* شهدت البحرين منذ أيام حفلاً من طراز رفيع وبرعاية ملكية سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، والذي اعتاد أن يكون دائماً في مقدمة الداعمين لبرامج وأنشطة الخير في هذا الوطن العزيز. فقد رعى جلالته حفل تكريم 100 من الحفظة والحافظات لكتاب الله الكريم كاملاً والذي أقامته جمعية الإصلاح بتميز واقتدار لطلابها الحفظة، وهو الحفل الثاني لتخريج 100 من الحفظة بعد أن نظمت في سنوات قد خلت حفلا آخر رعاه ملك البلاد أيضاً بتخريج نفس العدد من الحفظة، ضمن مشروع متكامل سمي بـ «تاج الوقار» تمتد رؤيته إلى تخريج 1000 من الحفظة والحافظات لكتاب الله الكريم. إن مثل هذه المشروعات وغيرها من المشروعات الاجتماعية والتربوية والإنسانية وبخاصة تلك التي ينشأ فيها الأبناء تحت ظلال كتاب الله الكريم، تساهم بشكل فاعل في تأسيس أجيال صالحة تساهم في رفعة الوطن وازدهاره ورفع اسم مملكتنا الغالية في كل الميادين، وهو الأسلوب النبيل الذي يجب أن يتكاتف من أجله الجميع خدمة لهذا الوطن العزيز، فمثل هذه المشروعات المباركة تساهم في حلول البركة والخير في مساحات هذا الوطن العزيز. كل الشكر والتقدير لعاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه والذي اعتاد أن يكون اليد الساعية في الخير في كل ميادين الحياة، فجزاه الله خير الجزاء وبارك في صحته وعمره وجعله ذخراً لهذا الوطن العزيز، والشكر موصول للقائمين على على هذا المشروع القرآني المبارك، زادهم الله رفعة في الدارين.

* ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا» رواه البخاري ومسلم. فقد شهد العالم الحدث الأبرز في نهاية عام 2019م بظاهرة «كسوف الشمس» والتي شوهدت في البحرين مع لحظات شروق الشمس الأولى وبنسبة 95%، وهي آية من آيات الله عز وجل، تذكر المرء بقرب زوال البشرية وبقرب رحيله من هذه البسيطة. والمتأمل لهذه الآية العظيمة يدرك مدى الغفلة التي وصلنا إليها في دنيا سريعة الانقضاء، فقد غاصت نفوسنا في ملذات الحياة وفي مشاغلها التي لا تنتهي، وبتنا نلهث وراء دنيا فانية ونغفل حتى عن أبسط أمور الأجور الخالدة.. قابلني أحد المصلين منذ يومين.. وأخبرني هل ستصلون صلاة الكسوف في هذا المسجد المبارك؟ حقيقة في كل مرة نحرص أن نقيم هذه السنة المنسية، ونحث الناس على المشاركة فيها.. هذه المرة لربما كان الوضع مغايراً بعض الشيء، فسوف يكون الكسوف مع شروق الشمس وفي يوم عمل.. ولكن بتذكير ذلك الأخ المصلي قررنا أن نصلي ولو بالعدد القليل إحياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيراً للناس بعلاقتهم مع المولى الكريم.. والملفت للنظر أن الإعلان كان قبل يوم واحد فقط.. والحضور كان لا يقل عن 200 مصل.. فالحمد لله الذي وفقنا لذلك، ونسأل الله سبحانه وتعالى القبول.. فالخير موجود في الناس.. ولكن نحتاج إلى التذكير والنصح وإحياء السنن المنسية.

* في أحيان كثيرة يرسل المولى تعالى بعض الإشارات في حياتك، لينبهك لأمر جلل، ويعيدك إلى نفسك مرات ومرات حتى تتأمل الواقع الذي تعيشه، وفي مرات أخرى ينبهك لما قد يحاك بك، ومنها تستطيع أن تميز بين من يحبك بصدق، وبين من يعاديك ويتكلم عليك في الخفاء بسوء، بل وقد يتعدى عليك ببعض الألفاظ السيئة. ينبهك لأولئك الذين يتصيدون في الماء العكر وينثرون بذور الفتن ويشوشون جمال العلاقات الاجتماعية.. حينها تستطيع أن تضع حدا لبعض العلاقات الفارغة مع تلك النفوس المريضة التي لن تتغير طباعها أبداً ما حييت، أو تلك التي كنت تعتقد أنها قد تتحسن في لحظة من اللحظات. مثل هذه المشاهد وهذه الإشارات كثيراً من نعايشها في أيام أعمارنا، فالله عز وجل يحب عباده المؤمنين المخلصين الصافية قلوبهم الصادقة مشاعرهم.. لذا فإنه من أهم الصفات التي يحبها الله في عباده «صفة الإحسان»، بأن تعبد الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، ثم وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس عندما كان غلاما: «إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف». رواه الترمذي.

* اقتطفت هذه السطور الجميلة من كتاب «الرجل النبيل» لمؤلفه علي بن جابر الفيفي، يقول فيها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيش مع أصحابه بنفسية الأب، أو قل: المعلم الملهم، الذي يتأمل طويلا في صحبه واحداً واحداً، ثم يثير في كل واحد منهم المعنى الذي إن أثير كما ينبغي، تفجرت به طاقاته، وحولته إلى قوة دافقة. كان يبصر ذلك الفارس الشجاع، فيخبره بأن شجاعته نادرة، فتتضاعف بذلك همته، ويعدو هزبرا يزأر في أوجه أعداء الإسلام. ويرى ذلك الشاعر الفحل، فيعلمه أن شكراً خاصاً أتاه من ملك الملوك على بيت قاله، فتتحول أحرف ذلك الشاعر إلى قذائف تقض مضاجع أناس لا يرجون لله وقاراً. ويسمع ذلك التالي المجيد للقرآن، فيأتيه بيته، ويقرئه شيئاً من القرآن، فتمضي الأيام، فيغدو أشهر قراء القرآن عبر التاريخ. وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ملهماً، نافخاً روح الحياة في قلوب من حوله، فيخرجهم بذلك من الهامش إلى المتن، ومن الانفعال إلى الفاعلية».

* ومضة أمل:

تذكر بأنك تعيش في أيام العمر تقطف منها قطوفها الحسنة، وتترك فيها أجمل الأثر، وتبقى بصماتك الجميلة فيمن أراد أن يكون شيئاً فاعلاً في الحياة.. أما أولئك الذين آثروا البقاء على الهامش بحالهم دون تغيير.. فلا تتعب نفسك معهم بأثر قد يستحقه غيرهم.