هناك سؤال يشغل الرأي العام هذه الفترة وهي هل تتحول العراق إلى ساحة حرب ومواجهة بين نظام الملالي في إيران والنظام الأمريكي وحلفائه في المنطقة؟

إن نظرنا إلى الواقع العراقي فإن التدخل الإيراني المباشر والتغلغل حتى في مفاصل الدولة العراقية بشكل سافر وعلني، ووقاحة استبدال أبناء العراق الأحرار بالإيرانيين العراقيين، وجعلهم في واجهة قيادة العراق لنهب ثرواته وخيراته لصالح نظام طهران بل وتعذيب وقتل العراقيين أبناء الأرض والبلد على مرأى ومسمع العالم أجمع، لهو سابقة لم تحدث مع عهد استقلال الدول وسيادتها وقوانين الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والطفل والمرأة وقيام النظام الإيراني مؤخراً بارتكاب أبشع الجرائم الدموية تجاه الشعب العراقي الأعزل وإطلاق الرصاص الحر وعزل العساكر العراقيين الرافضين لإبادة عرب العراق، وتحديداً أهل السنة وتنفيذ مخطط التغيير الديموغرافي لشعب العراق ينذر بكارثة بشرية شبيهة بما حدث من مآسي إنسانية في سوريا إن لم يتم تدارك العراق سريعاً من قبل النظام الدولي.

والأدهى أن النظام الإيراني «المآخذ راحته على آخره في العراق» قد حول من سنين ماضية عدد من المناطق العراقية إلى معسكرات تدريبية للخلايا الإرهابية التي تصدر إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم، ودليل ذلك الأجهزة الأمنية في المنطقة التي كانت تكشف حتى في وطني البحرين عند القبض على الخلايا الإرهابية الشديدة الخطورة، والعناصر الإرهابية المطلوبة للعدالة أنها قد تلقت التدريبات والتمويلات وحتى التعزيزات بالأسلحة والقنابل والمتفجرات من معسكرات تدريبية في العراق، بل أن هناك تأكيدات أن الهجوم الإرهابي بالطائرات المسيرة على حقول النفط أرامكو في السعودية قد جاء من أرض العراق على يد أتباع الملالي، وهو ينذر بكارثة مستقبلية إن لم يتم تداركها وهي أن العراق ستكون مصدر قلق عالمي خلال الفترة القادمة في استهداف حقول النفط، وحتى ناقلات النفط في المنطقة في حال استمرار الوضع كما هو عليه أمام تشديد الخناق على النظام الإيراني مع فرض العقوبات الأمريكية عليه.

فالنظام الإيراني يهدد ويتوعد كل فترة وأخرى أن الممرات المائية لن تكون آمنة، ومعروف أن النظام الإيراني دائماً ما يلجأ إلى تحريك أذرعه الإرهابية المغرر بها في المنطقة كابتزاز إرهابي لضرب استقرار الدول من الداخل ولإشغال الدول بحروب طائفية وصراعات داخلية تشغلهم عن إيقاف التمدد الصفوي والمخططات الإيرانية وإيجاد حل نهائي وجذري لهذا النظام الممول والداعم والمؤسس لكل هذه الخلايا الإرهابية.

إن الشعب العراقي العربي اليوم وأمام سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، واعتقال العديد من أبناء الشعب العراقي الحر الرافض للوجود الإيراني في الداخل العراقي قد اختار وقرر مصيره بنفسه وهو لا تراجع ولا انطفاء للثورة ولا نهاية لانتفاضه حتى تحقق مطالبه، وهذا حق من حقوقه في اتخاذ مواقف رافض أن يرى خيرات أرضه بيد أعداء وطنه وأن تكون المؤامرات الإرهابية التي تحاك ضد العرب والمسلمين على المستوى الإقليمي والعالمي تخرج من دياره ويغرر بأبنائه، بل ويستبدل من يرفض منهم ذلك بالأعاجم الإيرانيين أتباع إمبراطورية الفرس الزائلة والمهزومة دائماً وأن يكتشف أن هناك مخطط للتغيير الديموغرافي وتركيبة الهوية العربية جاريتان عليه وعلى أهله وإخوته في الوطن.

قبل عدة سنوات كان البعض يخبرنا أمام وضعنا لوسم العراق على حسابنا في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» دون يأس اننا نتوهم أن تعود العراق يوماً كما كانت عربية ومستقلة، فالعراق قد تم تدميرها وتحويلها إلى شلالات من الدماء والخراب وسرقتها بعد سقوط نظامها والشعب العراقي كثير منهم قد تم تغريره، وبعضهم قد خان هويته العربية، وقرر الارتماء في أحضان الملالي والتبيعة العمياء لإيران وإيران من المحال أن تترك العراق يوماً فقد تم التهامها بالكامل من قبل خونة العرب والمسلمين، وكنا نقول إن هناك أملاً كبيراً وقوياً في أن تعود عربية بل وتعود بلدنا الخليجي السابع، وتصحو من مسلسل الظلم والإرهاب الجاري والأمل الذي بنا يعود إلى تفهم طبيعة الشعب العراقي نفسه المعروف تاريخياً أنه شعب حر دخل في العديد من متاهات الحروب والصراعات الدموية حتى ينال استقلاله وحريته وأن من خانوا العروبة وقرروا فتح أبوابهم للإيرانيين للتواجد على أرض العراق لا يمثلون كل فئات الشعب العراقي الحر والأصيل، فالعراقيون بهم عشائر وقبائل بالأصل لها امتدادها العميق والراسخ داخل شبه الجزيرة العربية وهم موالون لأنظمتها الخليجية والعربية ويعتزون بانتمائهم العربي، وهم من تحاربهم إيران في الداخل العراقي بل وتتعمد تصفيتهم وإبادتهم واعتقالهم في السجون العراقية الإيرانية الهوى التي من يدخلها لا يخرج إلا جثة، تحمل علامات تعذيب وحشية تحت عذر القضاء على داعش التي هي صناعة إيرانية بالأصل.

لقد كنا نراهن على عامل الوقت والوعي وأنه حتى المخدوعين بنظام الملالي سيدركون ويكتشفون حقيقة هذا النظام المعادي لكل شيء عربي، وأنه سيأتي يوماً وتتحقق مقولة «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي» فالعراقي اليوم سواء أكان سنياً أو شيعياً أو كردياً يريد وضع نقطة النهاية للوجود الإيراني داخل العراق وقد بدا الوعي يزداد بالأخص عند الجيل الجديد من العراقيين، ومهما تجاهل العرب القضية العراقية فإن العراق تهمنا كشعوب عربية لأن مصيرها مرتبط بمصيرنا العربي والقومي.