عندما يصل الظالم إلى أقصى مراحل الظلم والبطش يسخر الله جنود السموات والأرض ليردع هذا الظلم الغاشم على عباده، فمهما بلغ الإنسان من الجبروت والكبرياء فإن الهلاك أو الردع بعقوبة ما مصير كل ظالم خان الأمانة فأرسى الظلم وصعد على أكتاف دماء ودموع المظلومين، وتناسى هذا الظالم بأن هناك أصواتاً تبتهل إلى الله عز وجل ليل نهار حتى ينصرهم من الظالم الذي اشتدت قوته في الطغيان والاستبداد والتعسف. وقد قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا تردّ دعوتهم، الإمام العادل والصائم حين يفطر ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام وتفتّح لها أبواب السماء ويقول الربّ عز وجل وعزتي لأنصرك ولو بعد حين». وهي رسالة إلى جميع المظلومين والمستضعفين في كل بقاع الأرض بأن النصر قريب حتى وإن ظن المظلوم بأن حلقات الظلم قد اشتدت إلا أن وعد الله عز وجل حق في نصرة المظلوم.

قاسم سليماني الجنرال الإيراني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني وأبومهدي المهندس هو نائب ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، لقيا مصرعهما بأيدٍ أمريكية بعدما وجه الجيش الأمريكي ضربة في قصف صاروخي استهدفت سياراتهما. الحدث تصدر الأخبار العالمية ومثلما نحب البعض لهلاكه علت أيضاً زغاريد السعادة ووزعت الحلوى فرحاً لمقتلهما بعدما لاقت بعض الشعوب الويل والظلم والفساد لاسيما في العراق وسوريا وكل شبر لاقى من ميليشيات «حزب الله» الإرهاب والفوضى. قاسم سليماني مصنف على قوائم الإرهاب في كثير من الدول منها أمريكا وأوروبا ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وسواء إن كان سبب مقتل سليماني تصفيته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو بسبب قتله لمئات من العسكريين الأمريكيين، فإن نهايته كانت مماثلة لمخططاته الإرهابية، فمثلما خطط لقتل الأبرياء بالرصاص أو بالصواريخ فالجزاء جاءه من جنس العمل، فقد كثف جهوده في تدمير الأمم والشعوب التي تعارض نهج ميليشيات الإرهاب الإيراني، فأصبحت نهايته عادلة لظلم امتد زمناً في إراقة الدماء، فهؤلاء الطغاة داعمو الإرهاب بالتأكيد تكون نهايتهم هكذا بعدما تجردوا من الإنسانية وتستروا بعباءة الإسلام. الطغاة هلكوا كما سيهلك من بعده كل ظالم ومفسد.

* كلمة من القلب:

الرسالة التي وصلت للإرهابيين والمفسدين مثل قاسم سليماني وأبومهدي المهندس ومن سبقهما هي ليست رسالة تستهدف هؤلاء القتلة فقط، بل هي رسالة لكل ظالم وفي كل موقع، في العمل، في المجتمع، في المنزل، فمهما بلغ الإنسان من جبروت وظلم يبقى أمام الموت والهلاك إنساناً ضعيفاً لا يستطيع أن يفر منه. وفرعون مثلاً يضرب في كل حين وهو ذو شأن عظيم هلك غرقاً، وكذلك يصيب كل من يظلم غيره، فإياكم ودعوة المظلوم فهي تحوم في مدارها تحت عرش الرحمن وتصيب الظالم في صحته أو ماله أو أولاده أو منصبه أو تقصف من عمره، واختصاراً لذلك يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه في أبيات جميلة:

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً

فَالظُلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إلى النَّدَمِ

تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ

يدعو عليك وعين الله لم تنم