حين يكون الحديث عن أداء النواب وعن مدى تفاعلهم وارتباطهم بأهم الملفات الوطنية العالقة على طاولاتهم منذ سنين من أجل معالجتها، فإننا نتحدث عن الوطن وعن مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. حيث ذكرنا في آخر حديث لنا هنا عن أهمية ملاحقة الملفات الوطنية الكبيرة كالتعليم والصحة والاقتصاد والعمل، ووضع الحلول المناسبة لكل ملف على حِده، وهذا لا يكون إلا بواسطة رقابة لصيقة لأداء الحكومة، ومن خلال حزمة من التشريعات النيابية النابعة وفق استراتيجية عميقة وصادقة يتبناها الإخوة النواب عبر الانعقاد الحالي.

تكلَّمنا سابقاً عن وضع الجلسة النيابية الاستثنائية الأخيرة خلال الأسبوع الفائت وما تخللتها من مُساءلات ومناقشات جادة حول وضع التعليم في البحرين، إذ تم طرح الكثير من التساؤلات والإشكاليات على معالي وزير التربية والتعليم، كما تمنينا كذلك أن يتم متابعة هذا الملف بشكل حقيقي من طرف أعضاء المجلس النيابي دون كسل فيه أو ملل.

حين نجد بأن فتح ملف التعليم أغلق عند المناقشات بين الوزير والنواب-وهذا ما لا نتمنى أن يكون- فإننا سنعرف حينها بأن هناك تراخٍياً من طرف المجلس، أو أن غالبية الأصوات الصادحة بمحاسبة الوزارة على تقصيرها لم يكُ سوى زوبعة في فنجان أو من قبيل الدعاية الشخصية لهم، لا أقل من ذلك ولا أكثر.

إن مناقشة وضعية التعليم في البحرين وما تخللته من الأسئلة حوله من مشاكل عميقة من طرف الإخوة النواب، لا يعني عدم وجود ملفات مهمة ربما لا تقل أهمية عن السؤال والاهتمام كما حدث مع التربية، وعلى رأس هذه الملفات الوطنية ملف الصحة، وملف العمل، وملف السوق.

وقبل مناقشة هذه الملفات ومعها ملفات التعليم في البحرين، فإنه لن يقنعنا تقرير لمنظمات عابرة أو تجارية تقيم وضعنا الصحي والتعليمي وما يتعلق بسوق العمل، فإننا حفظنا ما يطرحه غالبية المسؤولين بأن الملف الفلاني في القمة، والملف العلاني في منطقة الأمان، بينما الواقع يشهد بأن ما يأتون به من إحصاءات عادة ما تكون غير صحيحة بالمجمل أو أنها لمنظمات ليست دولية أو عالمية، ومن هنا فإن الأرقام والحقائق والوقائع التي نعيشها تشير إلى تدني بعض مستويات التعليم والصحة، أمَّا العمل فحدث فيه ولا حرج.

نحن نتمنى على الإخوة النواب أن لا ينشغلوا خلال هذا الدور بتناول ملفات تافهة أو شبه عادية، بل عليهم أن يكرِّسوا جهودهم ليتناولوا ملفات ثقيلة تعنى بالتعليم والصحة وسوق العمل، ثم تأتي في المرتبة الثانية جودة الخدمات المُقَدَّمة للمواطنين. بهذه العقلية يجب أن يبدأ النواب عملهم ومشوارهم النيابي، وذلك عبر مساءلات رقابية قاسية للجهات المقصرة، ومن جهة أخرى السعي لرسم تشريعات وقوانين تحمي مستقبل الوطن ومستقبل الأجيال القادمة. هذا الأمر يحتاج لجهود جبارة وصبر ومثابرة من طرف النواب، لكنه سيأتي أكله ولو بعد حين.