ما بين الثابت والمتغير تدور مجريات حياتنا.. ولكننا في كل الأحوال يجب أن ندرك الثوابت والمتغيرات في حياتنا لكي لا نتعرض للصدمات..

حتى في علم الإدارة يوجد ثوابت ومتغيرات ولعل هذا ما يجعل القادة يسعون إلى توثيق الإجراءات وكتابة السياسات والاستراتيجيات العامة، حيث إن الإجراءات والاستراتيجيات من الثوابت أما الموظفين فهم المتغيرون.. وأعني بالموظفين جميعهم بمختلف مناصبهم من أعلى الهرم الإداري حتى أسفله..

قبل أيام بسيطة مررت بموقف غريب تطلب مني التواصل مع العديد من الجهات الحكومية والخاصة عبر «الخط الساخن» وللأمانة تيقنت بنفسي أن مسمى الخط الساخن مفعل جداً حيث إنه يجعل العميل «المستهلك» يسخن ويغلي وهو ينتظر الرد على مكالمته من أجل تزويده بالمعلومات التي يحتاجها أو حل موضوعه والتفاعل معه.. أما إذا كان يقصد بالسخونة سرعة الاستجابة فأنني أأمل أن تتم مراجعة الاسم مرة أخرى، وتسميته بالخط البارد أو الخط الميت سريرياً.. أو خط الأمل..

المهم.. تواصلت مع العديد من الجهات الحكومية التي من المفترض أن يبدأ دوامهم قبل الثامنة إلا أنني لم أجد من يرد على الخط الساخن.. فالتمست لهم العذر فلعل الموظف متأخر قليلاً.. فانتظرت بعضاً من الوقت.. وعاودت الاتصال.. وظل الهاتف يرن.. وأنا «أرن».. علماً بأن المكالمة محسوبة وأنا من سأتكفل بدفع الفاتورة!! حيث إن الخط الساخن غير مجاني وهو مدفوع الأجر ويجيب بشكل تلقائي وتحسب التكلفة منذ أن تقول البدالة «شكراً للاتصال بـ.....»

لن أطيل عليكم.. بعد محاولات متكررة من الاتصال، رد علي شخص لم تشفِ إجابته غليلي.. حيث قال لي بأسلوب غير لائق «نحن وسيط في معاملتك»، اتصلي بجهة حكومية أخرى لكي تجيب عن استفساراتك. فأنا لا أملك إجابة!!!

ولأني مضطرة قمت بالاتصال بالجهة الحكومية الأخرى التي زودتني بـ 3 أرقام مختلفة لها، بعد أن رجوته مساعدتي لجهلي بأرقام التواصل بالمعنيين في تلك الوزارة الخدمية.

حاولت الاتصال على الرقم الأول فلم يجب أحد.. حاولت مراراً وتكراراً دون فائدة.. فجربت الرقم الثاني.. ومن الرنة الثانية وجدت شخصاً يرد على اتصالي قائلاً «صباح الخير».. حمدت الله أن أحداً التفت لاتصالاتي المتتالية فقلت له «صباح النور، لقد حصلت على رقم مكتبكم من الجهة الفلانية، فقاطعني قائلاً.. «شلون عطوج رقمي.. هذا مكتب المدير.. وأنا المدير»، فقلت له: إنه رقم مكتب المدير أيها المدير.. وليس رقمك الخاص لكي تستنكر أن يتصل به أحد!!!

أعتقد بأن إجابتي أيقظته من حلم كان يعيش فيه!!!

هو رقم لمكتب حكومي!! وليس رقمك!! رقم المكتب الحكومي من الثوابت أما أنت فمتغير!!! ولكي أكون منصفة فلقد كلمني هذا المدير الذي أجهل اسمه بأسلوب لبق للغاية وأعطاني معلومات شبه متكاملة!!

ليس هو أول شخص أسمعه يقول كلمة «هاتفي / مكتبي / سكرتيري / موظفي»!!

انزع «ياء الملكية» لو سمحت..

فلا المكتب مكتبك.. ولا الهاتف هاتفك.. ولا السكرتير أو الموظف.. يعملون لك شخصياً..

لا أقصد التقليل من شأن أي أحد فكل شخص مهما ارتفع أو قل مستواه الإداري مقدر.. ولكني أتكلم عن واقع..

شاهدت في حياتي العملية العديد من الأشخاص الذين يزعلون إذا ما غادروا المنصب.. وكأن من المفترض أن يعمل هذا الفرد حتى الموت..

بل أنني أسمع سؤالاً بغيضاً «ليش شالو فلان» الإجابة «ما شالوه» ما تم هو تعيين شخص جديد.. وهذا لا يعني بأن الشخص السابق سيء أو أداءه سلبي.. بل لأن التغيير سنة الحياة..

* رأيي المتواضع:

من الجميل أن تكون واقعياً!! أن تستخدم الألفاظ المنطقية.. وأن تميز بين الثابت والمتغير.. فكلنا متغيرون مهما اختلفت مواقعنا الإدارية.. خلال مسيرتي العملية طلب مني أحد مدراء الموارد البشرية آنذاك بأسلوب مرتبك أن أغادر مكتبي لألتحق بمكتب آخر.. وبدأ يتأسف ويعتذر وهو يطلب مني هذا الطلب ويقول لي «سامحيني بناخذ مكتبج»، فقاطعته قائلة: بل مكتب المؤسسة التي أعمل بها» مكتبي هو المكتب الذي أملكه شخصياً كمكتبي الذي في منزلي.. أما هذا المكتب فتعود ملكيته للمؤسسة التي أعمل بها.. وهو الثابت وأنا المتغير..

فضحك قائلاً «ليت الجميع يتفهم هذا الموضوع».