تثبت البحرين مرة تلو أخرى وعبر مختلف ما تمر به من منعطفات ومحن وتغيرات، أنها أقوى وأسمى وأكثر صلابة، بفضل ما حباها الله به من قيادة حكيمة منفتحة ثاقبة النظر وشعب طيب متعايش ومتسامح.

هذا المزيج المتجانس هيأ قاعدة صلبة قوامها قبول الآخر مهما كان مختلفاً في دينه أو مذهبه أو لونه، متخذاً من المواطنة الحقة أرضية مشتركة في التعايش والتآلف والتآخي وحب الوطن والولاء والانتماء إليه، وبذلك كانت «بحرين» التنوع «بحراً» و«بحوراً» في التعايش والتسامح على مرّ تاريخها.

وبمناسبة أعياد الوطن التي جاءت هذه المرة بطعم الحلوى البحرينية الأصيلة، متزامنة مع العديد من المنجزات السياسية المتمخضة عن قمة الرياض، والرياضية التي حققها أبناء الوطن وأهمها حصول البحرين على كأس الخليج لأول مرة.

أضف إلى ذلك التوجيهات الملكية السامية الأخيرة بالتوسع في تطبيق قانون العقوبات البديلة مراعاة لظروف المحكوم عليهم الشخصية والأسرية، وهي التوجيهات الأبوية التي جمعت حتى الآن شتات مئات الأسر.

هذه التوجيهات ما هي سوى ترجمة فعلية لنهج حكيم يرمي إلى منح أولئك المستفيدين من تطبيق هذا القانون فرصة أخرى لتصحيح مسارهم، والاندماج في المجتمع والمحافظة على كيان الأسرة وضمان الحياة الكريمة لها.

حيث تجدر الإشارة إلى عديد من المزايا التي يحققها نظام العقوبات البديلة، فهو من جانب يساعد على انخفاض أعداد السجناء في مراكز الإصلاح والتأهيل، بما يتيح للدولة القيام بإجراء عملية تأهيل حقيقي للسجناء والتخلص من أعباء المصروفات التي تتكبدها أثناء وجودهم داخل تلك المراكز.

ومن جانبٍ ثانٍ، فإن هذا النظام يتيح للمحكوم عليه – في بعض الأنظمة العقابية – الاستمرار بالقيام بدوره في المجتمع حيث يمكنه الاستمرار في وظيفته والإنفاق على عائلته – إذا كان هو العائل – ومواصلة دفع الضرائب بما يجنب الدولة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على سجنه.

ويشكل نظام العقوبات البديلة عن السجن خطوة رائدة على صعيد تطوير السياسة العقابية في مملكة البحرين، بما يجعلها في مصاف النظم الديمقراطية الرائدة في مجال تطبيق النظم العقابية الفعالة في ردع المجرمين وإصلاحهم وإعادة دمجهم في المجتمع كمواطنين صالحين، من خلال تقييد حريتهم – لا سلبها – وبما يواكب أحدث النظم في هذا المجال.

الأفراح الوطنية هذا العام بالعيد الوطني المجيد الثامن والأربعين وذكرى تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم، حملت مشاعر عارمة من البهجة والسرور والتفاؤل الذي عم أرجاء هذه المعمورة بعد سنوات من الجدب.

ولعمري أن هذه الحالة من الرضا هي التي يطمح إليها ربان سفينة الوطن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حيث يؤمن جلالته بأن «البحرين في قلب كل بحريني وبحرينية..»، مهما كان الخلاف أو الاختلاف.

وأن «البحرين هي مملكة المحبة والتسامح..»، التي نجح جلالته في إدارة مختلف أزماتها على النحو الذي حماها وحفظها وأوصلها إلى بر الأمان، وجعلها محط فخر وأنموذجاً رائداً في النهضة والتقدم.

* سانحة:

كل عام والبحرين وطن «القلوب المجتمعة»..

كل عام والبحرين قوية.. صلبة.. شامخة بمليكها ورئيس وزرائها وولي عهدها وبكافة أبنائها وبناتها الذين يحملونها في قلوبهم ويباهون بها الأمم..

ودام عزك يا وطن..