إقرار لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب مشروع القانون المفضي إلى «المعاقبة بالحبس والغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن 50 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من قام أو حرض على المساس بسمعة الأشخاص بالقذف أو السب عن طريق إساءة استخدام وسائل تقنيات المعلومات أو التشهير بالآخرين بإلحاق الضرر بهم باستخدام تلك الوسائل المذكورة» يعني أنه آن الأوان لوضع حد للاستهتار بأعراض الناس ومنع توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في الإساءة إلى الآخرين، فالمشروع – كما جاء في حيثياته – يهدف إلى «الحد من انتشار جرائم القذف والسب والمساس بالحياة الخاصة عبر وسائل تقنية المعلومات لكون العقوبات المقررة لتلك الجرائم أصبحت لا تكفي لردع مرتكبيها»...»، من خلال إضافة مادة جديدة إلى القانون رقم 60 لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات».

المثير في موضوع السب والشتم والتشهير أن الكثيرين يمارسونه حتى بدا وكأنه أمر عادي التعرض إلى الأشخاص بقذفهم بدليل أنه لم يعد الأمر مقتصراً على الذين يفعلون ذلك وهم مختبئون وراء أسماء مستعارة وإنما تجاوز إلى قيام الذين يغردون بأسمائهم الحقيقية بهذا العمل الذي هو ليس من ديننا ولا من عاداتنا وتقاليدنا وليس من الأخلاق، بل أن بعض الذين ينكر عليهم اللجوء إلى هذا الأسلوب لاعتبارات تتعلق بأسمائهم ومكانتهم المجتمعية صاروا يقذفون المختلفين معهم ويسبون ويشتمون معتقدين بأنهم يمارسون حقهم في النقد.

هناك فرق كبير بين النقد والسب، النقد هو أن تعبر عن رأيك في موضوع ما فتذكر إيجابياته وسلبياته وتناقش المعنيين به من دون تجاوز الثوابت ومن دون تجريح، أما السب والشتم والقذف فيعني أنك لا تناقش الموضوع ولا تريد أن تناقشه ولكن تهاجم الشخص المعني به وتجرحه، وهذا لا يمكن أن يندرج تحت عنوان النقد أبداً.

الدستور أعطاك حق التعبير عن الرأي والنقد واتخاذ الموقف، لكنه لم يعطك حق السب والشتم والقذف وجرح الآخرين وإهانتهم لأن هذا ليس من النقد وليس من التعبير عن الرأي. من هنا جاء القانون لينظم الأمر وليبين ما لك وما عليك ويشرح العقوبات التي يمكن أن تطالك لو أنك تجاوزت حدودك ودخلت في خصوصيات الآخرين وأهنتهم.

كمثال على هذا، من حقك أن تناقش ما توصلت إليه هذه اللجنة وتقبله أو ترفضه أو تضيف إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الاتصال، لكن ليس من حقك التعرض إلى شخوص الذين ناقشوه وأقروه، ليس فقط لأنهم يمتلكون الحصانة ولكن لأنه لا يحق لك من الأساس ربط الموضوع والقرار بالشخوص. حقك أن تناقش الموضوع – أي موضوع – وتناقش المعنيين به ولكن ليس من حقك التعرض إلى شخوصهم وإهانتهم وذكرهم بسوء، فالمجتمع البحريني قبل القانون يحاسبك على ذلك ويمنعك من تكراره.

في مجتمعاتنا الخليجية نعتبر من يلجأ إلى السب والشتم وقذف الآخرين وجرحهم ناقصاً، فمثل هذا الفعل لا يمكن أن يصدر عن «الكامل» الذي يمتلك المنطق ويثق في نفسه، وفي مجتمعاتنا نعتبر ذلك ضعفاً وجبناً وليس قوة وشجاعة، فالقوي الشجاع لا يلجأ إلى ذلك، لا يلجأ إلى ذلك إلا الضعيف الجبان الذي لا يمتلك المنطق ولا يعرف أصول المناقشة والنقد.

مشروع القانون «يسد فراغاً تشريعياً مهماً حيث يجرم السب والقذف والمساس بسمعة الأشخاص والتشهير بهم»، والعقوبة المقررة «تحد من انتشار الجرائم المذكورة عبر وسائل تقنية المعلومات».

تغليظ عقوبة الاستخدام السالب لوسائل تقنية المعلومات جاء في وقته حيث يزداد في كل يوم أعداد الذين يتطاولون على الآخرين ويقذفونهم معتبرين أن ذلك حق وحرية شخصية ونقد!