أكد مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام نبيل الحمر أن صناعة الإعلام والصحافة يجب أن تبقى وتقوى، حيث "لا يمكن أن نكون بلا صحافة وإعلام". وقال الحمر "إننا نعيش في وقت عصيب والإعلام يمر بظروف عصيبة هي الأولى من نوعها في تاريخه، إذ لا يمتلك الإعلام بسبب قلة الموارد المالية الأدوات المناسبة لمواجهة هذه التحديات بالشكل المناسب، ونرى تراجعاً في دور الصحافة والإعلام لظروف خارجة عن إرادة القائمين عليهما وليس لقصور منهم".

وشارك الحمر، الإثنين، في انطلاق فعاليات منتدى الإعلام السعودي بنسخته الأولى تحت شعار "صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات"، وتستمر فعالياته على مدى يومين، في عاصمة الإعلام العربي الرياض.

وأكد الحمر في كلمة ألقاها بالمنتدى أن "النجاح في مهنة الإعلام والصحافة يبدأ من احترام المرء لنفسه، وإن سقوط الإعلامي والصحفي يكون بسبب معلومة أو مقولة غير حقيقية".

وقال الحمر إن "هناك إشكالاً في تراجع الثقة في الكتاب والصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية من قبل المجتمع، وانعكاس ذلك على انتشار الصحف أو محطات الإذاعة أو القنوات التلفزيونية. وهذا التراجع ينعكس على النجاح والمداخيل المالية، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع ثم انهيار الخدمات المقدمة للقارئ أو المستمع او المشاهد، ما يعني أن هذه المؤسسات لا تقدم المحتوى الجيد الذي يتطلع إليه الجمهور".

واعتبر الحمر أن أسس نجاح المؤسسات الاعلامية يرتبط بشكل مباشر بالثقة والمصداقية والمهنية ومستوى التنظيم المؤسسي ومهنية القائمين.

وقال إن "واقع صناعة الإعلام والصحافة يمر بظروف صعبة وتحديات كبيرة، تأتي في مقدمتها التقنيات الجديدة والذكاء الاصطناعي والموارد المالية والبشرية اللازمة لبقاء واستمرار صناعة الإعلام والصحافة وأداء واجبها بكفاءة واقتدار".

وأوضح الحمر أن "الخبر لم يعد حكراً وملكاً لصحيفة واحدة أو قناة تلفزيونية معينة، المعلومة والخبر هما ملك الجميع، والإعلام اليوم لم يعد مجرد معلومة وخبر، إنما رأي وموقف"، مضيفاً أن "الإعلام والصحافة سيظلان وسيلة اتصال وتواصل ولن تنتهي حاجتنا لهاتين الوسيلتين المهمتين شرط أن تواكبا التطورات التكنولوجية والتقنية الجديدة وإلا انتهى دورهما".

وقال إن "التحديات الاقتصادية التي تحيط بالمنطقة والعالم انعكست على أداء الإعلام والصحافة نظراً لشح الموارد المالية. وهناك أجهزة إعلامية وصحافية اتخذت خطوات تقشف كبيرة وقلصت أعمالها، ما انعكس على مستوى الأداء، في وقت ارتفعت الحاجة لتطوير أداء الاعلام والصحافة باعتبارهما الأداة الأكثر فعالية التي تضاهي الأداة العسكرية الدفاعية".

مخاطر متلاحقة

وأكد المستشار الحمر أن "المرحلة الجديدة في المنطقة مليئة بالتحديات والمخاطر المتلاحقة التي لم تعط دولنا فسحة من الوقت لالتقاط الأنفاس، فهناك الإرهاب والطائفية والقبلية والإسلام السياسي المتربص بنا والفساد المستشري والتحدي الاقتصادي والمالي في ظل التنبؤات بركود اقتصادي قادم، ويأتي على رأس كل ذلك التدخلات الخارجية في المنطقة. وتفرض المرحلة الجديدة علينا الارتقاء بالتعاون والتكامل ضمن إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى شكل من أشكال الاتحاد وتعميق المواطنة الخليجية".

ووجه الحمر تحية للروح التي يجاهد فيها الإعلام والصحافة من أجل الارتقاء إلى مستوى هذه التحديات والمخاطر وسط قلة الموارد والإمكانيات.

وقال الحمر "مع التقدم المذهل في وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت المعلومة والخبر في متناول الجميع، وأصبحت المخاطر تحدق بالجميع أيضاً، وسط هذا الكم الكبير من الأخبار والمعلومات الملفقة والمضللة والموجهة من قبل دول ومنظمات بقصد الإساءة إلى دولنا والنيل منها وخلط الأوراق. فهناك كم كبير من حسابات التواصل الاجتماعي الموجهة إلى دولنا بقصد الإساءة وإثارة الاضطرابات عن طريق بث ونشر الشائعات والأخبار الملفقة".

