة الثانية عشرة لمجلس الدفاع المشترك بدول المجلس، وتخصيص جلالة الملك قطعة أرض تبلغ مساحتها (163300 متر مربع) لتوسعة مقر القيادة المتقدمة لقوات درع الجزيرة المشتركة، وفي يوم احتفال قوة الدفاع بذكرى تأسيسها دشن جلالة الملك 3 سفن حربية وتم تسليم الرايات لثلاثة كتائب مقاتلة جديدة. وتولي المملكة اهتمامًاً كبيراً بالتدريب كرافد حيوي للارتقاء بكافة المجالات العسكرية وصولاً إلى رفع مستويات الجاهزية القتالية للضباط والأفراد ومنها حفل تخريج دورة المستجدين رقم 112 بمركز تدريب قوة الدفاع الملكي وكذلك حفل تخريج دورة مرشحي الضباط (سرية احمد الفاتح - الدورة العاشرة) .
وكان تصريح معالي القائد العام لقوة دفاع البحرين بأن قوة دفاع البحرين أضحت قوة حديثة وعصرية تضاهي أفضل الجيوش تسليحاً وتدريباً وتزداد قوة وعلواً يوماً بعد يوم تأكيدا على الانجازات التي حققتها المملكة في مجال الدفاع عن ترابها الوطني.
وفي مجال التنمية البشرية احتلت المملكة المراتب الأولى عربيًا في التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث كان ترتيبها 44 عالميًا هذا العام 2014، حيث استطاعت المملكة رفع عدد مؤسساتها الصحية والتعليمية وفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار في هذين المجالين الحيويين، وواصلت نسبة البطالة انخفاضها لتصل لمستوى 3.8% وهو أقل كثيرا من المعدل العالمي، كما ازدادت الميزانيات المخصصة لرعاية الحالات الخاصة كالأسر المحتاجة والأيتام والارامل وكبار السن، ووصل حجم الميزانية المخصصة للأسر محدودة الدخل 105 مليون دينار في ميزانية 2014.كما قامت المملكة بجهود كبيرة في مجال الإسكان في ظل تنفيذ الأمر الملكي بتوفير 40 ألف وحدة سكنية.
على مستوى السياسة الخارجية،، قادت المملكة بقيادة جلالة الملك المفدى سياسة خارجية هدفت إلى تعزيز العلاقات مع كافة الدوائر الخليجية والعربية والإسلامية والدولية وتعزيز أوجه التعاون بما يخدم جهود المملكة في تحقيق أهداف السياسة الخارجية ودعم اقتصادها الوطني وتصحيح الصورة المغلوطة التي روج لها أعداء الوطن للأوضاع في البحرين.
وقد استطاعت مملكة البحرين تحقيق العديد من الإنجازات في هذا الإطار، فقد تعددت الزيارات الناجحة لجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد والتي كان لها نتائجها الكبيرة ومنها زيارات جلالة الملك إلى السعودية وقطر والكويت والإمارات، وكذلك زياراته العربية إلى الأردن والمغرب ومصر وزيارات ناجحة إلى روسيا وباكستان وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا والفاتيكان وتم توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة خلال هذه الزيارات كذلك كانت الزيارات الناجحة لسمو رئيس الوزراء وولي العهد فاتحة خير على المملكة في توطيد علاقاتها إقليميًا ودوليًا.
كما استقبلت المملكة هذا العام العديد من قادة وزعماء الدول الخليجية والعربية والدولية، ومنها زيارة أمير الكويت والعاهل الأردني وولي ولي العهد السعودي ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي، ومسؤولين رفيعين من الصين والهند والولايات المتحدة وتركيا وغيرها ويبين هذا الكم من الزيارات والاستقبال الحافل للقيادة السياسية في الخارج مكانة مملكة البحرين الكبيرة والتي تترسخ يوما بعد يوم على المستوى الخارجي.
واستطاع جلالة الملك مع أخوته أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في إتمام المصالحة الخليجية بعد أزمة سحب سفراء المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين من قطر، فقد نجحت الدبلوماسية الهادئة وعدم التصعيد إلى حلحلة الأزمة وعقد القمة الخليجية في قطر في موعدها بعد قمة الرياض التي قررت عودة السفراء وفق اتفاق الرياض التكميلي، وينتظر أن تتم المصالحة العربية أيضًا في وقت تواجه المنطقة العديد من الأخطار يتطلب من دولها الوحدة لا التفرق.ولذلك دعا جلالة الملك إلى بدء التحول إلى الاتحاد الخليجي في أقرب وقت كما دعا إلى زيادة التكامل بين الدول العربية وتجاوز أزماتها التي تسبب فيها موجة الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي منذ عام 2011.
ومساهمة من المملكة في جهود مكافحة الإرهاب فقد شاركت في عدة مؤتمرات دولية وإقليمية لمواجهة هذه الظاهرة، كما استضافت منتدى حوار المنامة في ديسمبر 2014 وكذلك مؤتمر مكافحة تمويل الإرهاب الدولي في نوفمبر 2014.
واستطاعت المملكة بشكل كبير تصحيح الصورة المغلوطة التي تسببت فيها بعض المنظمات المنحازة ووسائل الإعلام المأجورة أو تلك التي تتبنى موقف واحد دون محاولة توخي الحقيقة من الجهات الرسمية والمواطنون المخلصون للوطن، وقد طور الجهاز الإعلامي من أدائه لمواجهة هذه الحملة الشرسة وقد كان النجاح حليفه في ذلك بفضل جهود جبارة قامت بها وزارة الإعلام.
إن عام 2014 يمكن تسميته بعام الإنجازات التي بلا شك تطرح آمالا في أن يكون العام الجديد أفضل أداءًا ونتائجًا.
إن الأمل يحدونا بوجود حكومة جديدة بروح جديدة ووفق توجيهات حاسمة من جلالة الملك المفدى بالاهتمام بجميع الملفات التي تهم المواطنين والعمل على سرعة الإنجاز وتقليل الهدر، ويدعم الحكومة سلطة تشريعية جديدة منحت صلاحيات أكبر للعمل والتشريع والرقابة ينتظر أن تستغلها في خدمة الوطن وأبنائه بالتعاون مع الحكومة الموقرة وتحت راية الوطن وبقيادة جلالة الملك المفدى نحو مزيد من الرفعة والرفاهية والخير للجميع.