امتناع أمير قطر عن حضور اجتماع الدورة الأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي عقد في الرياض يؤكد أن كل المساعي والنوايا الحسنة التي أبدتها الدول الثلاث المقاطعة، ومن سعى للصلح بينها وبين قطر، ذهب سدى بسبب تعنت قطر ونظامها.

بالأمس القريب جداً، كان العرس الخليجي الرياضي الذي استضافته الدوحة بالأمس القريب وشهد تتويج منتخبنا الوطني البحريني بكأس الخليج العربي من أرض قطر، هذه الظاهرة الرياضية الجميلة، حملت مؤشراً إيجابياً للكثير من الذين ظنوا أن المصالحة الخليجية آتية، وأن «خليجي 24» هي بداية النهاية للمقاطعة، خاصة وأن الخليجيين أظهروا معدنهم الحقيقي في تلك البطولة بأنهم شعب واحد متماسك ومحب لبعضهم البعض.

وأظهرت الدول الثلاث الخليجية المقاطعة لقطر نواياها الطيبة بمشاركتها في البطولة الخليجية، ولكن قطر لم تتعامل بالمثل مع تلك النوايا الحسنة، ولم يلبي أمير قطر دعوة رسمية وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله لأمير قطر بحضوره الاجتماع الخليجي الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية، وبالرغم من جهود صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت حفظه الله للمصالحة ومساعيه الدؤوبة في ذلك، ولكن عندما يتعلق الأمر بقطر فها هي تضيع الفرصة مجدداً، ولا حياة لمن تنادي.

وبعيداً عن ما يشوه هذه القمة، فإن المسيرة الخليجية مستمرة، وتحصد الإنجازات التي نفخر بها بصفتنا مواطنين خليجيين، وتترجم تلك المسيرة الرسوخ في الازدهار والتقدم والنماء من خلال وجود 30 منظمة تنشط في رفد العمل الخليجي المشترك، و44 نظاماً وقانوناً موحداً بين الدول الأعضاء، و110 من الأنظمة والقوانين الاسترشادية بينها، وإقرار منطقة التجارة الحرة عام 1983، والاتحاد الجمركي عام 2003، والسوق الخليجية المشتركة عام 2008، والاتحاد النقدي عام 2010 ومساعي تحقيق الوحدة الاقتصادية في عام 2025 بمشيئة الله.

ومؤشرات أداء التقدم الاقتصادي تظهر اداءً اقتصادياً متقدماً لدول المجلس على المستوى العالمي، والتي كشف عنها مركز الإحصاء الخليجي بمناسبة انعقاد قمة مجلس التعاون الأربعين، ونذكر بعضها، ومنها مساهمة مجلس التعاون بما نسبته 1.9% من حجم الناتج المحلي والإجمالي العالمي بالأسعار التجارية، و3.2% من اجمالي التجارة العالمية، و1.3% من إجمالي رصيد الاسثتمار العالمي المباشر الوارد، فيما أظهرت الإحصاءات أن دول المجلس الأولى عالمياً في مؤشر إنتاج النفط الخام، ومؤشر احتياطي النفط الخام، وتحتل المركز الثاني عالمياً في مؤشر احتياطي الغاز الطبيعي، والثالثة عالمياً في مؤشر إنتاج الغاز الطبيعي، وسجلت الإحصاءات أن حجم رؤوس أموال الشركات المساهمة الخليجية بالدول الأعضاء الأخرى بلغ 347 مليار دولار خلال العشر سنوات الماضية، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 74%، فيما ساهمت الأنشطة غير النفطية بنسبة 16% من إجمالي الصادرات السلعية، أما التجارة البينية بين الدول الخليجية بين 2012 إلى 2018، فبلغ حجمها 147 مليار دولار، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 15%.

وانعكست تلك الإحصاءت بالإيجاب على مؤشر الرفاهية، وجودة الحياة للأفراد، حيث احتلت الدول الخليجية المركز الأول إقليمياً في مؤشرات التنمية البشرية، ورأس المال البشري، ورأس المال الاجتماعي، والسعادة، والازدهار العالميين، وهذا ما يؤكد أن منطقة الخليج العربي هي الوجهة المفضلة للعمل والاستقرار.

بيان قمة الرياض جاء ليؤكد على أن مسيرة مجلس التعاون مستمرة، وأن المشاريع بين الدول الخليجية في ازدهار ونماء، وتسير بالشكل المطلوب في طريقها نحو مزيد من التكامل في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية، وأن المراهنين على تشتت دول الخليج العربي سيخسرون رهانهم وسيجرون وراءهم ذيول الخيبة، فمنظومة مجلس التعاون قوية ومتماسكة وقادرة على حفظ أمنه واستقراره، تجاوز الصعوبات والتحديات، ومواصلة تحقيق الإنجازات التكاملية وفق الأهداف السامية لمجلس التعاون، وتحقيقاً لتطلعات مواطني دول المجلس وآمالهم في مزيد من التواصل والترابط.

ولابد من الإشادة بجهود الأمين العام لدول مجلس التعاون الدكتور عبداللطيف راشد الزياني طوال ثمان سنوات في منصبه، حيث ساهم من خلالها بجهود طيبة مشهودة في مسيرة العمل الخليجي، متمنين التوفيق والنجاح لخليفته الكويتي الدكتور نايف الحجرف الذي من المقرر أن يستلم منصبه في أبريل المقبل.