شهد مقال «هل الحب أم التعايش» الذي نشر في عمود إشراقة السبت الماضي بتاريخ 17 يناير بجريدة «الوطن» البحرينية والذي طرحت من خلاله تساؤلاً: هل استمرار الحياة الزوجية قائم على الحب سواء بدأ الحب قبل الزواج أو بعده؟ أم أن استمرار العلاقة الزوجية لها قاعدة أساسية ثابتة رصينة لا تتغير ألا وهي: قدرة الطرفين على التعايش؟ وأن التعايش يحتاج إلى العديد من المهارات يجب أن يكتسبوها الأبناء من الأسرة منذ الصغر، ثم تنميتها من خلال الدورات والورشة التدريبية وقد تفاعل عدد كبير من القراء حول هذا التساؤل، بآراء جميلة إيجابية وجدت من المفيد أن أشرك باقي القراء فيها فاستعرضها في عمود إشراقة، فوجدت القراء بين مؤيد للرأي الذي يرى أن الحب أساس استمرار الحياة الزوجية وبين مؤيد للرأي الآخر بأن التعايش ركن أمن لأي علاقة بين شخصين كما وصفته القارئة «عبير جلال»، واتفقت معها في الرأي القارئة «فوزية المصري».

ويبدو أن المقال قد مس مشاعر العديد من القراء فقد اتفق أغلبيتهم على أن استمرار الحياة الزوجية لا يقتصر على وجود مشاعر الحب بين الزوجين، بل يحتاج إلى العديد من العوامل الأخرى ومنها: القدرة على تحمل المسؤولية واحترام العهود والمواثيق، واحترام حقوق الآخرين، كذلك اعتبر أن الحفاظ على الأسرة يعد أحد الواجبات تجاه المجتمع، كما وجهت أصابع الاتهام إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي شغلت أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، وعززت النزعة الاستهلاكية لدى أفراد الأسرة مما دفع الأبوين للعمل الإضافي لزيادة دخل الأسرة.

فيما اتفق البعض معي بأن استمرار الحياة الزوجية يحتاج إلى تنازلات فقال القارئ «هاني»: إن القدرة على التعايش تكون من الطرف الأضعف تحديداً وباستناده على المودة والحب يزداد هذا الطرف قوة ويزدان جمالاً، ولكن يجب أن تتغذى شجرة الحياة الزوجية على الحب والمودة حتى لا تذبل.

فيما اعتبر القارئ «موسى الطارقي»، الحب هو أقوى الروابط في الحياة الزوجية ووافقه الرأي «القارئ مجدي النشيط»، مؤكداً أن الحب قادر على أن يتجاوز على أي ضعف في الحياة الزوجية، وبالتالي تجاوز أي صعوبة تواجه الزوجين. ومن جانبها اعتبرت التربوية الفاضلة «ندى نصار» المقال من المقالات الهامة كونه طرح قضية تمس أغلب البيوت، مشيرة إلى أن أسباب عدم استمرار العلاقة الزوجية والطلاق كثيرة ومتنوعة ومنها أسباب تستحيل معها استمرار الزواج ويكون الطلاق هو الحل الأفضل، أما الأسباب التي لا تستحق أن تهدم الأسرة بسببها فهي عديدة ومنها ما تطرق إليه المقال ولكني سأضيف بعض الأسباب من وجهة نظري ومنها تربية الأبناء وليس المقصد تربيتهم على القدرة على التعايش وإنما القدرة على تحمل المسؤولية واحترام العهود والمواثيق واحترام الكلمة واحترام حقوق الآخرين والالتزام بالواجبات تجاه المجتمع والأفراد حتى طريقة التعامل مع من يخدمون الأسرة كالسائق والخادم والمزارع، وهذا يغرس من الطفولة، فيكون الوالدين والأهل قدوة قادرين على التأثير بشكل إيجابي في تكوين شخصية سوية مدركة أن قيمة الشخص في عطائه في أخلاقه، وليست في مكانته الاجتماعية وحسبه ونسبه وهذه هي أهم أسس الحياة الزوجية.

ومن ثم تطرقت التربوية «ندى نصار» إلى أحد البنود الهامة والتي اتفق معها وربما طرحتها في مقال سابق بعنوان «شغلنا بالمظهر عن الجوهر»، فقالت: يأتي بند المبالغة في الاهتمام بالمظاهر التي أصبحت متفشية في المجتمعات العربية فقط وقد يضطر الشخص للاقتراض ليستطيع أن يتظاهر بمستوى اجتماعي كغيره، وهذه السلوكيات ترجع أسلوب الأسرة في التربية، فقد أصبح الناس لا يعيشون لأنفسهم بل يعيشون أدوار آخرين سواء مشاهير أو فنانين أو غيرهم، فكل من الزوجين يعتبران الزواج هو استكمال للصورة الجميلة التي توضع على وسائل التواصل الاجتماعي وللأسف أصبحت هذه الوسائل هي العدو الأول لنا، فهي وسيلة لتقييم الآخرين وأصبح الفشل لا يلاحق المتزوجين حديثاً فقط بل يلاحق من تزوجوا وعاشوا حياة سعيدة، فكل منهما لا يتحمل عيوب الآخر.

وختاماً شكراً لجميع القراء الذين تفاعلوا هذا المقال، وعذراً لمن لم تتيح لي السطور القليلة لعرض رأيه وأخيراً أتمنى أن نتبع ما أقره ديننا الإسلامي الذي نظم العلاقة الزوجية بوضع عقد بين الطرفين، يتضمن الحقوق والواجبات حتى يعود الدفء والحب والسكينة إلى منازلنا، فقد أوصانا الله أن يكون الزواج على أساس المودة والرحمة، وأحياناً تستحيل العشرة بين أحباب الأمس ليفترقوا، وكل شراكة في نجاحها لها مكاسب وفي حال فضها أو فشلها لها خسائر ولذا في حالة مواجهة المشاكل ينبغي أن نتغلب على مشاكلنا العائلية بالحكمة، ويجب أن تحرص الأسرة على توفير جو أسري هادئ ومستقر ينعم فيه الأبناء برعاية الأبوين، لتنشئة جيل سليم، قادر على خوض غمار المستقبل، شاعر بالمسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه.... ودمتم سالمين.