كتبت - إيمان الحسن:
أكدت معلمات، أن بعض الطالبات المشاغبات يفتقدن لأصول المعاملة السليمة واللائقة في بعض الأحيان تجاه المعلمات والمشرفات بالمدارس. وأشرن إلي أن عدد هؤلاء الطالبات في ازدياد يوم بعد الآخر دون وجود رادع لسلوكياتهن الخاطئة.
وقلن لـ «الوطن»، إن الطالبات المشاغبات يشجعن بقية الطالبات الأخريات على تبني تلك السلوكيات الخاطئة مما يهدد بنشر تلك العدوى وروح التمرد بين زميلاتهن. وطالبن بوضع بنود صارمة تعزز التربية والاحترام لدى الطالبة.
«الوطن» فتحت المغطى في ردهات المدارس، في محاولة لكشف النقاب عن ظاهرة في طور البروز، فكان التباين سيد الموقف.. ففي الوقت الذي كشفت فيه إحدى المشرفات عن وقوف الوزارة في صف الطالب مهما كان مخطئاً، طالبت ولية أمر إحدى الطالبات بضرورة أن يكون هناك محلل نفسي في كل مدرسة، وأن يتم تأهيل المعلمات، في حين حاولت «الوطن» مخاطبة الوزارة والحصول على ردها حول الظاهرة قبل انتشارها، إلا أنها لم تجد سوى المماطلة والتجاهل.
في البداية، أعربت معلمة بإحدى المدارس الثانوية، عن استيائها لسوء تصرف الطالبات، مشيرة إلي موقف أثر بها كمعلمة من إحدى طالبات التوجيهي، وقلل من مكانتها أمام الطالبات، حيث إن المعلمة دخلت الصف لأخذ أسماء الطالبات اللاتي يرغبن بالحصول على نماذج امتحانات سابقة، فصرخت إحدى الطالبات بأعلى صوتها أنهن لا يردن أيّ نماذج، وأشارت للمعلمة بيدها للخروج من الصف، مما جعل المعلمة تستغرب تصرف الطالبة وتطاولها عليها، وتداركت المعلمة الموقف بإعطاء المهمة لرئيسة الصف بكتابة قائمة بأسماء الطلبة الراغبين بالحصول على نسخة من النماذج، وبعدها وصلت قائمة أسماء الراغبين بالحصول على نسخة ومن ضمنهن الطالبة نفسها التي طردت المعلمة، مما أدى إلى استغرابها من وجود اسمها بعد أن طردتها الطالبة وصرخت عليها أمام الطالبات بأنها وجميع الصف لا يردن أيّ نماذج، فأخبرت المعلمة رئيسة الصف أن تُعلم الطالبة عن امتناع المعلمة عن تصوير لها النسخة وإن أرادت شيء فلتراجعها.
سلوكيات خاطئة
وأضافت المعلمة، بعد عدة حصص جاءتني الطالبة إلى المكتب بمصادر التعلم وهي تضع يدها على خصرها، وتنادي بأعلى صوتها أمام طالبات الصف الأول الثانوي ومجموعة من الطالبات الأخريات اللاتي كانوا متواجدين بالمكتبة، متسائلة بصوت عال عن سبب عدم تصوير النماذج لها، فأخبرتها أنها كانت لا تريد النماذج على حد قولها المسبق في الصف أمام الطالبات، فاستمرت الطالبة بالصراخ وإلقاء عليها كلام لا يحق لطالبة أن تحدث معلمتها به، ومن هذا الكلام أخبرت الطالبة المعلمة أنها «قليلة أدب».
وأوضحت، فوجئت بتصرف الطالبة وعدم احترامها لها، وأخبرت مشرفتها عن هذا التصرف غير المسموح به أبداً وطالبت بعمل إجراء سريع ضد الطالبة، واستمرت المشرفة بالاتصال بوالد الفتاة لعدة أيام ولكن لا من مُجيب، فاستدعت الطالبة لتوافيهن برقم آخر، فيما أن الطالبة استنكرت أن يصل الموضوع إلى هذا الحد وهو صغير بالنسبة إليها، وفي غضون أيام اتصلت المشرفة بوالدة الطالبة وطلبت استدعاءها، وتم توقيع الطالبة على تعهد لكي لا تكرر هذا العمل، ولكن التعهد ليس كافياً بالنسبة للمعلمة لكي يرد اعتبارها أمام الطالبات، وطلبت المعلمة أن تعتذر لها الطالبة رسمياً في الطابور الصباحي بسبب ما حدث من تقليل وتصغير من شأن المعلمة أمام طالباتها، وتواصلت الإدارة مع الوزارة ولكنهم رفضوا الأمر وأصروا أن تتعاقب الطالبة بالبنود الأولية مهما كان الخطأ الذي اقترفته.
