مملكة البحرين هي وطن التسامح والسلام حيث كانت ولاتزال تحتضن قيمة التسامح والتعددية وقبول الآخر فكرياً وثقافياً وطائفياً ودينياً، عاش فيها الجميع بأمن وسلام على مر الزمان وما عرفت البحرين إلا واقترن اسم هذه الجزيرة إلا بالتسامح ونبذ الكراهية والحقد وجاء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك لكي يجسد هذه القيم الإنسانية التي هي ليست غريبة عن شعب البحرين وقيادتها وأنشأ جلالة الملك مركزاً للحوار والتسامح.

فالتسامح ليس بقيمة جديدة في البحرين بل هو من قيم الأجداد والآباء المؤسسين في المملكة وتتجسد هذه الرؤية الملكية في إعلاء قيم التسامح والتعايش عبر مقالة جلالة الملك المفدى في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بتاريخ 10 أكتوبر من العام 2017، وقال فيها جلالته إن «التنوع الديني في مملكة البحرين نعمة»، وإن «العالم سيكون أكثر أمناً وازدهاراً إذا تعلم كيف يستوعب التمايزات بين الأفراد باعتبارها عنصر دعم وقوة وتكامل بين الناس وبعضهم البعض»، وإن «من المهم أن يتعرف العالم كما تعرفت البحرين على جمال هذه الاختلافات بين البشر»، وبالتالي فإن مملكة البحرين تعلي شأن التلاقي بين الحضارات المختلفة والثقافات المتنوعة لتعزيز المنجزات العالمية وتحقيق السلام العالمي.

ومن المبادرات البحرينية المهمة في هذا السياق تدشين «كرسي جلالة الملك للحوار بين الأديان ودراسات التعايش السلمي» في جامعة سابينزا العريقة بإيطاليا في نوفمبر من العام 2018، فضلاً عن تدشين وإطلاق «برنامج السلام السيبراني لمركز الملك حمد للتعايش السلمي» في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنسختها الـ74، إذ يعد هذا المشروع منصة محاكاة تفاعلية عبر الشبكة المعلوماتية، حيث يعمل المشاركون في عالم افتراضي، بصورة فردية أو ضمن فرق جماعية، لاتخاذ قرارات بشأن كيفية الاستجابة للقضايا والتحديات المتعلقة بالتعايش. كما أصبحت البحرين مركزاً عالميّاً رئيساً للاجتماعات والحوارات والمؤتمرات المهمة المتعلقة بتحقيق السلام والمحبة بين جميع الأديان والأطياف.

قيمة التسامح قيمة إسلامية قبل كل شيء، وردت في الكتاب والسنة النبوية الشريفة عندما دشنها رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، عندما جاء عندما دخل مكة فاتحاً، قال لمن حاربوه وآذوه من أهل قريش، «يا معشر قريش ما تظنون إني فاعل بكم « قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: صلى الله عليه وسلم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

ومن محاسن الصدف أن تتزامن في هذا الشهر عدة مناسبات جميلة ووطنية عزيزة علينا جميعاً حيث عيد جلوس جلالة الملك المفدى، واليوم الوطني للبحرين بتاريخ 16-12-2019، والاحتفال بمرور مائة عام على ظهور التعليم النظامي في البحرين، ومرور مائة عام على إنشاء جهاز الشرطة بتاريخ 14-12-2019، وكذلك حصول البحرين على كأس بطولة دورة الخليج العربي لكرة القدم، هذه هي الأيام الجميلة التي يفتخر بها كل بحريني يكن الولاء لهذه الأرض الطيبة وحكامها الحكماء. إنها مؤشرات تدل على أن البحرين مقدمة على مرحلة ذهبية في تطورها التاريخي وأن العصر الذهبي قادم بإذن الله بهمة شبابها وعزيمتهم وخبرة شيوخها وبركتهم.

لا تقوم الأمم ولا تنهض حضارتها دون جهود الشباب فيها، فالشباب هم عنصر القوة والعزيمة في أي مجتمع وجهودهم وإنجازاتهم هي الرافد الحقيقي للأمم، فلا يمكن أن يتقدم اقتصاد دولة ويرتقي دون الشباب، وتحتاج الأمم إلى قوة الشباب الكامنة، وسواعدهم الفتية، وعزائمهم المتوقّدة من أجل البناء والتطور وسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة هو ذلك الشاب النموذج الذي يمتلك وضوح الرؤية والحماس المتدفق في أغلب المجالات، وبمجيء سموه، أحدث نقلة نوعية في الحركة الرياضية في مملكة البحرين، وبما يملكه سمو الشيخ ناصر من حماس وطني وشخصية قيادية أهلته ليكون ذلك الشاب الذي أصبح قدوة للرياضيين الشباب، هذا الحماس أعطى طاقة إيجابية لشباب البحرين بالتفوق وتحقيق الانتصارات في كل المجالات، وكم كنا نحن في البحرين بحاجة إلى مثل هذه الطاقة، وخاصة أن البحرين أصبح فيها الشباب يمثلون نسبة كبيرة من السكان فالتحم الشباب مع سمو الشيخ ناصر.

والأهم من كل ذلك يمتلك سمو الشيخ ناصر رؤية واضحة للمستقبل والعديد من المواهب الرياضة والقيادة والشعر والخطابة والعسكرية التي جعلته قادراً على أن يقوم بهذه المهمة الوطنية على أكمل وجه. قول وفعل يا أبا حمد وإلا كيف تمكن منتخب كرة قدم من تحقيق بطولتين على المستوى القاري والخليجي وخاصة بطولة الخليج التي ظل الجمهور الرياضي ينتظرها منذ 50 عاماً. يقول سمو الشيخ ناصر، «عندما أطلقنا في قمة الشباب أن البحرين عاصمة الشباب والرياضة، لم نكن نبحث عن منظمة تمنحنا هذا اللقب أو جائزة منها، وإنما نحن كرسنا هذا القول على أرض الواقع من خلال استقبال واحتضان البحرين للعديد من الفعاليات الشبابية والرياضية التي تؤكد، على أرض الواقع، توجهاتنا في هذا الجانب لتكون البحرين عاصمة الشباب والرياضة، ونحول مملكة البحرين لتكون قبلة لاحتضان الفعاليات الشبابية والرياضية والاتجاه نحو الاستثمار في الشباب على مختلف الأصعدة».

إنها مرحلة جديدة في تاريخ البحرين على جميع الأصعدة وهي مرحلة العصر الذهبي، لذا هي جديرة لإعطائها خصوصية، وحفظ الله البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.