مشكلتنا مع الديمقراطيين المرشحين للرئاسة الأمريكية مشكلة طويلة نتمنى أن نستعد لها فلا نفاجأ في حال فوز أي من مرشحيهم، فجميعهم بلا استثناء يسيرون على خط باراك أوباما فيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية السيئة بالمملكة العربية السعودية وبالعلاقة الجيدة مع إيران وهي علاقة أقل ما توصف به أنها كارثية.

ومن الآن وحتى تجري الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2020 أي بعد عام كامل من الآن، فإننا سنسمع ونقرأ مثل تصريح جو بايدن المثير للضحك وهو واحد من أبرز مرشحي الحزب وسنسمع بيرني ساندرز منافسه مزايداً عليه في التهجم على المملكة العربية السعودية، ولن نتعجب إن اضطر ترامب إلى مجاراتهم إلى حين تنتهي فترة الانتخابات!

مشكلة المرشحين الديمقراطيين تتركز الآن في البحث عن النجومية ورفع نسبة التصويت، وقلقهم من فشل حملتهم الأخيرة على ترامب إن مر من محاكمته النيابية يتزايد، فذلك يعني خسارتهم لأقوى الأوراق التي بحوزتهم ضده.

جو بادين هو أبرز المرشحين يبلغ من العمر 77 عاماً، وهو يعاني من تراجع شعبيته بعد فضيحة ابنه في أوكرانيا والتي كشفها منافسه الرئاسي دونالد ترامب، وبسبب كبر سنه وبسبب -وهذا هو المهم- أن المحللين يرون أنه لم يقدم جديداً يغري به الشباب الجمهوري في التصويت له، فإنه سعى إلى تحسين صورته وبالغ في تشنجه، وحين أراد أن يقول شيئاً يعالج به أزمته الداخلية رفع سقف الهجوم وحاول أن يظهر بمظهر الرئيس الشرس، فاختار الهجوم على المملكة العربية السعودية، فهو بذلك يخاطب جمهوراً أمريكياً يخطب وده ويستميله للتصويت له بغض النظر عن قدرته الفعلية على تحقيق تلك الوعود.

من المعروف أن جو بايدن من أكثر المعارضين لسياسة ترامب مع إيران ويصفها بالكارثية، ومن أهم قرارات ترامب التي عارضها نقضه للاتفاق النووي الإيراني وتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، ولا ننسى أن جو بادين كان نائباً للرئيس باراك أوباما، فلا عجب أن يقول مثل هذا التصريح فلن يختلف عن رئيسه السابق.

ففي مناظرته التي قام بها جود بادين مع ثلاثة من المرشحين الديمقراطيين قال بايدن نائب الرئيس في عهد «باراك أوباما» رداً على سؤال عن الطريقة التي يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع السعودية «كان سيمضي في تجميد المساعدات العسكرية إلى الرياض وجعل السعودية دولة منبوذة على الصعيد الدولي».

وأضاف «كنت سأوضح بجلاء أننا لا نعتزم في الواقع بيع الأسلحة لهم، وننوي إجبارهم على دفع الثمن ونبذهم».

وتابع بايدن أنه كان سيلغي أيضاً جميع الإعانات الأمريكية الممنوحة للسعوديين ومبيعات أية مواد إلى المملكة، مضيفاً أن حكومتها «تحظى بقيمة اجتماعية إيجابية قليلة جداً». (انتهى)

ولا يختلف ساندرز عن نظيره بادين، فساندرز هو الذي يقف وراء مشروع بقانون تقدم به لإدانة المملكة العربية السعودية واتهامه لها بأنها وراء الكوارث التي يعاني منها الشعب اليمني ويصف سياسة ترامب مع إيران بالكارثية، فهو من مشجعي سياسة الاحتواء الإيراني!!.

مرشحو هذا الحزب جميعهم فوق السبعين ويتبنون هذا الفكر اليساري الساذج والمتطرف في أفكاره الاشتراكية والغائب عن الواقع والذي يعلن كراهيته للملكيات بكل أشكالها الشرقية والغربية منذ شبابهم، يتعاملون مع منطقتنا من واقع ورقي أغلبهم لم يخطوا خارج حدود ولايتهم، وتقدم لهم التقارير من أستاذة جامعيين وأكاديميين بربطات عنق أنيقة، يؤمنون أنهم بمساندتهم الفكر الثوري في منطقتنا أنهم يقفون معنا كشعوب عربية ويساندوننا ضد أنظمة ملكية «قمعية» هكذا هم يروننا!!

يؤمنون أن الجماعات الدينية الشيعية والسنية هي ممثل لهذه الشعوب وتقدم الإسلام المعتدل الذي يجب أن تتحالف الولايات المتحدة معهم لإيصالهم لسدة الحكم، لذلك هم في صدمة كبيرة الآن من ثورة العراقيين واللبنانيين والإيرانيين، إنها تخالف كل ما ظنوه وكل ما خططوا له.

موقفهم من الإخوان المسلمين ومن حليفتهم تركيا مساند ومؤيد لمشروعهم بل هم أدوات هذا المشروع الذي يتبنونه ويستمدون معلوماتهم عن المنطقة من هذه الجماعات، وكذلك مع الجماعات الشيعية العربية المؤيدة لإيران التي تمثل الإسلام المعتدل لهم!!

اختراق هذا الحصن الديمقراطي كان يجب أن يكون أحد أهم مشاغلنا الدبلوماسية الرسمية منها والشعبية، الرسمية من خلال بعثاتنا الدبلوماسية في الولايات المتحدة الأمريكية بجهود عربية مشتركة، وكذلك عن طريق الدبلوماسية الشعبية أيضاً بمؤسساتنا المدنية وبقوانا الناعمة كالمرأة والشباب والثقافة والفنون، لنكن نحن من نتحدث عن أنفسنا ونخاطبهم كشعوب، إن لم يكن للتواصل مع هذا الصف العجوز فعلى الأقل للصف الثاني المؤهل للانتخابات القادمة سواء انتخابات الكونغرس أو انتخابات الرئاسة بعد خمس سنوات.