وتساءلت المعلمة، عن دور التربية الذي أصبح غير ملحوظ، مستنكرة أن يتم معاقبة الطالبة بدءاً بالبنود الأولية للعقاب مهما كانت حجم المخالفة، فمن المعقول أن يتم العقاب بمدى سوء المخالفة وعلى ذلك يتم وضع بنود صارمة تعزز التربية والاحترام لدى الطالبة.
قوانين غير كافية
وفي السياق نفسه، أشارت مشرفة اجتماعية سابقة بإحدى المدارس الثانوية، إلى أن القوانين التي تضعها الوزارة ضد سوء تصرف الطالبات ليست بكافية، مؤكدة ضرورة وجود قانون رادع لتصرف الطالبات السيئ لكي يتعظوا ولا يسيئوا التصرف مرة أخرى.
وأضافت، أن الوزارة دائماً تقف في صف الطالب، وتلقي كل لومها على المعلم، رغم خطأ الطالب وتجاوزه وتطاوله على المعلم، إذ إن الوزارة تتبع قوانينها بالتسلسل فإنها تعاقب الطالب على أخطائه بالبند الأول ومن ثم الثاني وإلى ذلك، بينما يجب أن يعاقب الطالب على مدى سوء سلوكه.
وأكدت المشرفة على، ضرورة التواصل بين المدرسة وولي الأمر بشكل دائم لكي يتم التعاون من طرف ولي الأمر مع المدرسة لمصلحة الطلبة، كما إن ولي الأمر يجب أن يزيد الوعي لديه عندما يحدث سوء فهم مع ابنته والمعلمة، فيتقصى الأمر ويرى ما فعلت ابنته لتلقى التأنيب من المعلمة ولا يقف في صف ابنته دون وعي بحجم المشكلة التي ممكن أن تحدث نتيجة لعدم تأديب الابنة.
إدارة المدرسة
ومن جانب آخر، أشارت معلمة بمدرسة إعدادية، أن الطالبات مهذبات بشكل عام، وإن كانت هناك طالبات استثنائيات يتم إيقافهن قبل الإشراف بتوجيه صارم، مثل ما حدث لها في أحد المواقف أن الطالبة لم تكن تريد أن تعمل في حصتها الفنية ولم تحضر أدواتها، فأخبرتها المعلمة أن يجب عليها أن تعمل مثل باقي الطالبات، ولكن الطالبة رفضت ذلك وتحدثت مع المعلمة بصوت عال، فأرسلتها المعلمة إلى الإشراف الاجتماعي، فوبختها المشرفة ووقعتها على تعهد لعدم تكرار ذلك التصرف وطلبت استدعاء ولي أمرها، وفيما بعد أكدت المعلمة على التغير الكبير للأحسن الذي حدث للطالبة، حيث إنها أصبحت تحضر أدواتها وتعمل باجتهاد وتقدم البحوث للمعلمة، فعمل الإشراف الاجتماعي كان رادعا لسوء تصرف الطالبة بنفس الوقت.
وذكرت المعلمة، أن لإدارة المدرسة دوراً كبيراً وهاماً جداً لسلوك الطالبات، إذ إن كل ما كانت الإدارة تقف مع المعلمة وتكون صارمة مع الطالبات سيتأدبن الطالبات ويحترمن معلماتهن.
علم النفس
من جهته، أوضح دكتور علم النفس شمسان المناعي، أن هناك عوامل كثيرة تجعل الطالبة غير مؤدبة مع المعلمة، ومن أهم العوامل الزمن الذي نعيشه الآن، حيث إن الفتاة أصبحت تشاهد وتتطلع على الكثير من الإعلام مثل التلفزيون أو الهواتف الذكية، ومن اطلاعها على ذلك ممكن أن تكتسب عادات أو تتأثر فينعكس ذلك على تصرفها مع المعلمة، وفي بعض الأحيان يصبح تأثير الأسرة على البنت محدوداً فلا تتصرف اتجاه سلوك الابنة السيئ.
وأكد المناعي، على وجود قوانين رادعة للطالبة ولكن يعتمد تطبيق القانون على المدرسة، فعليها أن تنفذ وتطبق القوانين على الجميع ولا تخص مجموعة عن أخرى بغض النظر عن مستوى العائلة الاقتصادي أو الاجتماعي، فيجب أن تكون المعاملة واحدة.
وأضاف، أن المدرسة مؤسسة تربوية مهمتها غرس القيم التربوية في الطالبات، مستدركاً أن الأسرة هي البيئة الأولى التي تتربى فيها البنت، وذلك ينعكس على تصرفاتها، حيث إنها لو خرجت من أسرة لم تغرس فيها قيم التربية الصالحة فبالتالي يصبح دور المدرسة هاماً وكبيراً بتعديل سلوك الطالبة وغرس القيم التربوية الصالحة فيها.
وأوضح، أن تعديل سلوك الطالبة يتم من خلال المرشدين الاجتماعيين والمعلمة نفسها، حيث إن المعلمة ليست فقط معلمة بل إنها قدوة بالنسبة للطالبة.