وأضاف "خلال السنوات الماضية أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً مهماً للأخبار، حتى أصبح كثير من وسائل الإعلام يعتمد عليه، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة مهمة لانتشار المؤسسات الإعلامية الرسمية والشعبية"، محذراً من خطورة الاعتماد الأعمى على أخبار هذه المواقع، مع ضرورة التدقيق الشديد على تلك الأخبار قبل بثها، حتى لا تفقد المؤسسة مصداقيتها.

من يكسب الإعلام ربح الحرب

وقال المستشار الحمر إن "الصحافة والإعلام أداة فاعلة لتنوير الرأي العام، والإعلام يجب أن يأخذ هذا الدور بجدارة، فلم يعد الإعلام وسيلة لنشر الأخبار والمعلومات، إنما يجب أن يكون إعلام موقف ورأي وحقيقة ومصداقية، وحرص على مصلحة الوطن والمواطن"، مضيفاً أن "دور الإعلام محدود في التأثير بالأزمات التي تتعرض لها منطقتنا، لذلك لا بد من تقوية هذا الدور عبر سياسات وخطط ناجحة، فمن يكسب اليوم معركة الإعلام فقد ربح الحرب".

وأوضح "إننا نحتاج بكل تأكيد إلى تطوير جملة التشريعات والقوانين المنظمة لعمل الصحافة والإعلام بما يناسب العصر وما يشهده من تطور تكنولوجي وتقني في الوسائل المرئية والمسموعة، ويضمن حقوق الإعلاميين والصحفيين ويجعلهم يؤدون مهمتهم في طمأنينة. ولا بد من إتاحة فرصة أكبر أمام الصحافة والإعلام من أجل الوصول بيسر وسهولة إلى المعلومات المشروعة والمتاحة، حيث إن ذلك وحده كفيل بتعزيز مصداقية الصحافة والإعلام أمام الكم الهائل من المعلومات الملفقة والزائفة. فإحدى المآخذ على صحافتنا وإعلامنا، هي في سرعة تداول المعلومات، إذ إن مسألة السبق الصحفي والاعلامي مهمة جداً، وغالباً ما نرى أن هناك أخباراً ومعلومات كثيرة تتعلق بمنطقتنا مصدرها الإعلام الخارجي".

وأضاف الحمر "لا بد أن نولي الثقة للكوادر الإعلامية والصحفية الشابة التي أثبتت جدارة في تحمل المسؤولية، ولا بد أن نعمل جاهدين على تدريبها وتنميتها وتزويدها بالمهارات اللازمة للقيام بمهماتها على أكمل وجه. وفي هذا الجانب، لانكشف سراً إذا قلنا إن هناك كوادر صحفية وإعلامية شابة لا تجد التشجيع المناسب الذي يجعلها تنخرط في هذا الجهاز الإعلامي والصحفي".

وشدد الحمر على ضرورة التأهيل المهني لطلاب أقسام الصحافة أو المهتمين في العمل الصحفي والإعلامي، من خلال مد جسور التعاون بين المؤسسات الأكاديمية وغرف الأخبار حتى يتمكن الطالب من معايشة تجربة المهنة الحقيقية أثناء دراسته وتدربه، وفهم مراحل العمل الصحفي، وهو ما يعود بالنفع على المؤسسة الصحفية التي ستستفيد من الأفكار الإبداعية للشباب.



الحاجة إلى أسلوب جديد

وأكد الحمر الحاجة إلى "أسلوب جديد في تناول المعلومات. السائد لدينا أخبار الكوارث والحروب والنزاعات. نحتاج إلى تقديم جانب آخر في المعلومات للناس، يتناول حياتهم بكل تفاصيلها ومستقبلهم ويجعلهم أشد التصاقا بوسائل الإعلام وأكثر قرباً منها.

وأضاف "اليوم نحن على مشارف انتهاء مرحلة لتبدأ مرحلة جديدة بدأت تتشكل وتفرض وجودها على الساحة الإعلامية. وفي عصرنا الراهن، وفي ظل هذه الظروف الصعبة، لم يعد بمقدور صحيفة واحدة أو جهاز إذاعي أو تلفزيوني واحد أو موقع إلكتروني وحيد أن ينهض بالإعلام والصحافة، فلا بد من رؤية شاملة وتكاملية للرسالة الإعلامية حتى تكون قوية ومؤثرة".