رغم كثرة المبادرات التي تقدمها الحكومة لمساعدة رواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلا أن عدد الذين يغادرون السوق في زيادة، والمؤشرات حدث ولا حرج سواء في عدد المحلات المعروضة للإيجار أو في أعداد من يعلن أنه اضطر لوقف مشروعه وهم كثر، وكل يوم نسمع عن أسماء جديدة تركت أو على وشك أن تترك، وعموماً تستطيع الحكومة أن تحصل على إحصائيات دقيقة إن تعاملت بشفافية مع هذا الموضوع.

إنما لا يمكن للحكومة أن تتجاهل أو تتغاضى عن هذا الواقع، بإمكانها أن تستعرض للقيادة أو للرأي العام حجم المبالغ المستثمرة في هذا القطاع، وتستعرض عدد الداخلين الجدد للسوق، وتستعرض المبالغ التي ضختها لمساعدة هذا القطاع وأنواع المبادرات التي قدمتها لتنفي هذا الواقع، إلا أن ذلك كله لن يغير واقعاً لا يمكن تجاهله ولن يساعدها الإنكار المستمر في إخفاء مشكلة حقيقة تتفاقم يوماً بعد يوم على تخطي هذه العقبة الكبيرة في طريق النمو وزيادة دخل الفرد كهدف من أهداف الرؤية.

استمع يومياً لمعاناة هذه الفئة سواء بطريق مباشر أو عن طريق الرسائل الصوتية والنصية التي تنتشر بأسماء أشخاصهاعبر وسائل التواصل الاجتماعي ويشكون من عدم قدرتهم على إكمال الطريق، وعدم قدرتهم على سداد ديونهم والتحليلات والأسباب كثيرة بعضها يرجعه للرسوم وبعضها لرفع الدعم عن الكهرباء وبعضها للتعقيدات الإجرائية وبعضها للفيزا المرنة وبعضها للقيمة المضافة، هؤلاء يتحدثون دائماً مع أنفسهم فقط لا أحد يستمع إليهم أو يساعدهم في إيجاد الحلول، وهم ليسوا تجاراً كباراً أصحاب وكالات ورثوا رأس مالهم عن أجدادهم وآبائهم، لكنهم من الفئات الطموحة التي درست وتعلمت وعلى استعداد للتعب والجهد والبناء ولكن لا أحد يعترف بمعاناتهم، وإن تكرم أحد المسؤولين وقابل أحدهم ربما يحل مشكلة الشاكي فقط دون حل المشكلة من أساسها، أو ربما يكتفي بالاستماع وامتصاص الغضب فقط، في حين تستمر الشكوى ويستمر انكماش هذه الفئة وتقلصها. استغرب من تجاهلها وعدم الالتفات لها، ولا أدري إن كانت تصل هذه الأصوات إلى سمو ولي العهد أم لا؟ وهل ما يصل إليه هو الصورة المعاكسة فقط أن كل الأمور على ما يرام، وأن الشارع التجاري (يتحلطم) على الفاضي ودون سبب، وأن التجار الذين يشتكون هم مجموعة من الكسالى الذين لا يريدون أن يبذلوا جهوداً ويريدون أن تأتيهم اللقمة إلى أفواههم؟

هذه الشريحة التي تشتكي ومعاناتها لم تتوقف كبيرة، وأغلبها شباب جدد على السوق، وبالتأكيد هناك حلقة مفقودة بينهم وبين تلك المبادرات التي تقدمها الدولة لم تمكن هذه الفئة من الاستفادة القصوى منها، فصندوق السيولة وتمكين والصندوق الذي أسسته سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم كلها مبادرات ممتازة، ولكن هل هي كافية؟ ذلك هو السؤال.

الخلاصة ملف هذه الشريحة لا بد من أن يكون أولوية على طاولة الحكومة لا تقل أهميته عن ملف جلب الاستثمارات أو تحسين التصنيفات الائتمانية أو أي ملف مالي أو تجاري تؤخذ مؤشرات قياسه كمؤشر في النمو الاقتصادي.