وقال، إن القيام بالسلوكيات الخاطئة من الطالبة يختلف من مرحلة إلى أخرى، ولكن تكون أشدّ في المرحلة الإعدادية وهي مرحلة المراهقة، حيث إن المرحلة تصف بالتمرد والخروج عن المألوف والقوانين وما إلى ذلك.
وذكر، أن الأسباب قد تكون من المعلمة نفسها فلا يمكننا أن نضع كل اللوم على الطالبة إنما قد تكون المعلمة هي سبب في حالات سوء العلاقة التي تنشأ بينها وبين الطالبة، مثل أن تقلل من شأنها أمام الطالبات أو تصفها بأوصاف معينة، فالطالبة لابد أن تدافع عن نفسها وخاصة في مرحلة المراهقة.
وأشار إلى، أن المعلمة أحياناً لا تعرف كيف تتواصل مع الطالبة، وينعكس ذلك على أن في بعض الأحيان الطالبة لا تعرف كيف تتواصل مع معلمتها، وممكن في حالات يكون التواصل منقطعاً بين الطالبة والمعلمة فكلاهما لا يعرف كيف يتواصل مع الآخر وهنا تكون المشكلة.
وختم المناعي حديثه، بأن المسؤولية مشتركة في التواصل بين المدرسة والأسرة، فمتى ما كان هناك تواصل بينهم وخاصة في الحالات الشديدة متى ما تم حلّ المشكلة، فالمدرسة لا تملك الصلاحيات على الطالبة بمقدار ما تملكه الأسرة من صلاحية.
أصول التربية
بدورها، أعربت معلمة بإحدى المدارس عن استيائها لتصرف الطالبات، مؤكدة أن الإشراف الاجتماعي يقف في صف الطالبة عندما تلجأ إليه المعلمة.
ونقلت المعلمة، مثال لموقف حدث معها، حيث إن جدولها الدراسي يحتوي على حصتين متتاليتين لنفس الصف، فطالبت الطالبات بحصة منهم أن تكون فراغاً، ورفضت المعلمة فأردن أن تكون هناك مراجعة على ما تم دراسته مسبقاً، فرفضت المعلمة ذلك أيضاً لضرورة شرح درس جديد للمقدرة على الانتهاء من المنهج الدراسي، ولكن الطالبات لم يردن درساً جديداً فذهبن للإشراف الاجتماعي للشكوى على المعلمة، ولكن المشكلة الحقيقية هي في الإشراف الاجتماعي حيث ألقى اللوم على المعلمة معتبراً ذلك سوء تصرف من المعلمة وأنها لا تستطيع التحكم في صفها، مؤكدة أنه لا يوجد رادع للطالبات ويتم تخريجهن بالجانب التعليمي الجيد غافلين الجانب التربوي.
فيما أشارتا الطالبتان بالمرحلة الثانوية مرام ورهف إلى، أن القوانين التي تضعها الوزارة ضد تطاول الطالبات على معلماتهن غير رادعة، وفي بعض الأحيان يكون سبب التطاول من سوء تربية الطالبة وبعضها من معاملة المعلمة لها.
تأهيل المعلمات
من جانبها، قالت ولية الأمر أمينة العوضي، إن الطالبات تتغير سلوكياتهن مع المعلمات، خاصة بعدما أصبحت المعلمة بسن متقارب للطالبة، ومن جانب آخر يعتبر هذا أفضل ليتم الترابط والتواصل بشكل جيد، مشيرة إلى أن داخل المدرسة لا يوجد رادع للطالبة، فهناك طالبات ينتهجن سلوكيات خاطئة.
وقالت، إنها غرست في بناتها احترام المعلمة ومعاملتها كأنها أم ثانية لهن، حيث إنها تقف صارمة مع المعلمة إن وجدت أي تقليل من الاحترام أو سوء في التصرف من قبل ابنتها، ولكن بالمقابل هي لا تقبل أن تسيء إحدى المعلمات لابنتها.
وأشارت إلى، ضرورة وجود محلل نفسي بكل مدرسة، فالمشرفة الاجتماعية لا تستطيع عمل كل شيء، وإضافةً إلى ذلك أن بعض المشرفات شخصياتهن ضعيفة، مؤكدة أنه في سن المراهقة تحتاج الطالبة إلى من يفهم سلوكها ويحلله ويسيطر على انفعالاتها.
وأضافت، أن بعض المعلمات يحتجن لتأهيل، والوزارة يجب أن تخصص مساعد معلم لكل معلم، فالمعلمة لا تستطيع أن تسيطر على صف كامل بمفردها، وأنه وبوجود مساعدة للمعلمة ستتوزع المهام ويتم السيطرة على سلوك الطالبات.
ومع المحاولات المستمرة للتواصل مع وزارة التربية والتعليم، لم تتلق «الوطن» أية ردود من جانب الوزارة بخصوص تطاول الطالبات على معلماتهن.