«صباح الخير.. ألف مبروك عليكم الخلاص من قاسم سليماني»، هذا نص من عدة «مسجات» متشابهة من حيث الفكرة تم تداولها بين العديد من مواطني الدول العربية، خلال تلقفهم لخبر قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بقصف صاروخ أمريكي في العراق، ولعل خبر مقتله غطى على مقتل الإرهابي الهالك معه أبو مهدي المهندس المعروف حيث إنه قاد العديد من العمليات الإرهابية أبرزها محاولة اغتيال أمير الكويت واستهداف سفارتي أمريكا وفرنسا في عام 1983 في الكويت واختطاف طائرة الخطوط الجوية الكويتية عام 1984 ولعل آخر الجرائم التي قام بها كلاهما مسلسل شلال الدماء الجاري في العراق الشقيق وسقوط الآلاف من الجرحى والمئات من الشهداء.

لماذا احتل خبره الصدارة ليس عند المنتمين لتياره وتوجهه السياسي والذي وصفهم البعض بـ «أيتام قاسم سليماني» بل عند جميع الشعوب العربية والخليجية لدرجة قيام أهل سوريا والعراق بتوزيع الحلويات والخروج في مسيرات احتفالية بعد هلاكه «لا نشمت في الموت وهذا ليس من شيمنا لكن يقال إن عرف السبب بطل العجب» فأحدهم كتب «وأخيراً توفى من كان سبباً في تدمير وطني وقتل أهل منطقتي وتشريد عائلتي في الخارج» فقاسم سليماني كان سفاحاً من الدرجة الأولى في منطقة الشرق الأوسط ولم يرتكب جرائم عادية بل وحشية ودموية شديدة البطش وتفوق الخيال وهو يقود مخطط التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي فهو يعتبر العقل المدبر والمفكر لكل المخططات الإرهابية والاغتيالات التي تمت ولا زالت تتم في عدد من الدول العربية «العراق - سوريا - لبنان - اليمن « وحتى الخليجية بما فيها وطني البحرين، وبرقبته هو والمهندس دماء الآلاف من مواطني الدول العربية، الذين أزهقت أرواحهم ظلماً وإرهاباً وعذبوا سنين طويلة حتى الموت، وبأبشع الطرق، ولا توجد إحصائية واحدة عن عدد الأرواح التي أزهقها تحديداً لكن في حال حصرها فإن الرقم سيكون فلكياً بكل تأكيد لذا فالعالم أجمع اليوم يؤكد أن موته كان أفضل الحلول وكان نقطة النهاية للملايين من الكوارث البشرية التي ارتكبت وفق مخططاته وإدارته.

هناك من يرى اغتيال قاسم سليماني من قبل إدارة ترامب لم يأتِ لأجل عيون العرب وتخليصهم من مهندس الإرهاب إنما كردة فعل تجاه مهاجمة السفارة الأمريكية في بغداد فيما صرح الرئيس الأمريكي ترامب أن اغتياله جاء لمنع نشوب الحرب ولردع هجمات إيرانية مستقبلية وهناك من يتناقل أن اغتياله قد جاء بعد تسريب معلومات أمنية أن سليماني ينوي القيام بعدة هجمات إرهابية وسلسلة اغتيالات على القوى الأمريكية بالمنطقة غير أن الصورة الواضحة وأمام تصريح ترامب وتهديده بضرب 52 هدفاً داخل إيران إذا تعرضت القوات أو المنشآت الأمريكية إلى هجمات وهو عدد الأمريكيين الذين احتجزوا كرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في عام 1979 لأكثر من عام يؤكد مبدأ أن اغتياله قد جاء كردة فعل واعتبار لتذكير إيران بحجمها في المنطقة أمام هذا القيادي الإرهابي الذي كان يتنقل بين عدة عواصم عربية ويقود الهجمات الإرهابية.

وأنه في حال تفكير أي قيادي إيراني لمجرد التفكير في الاقتراب من المنشآت والقوى الأمريكية فإنه سيكون رماداً في ثوانٍ معدودة وينتهي وجوده كإجراء وقائي فأمريكا قوة عظمى وإمبراطورية عسكرية ومن العبث مجابهتها أو حتى محاولة مهاجمة من يمثلونها في المنطقة العربية، وهذا واقع لا يلغى ولا يحرف كما أنه حقيقة يرد بها على من يحلل الوضع ويدرس التصريحات الأمريكية والإيرانية، ويرى أن المنطقة قد تكون معرضة لنشوب حرب بين أمريكا وإيران في منطقة الشرق الأوسط، فإيران دولة جبانة جداً وفي حال رغبتها في الانتقام فمعروف منهجيتها في ذلك وهو الانتقام غير المباشر عبر تحريك أذرعها الإرهابية في المنطقة وتسليط الخلايا النائمة لشن عمليات إرهابية وإيجاد صراعات داخلية» ألم يخرج المسؤولون الإيرانيون ويصرحوا بأن الهجوم الإرهابي على «أرامكو» السعودية قد جاء من الحوثيين كردة فعل تجاه التقدم العسكري للقوات السعودية والتحالف العربي في اليمن ؟»

أما أن تكون هناك حرب مباشرة بين إيران وأمريكا فهذا خيار مستبعد لكون إيران تدرك حجمها العسكري جيداً أمام القوة العسكرية لأمريكا، ورغم ذلك فإنه لا يوجد أي شيء مضمون خاصة إن كانت هناك تحالفات خفية تتم من خلف الكواليس وتحت الطاولة، فالتعبير الأدق أنه من المستبعد أن تكون هناك حرب ومواجهة مباشرة، لكن في حال نشوب حرب، فإنها ستكون بهذا الصياغ، حرب بين إيران ومن يحالفها من دول أهمها تركيا وروسيا والصين، وبين أمريكا وحلفائها في المنطقة، وهذا التحليل بالأصل موجود منذ أزمة الممرات المائية وحملات الهجوم على ناقلات النفط من قبل الميليشيات الإيرانية في المنطقة.