من بين كل التفاصيل المؤلمة التي ساقها التحقيق الصحفي الذي أجراه الزميل حذيفة إبراهيم مع الطفل ضحية الاغتصاب المتكرر، قبل سنوات، لعل أشد ما استفزني وأوجعني حقيقة هو مطالبة أهالي المتورطين لأهل الضحية بالتنازل عن القضية!

إن طلب أهالي المتهمين بالتنازل عن حق الضحية المعنوي -على الأقل- في عقاب من أساء إليه، وحتى مع حداثة سن المتهمين، لا يمكن القبول به تحت أي ظرف من الظروف أو مبرر أو ذريعة أو مسوغ حتى وذلك على الأقل من باب التعاطف مع ما آل إليه حال الضحية بسبب أبنائهم، أو احتراماً لمشاعره ومشاعر أهله المفجوعين بوضع ابنهم.

نعم استطيع أن أتفهم موقف الأهل الذين قد يكونون هم الآخرين في موقف صعب، وأبنائهم الذين هم بشكل أو بآخر قد يكونون ضحايا أيضاً إذا وضعنا في الاعتبار صغر سنهم، وبالتالي حاجتهم الماسة والسريعة للتدخل العلاجي النفسي المطلوب في مثل حالتهم.

ولكن لا يجب وليس من المقبول أن يطالبوا بعدم معاقبتهم عما اقترفوه من جرم لا بل يجب أن يحاسبوا قانونياً جنباً إلى جنب مع ضرورة تلقيهم العلاج اللازم.

مع تكشف ملابسات هذه القضية التي كان مسرحها الحرم المدرسي الذي يفترض أن يكون حرماً آمناً نؤمن فيه على فلذات أكبادنا ونحن نضعهم في عهدة معلمين وإداريين نحسبهم آباء وإخوة، بات من المخيف مجرد التفكير في حجم تفشي مثل هذه الآفة في مدارسنا بينما نسترق السمع لقصص تروى هنا وهناك بشأن وجود حالات تحرش واغتصاب فعلي..

وبينما شاءت الأقدار أن تكشف ملابسات هذه القضية على الملأ، فلعل الله يريد بنا خيراً أن تكون هذه القصة دافعاً لاتخاذ الإجراءات الصارمة للحؤول دون تكرارها من خلال التفتيش المدرسي والمراقبة الصارمة وتشجيع الضحايا على التحدث ومحاسبة المخطئين وعدم الصمت والمواراة لأننا بذلك لا نفعل شيئاً سوى أننا نزيد الطين بلة.

* سانحة:

ما أقبح المجتمع الذي يواري سوءاته بالصمت..

إلى كل ضحية عنف أو تحرش أو اغتصاب.. لا تصمت/ي لست أنت المخطئ ما أنت سوى ضحية ارفع صوتك ودع المجرم ينال عقاب فعله.