ما يريده الإيرانيون الذين يتظاهرون يومياً في المدن والقرى الإيرانية هو إسقاط نظام الملالي، وما يريده العراقيون الذين يتظاهرون يومياً في المدن والقرى العراقية هو إسقاط نظام الملالي أيضاً، وهذا هو نفسه الذي يريده اللبنانيون الذين يتظاهرون في المدن والقرى اللبنانية. القاسم المشترك إذن هنا هو نظام الملالي الذي آذى الشعب الإيراني والشعبين العراقي واللبناني و»بهدلهم» جميعاً، لهذا لن يكون مستغرباً لو أن المظاهرات ضد هذا النظام أيضاً ملأت المدن والقرى في سوريا واليمن وغيرهما من الدول التي تعاني من تدخله.

الثورة في هذه الدول «العربية» ليست ضد الأنظمة الحاكمة فيها فقط ولكنها قبل هذا ضد النظام الإيراني المسيطر على قرارها ويؤثر فيها عبر عناصره التي مكنها من الحكم حتى صار الحكم دون القدرة على اتخاذ وتنفيذ أي قرار من دون مشورتها وموافقة النظام الإيراني والحصول على ختم مرشده.

هذا كلام مؤلم لكنه للأسف ليس بعيداً عن الواقع والحقيقة، بل هو الواقع، وهو الحقيقة التي على العرب جميعاً أن يدركوها قبل أن يفوت الفوت فلا ينفع حينها الصوت. ما يحدث في العراق ولبنان وسيحدث بعد قليل في سوريا واليمن لا يختلف عن الذي يحدث في إيران، فشعوب كل هذه الدول تثور وستثور ضد نظام الملالي وعناصره، وهذا يعني في المقابل بأن الذي يقمع الثائرين في كل هذه الدول هو النظام الإيراني.

كل متابع لما يجري في العراق لا يتردد عن القول بأن الذي يقمع المتظاهرين ويطلق الرصاص عليهم ويعتقلهم ويعذبهم هو النظام الإيراني وأنه في جزء من ذلك يستعين بالعراقيين المسيطر عليهم من قبل الحكومة العراقية التي هي فيما يبدو تابعة أو محكومة من قبل النظام الإيراني. والأمر نفسه في لبنان، ففي هذين البلدين يتحرك هذا النظام بالكيفية نفسها التي يتحرك بها في إيران. في طهران وبقية المدن والقرى الإيرانية يقمع الإيرانيين، وفي بغداد وبيروت يقمع العراقيين واللبنانيين، وبعد قليل سيقمع السوريين واليمنيين الذين لن يتحملوا أكثر وسيخرجون إلى الشوارع لينادوا بتحرير بلادهم من ربقة الاستعمار الفارسي.

الثورة في لبنان والعراق ليست ضد المجموعة الحاكمة فيهما فقط ولكنها قبل هذا وبعده ضد النظام الإيراني المتغلغل في هذين البلدين العربيين، وهذا يعني باختصار أنه إذا تمكن اللبنانيون والعراقيون من رفع يد النظام الإيراني عنهم انتهت جل أو ربما كل مشكلاتهم، حيث الواقع يؤكد بأن ما يعيشونه من مشكلات سببها الأول والأكبر والأبرز والأخير هو النظام الإيراني المتمكن عبر عناصره ومن تمكن من لحس عقولهم من المشاركة في القرار وفي التحليل والتحريم.

العراق لن يهدأ ولن يستقر طالما استمر النظام الإيراني فاعلاً هناك، ولبنان لن يهدأ ولن يستقر طالما تمكن «حزب إيران في لبنان» وأمينه العام من القرار اللبناني. مشكلة العراق لن تنتهي باستقالة عبدالمهدي والحكومة وتشكيل حكومة جديدة. مشكلة العراق تنتهي بتحريره من النظام الإيراني. ومشكلة لبنان لم تنتهِ باستقالة الحريري والحكومة وبتشكيل حكومة جديدة. مشكلة لبنان تنتهي بتحريره من النظام الإيراني ومن حزبه الذي هو في حقيقة الأمر دولة داخل الدولة.

طرد النظام الإيراني من العراق ومن لبنان نتيجته المباشرة انتهاء مشكلات هذين البلدين اللذين عانيا طويلاً من تدخل نظام الملالي في حياتهما، وعدم تمكين عناصره من الحكومات الجديدة في العراق ولبنان سيتيح للحكومتين فرصة تحقيق نتائج إيجابية بل مهولة في زمن قياسي. أما إن استمر النظام الإيراني في تمكنه من القرار في العراق ولبنان ولو بنسبة ضئيلة فإن هذا يعني أنهما سيظلان بعيدين عن الأمن والاستقرار والحياة.