فادي الشيخ

في خضم مواكبة التوجه الإقليمي والعالمي في توفير مساحات عمل مشتركة وبيئات مكاتب غير تقليدية، ثمة مجال واسع للتفاؤل بالنسبة للمطورين العقاريين في مملكة البحرين في تحقيق طفرة جديدة في حلول العمل المرنة وتقاسم مكاتب العمل.

تظهر إحصائيات العمل العالمية نزعة ثورية نحو المساحات المكتبية المشتركة على حساب المكاتب التقليدية، مع اقتحام عشرات الآلاف من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة هذا النوع الجديد من بيئة العمل المصغرة، حيث يساهم العمل المشترك في جعل بيئة العمل أكثر إنتاجية ومتعة.



تتواجد 19 ألف مساحة مكتبية مشتركة عالميا في 2019 تخدم أكثر من 3 ملايين شخص على مساحة تفوق 80 مليون قدم مربع بحجم 1 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل إلى 26 ألف مساحة مكتبية بحلول العام 2025، وتشهد زيادة يومية بمعدلات ملموسة جداً.

كما تظهر استطلاعات رأي عالمية ان 89% من العاملين في المساحات المشتركة يشعرون بسعادة أكبر بعد انضمامهم للمساحات المشتركة. وبحسب مؤسسة "جي سي يو سي كوميونيتي"، 84% من العاملين بصورة مشتركة اصبحوا اكثر تحفيزا، فيما 69% من المستطلعة آراءهم اكتسبوا مهارات جديدة، و 68% تحسنت مهاراتهم منذ انضمامهم الى مساحات العمل المشتركة. كما تخلق المساحات المشتركة فرص تشبيك أفضل.

وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية صناعة مساحات العمل المشتركة من حيث السوق العقاري الخاص بهذا النوع من المكاتب التجارية، فيما تعتبر منطقة آسيا ودول المحيط الهادئ أكبر اقليم للمساحات المشتركة في العالم بعدد 11 ألف مساحة مكتبية مشتركة، تقودها سوق التنين الصيني العملاق.

مرفأ البحرين المالي يشكل مثالاً حياً على بداية تطور صناعة مساحات العمل المشتركة وتزايد الاقبال عليها في المملكة، ولكنها ماتزال في مرحلة ما قبل النضج اذا ما قورنت مع تجارب الصين وسنغافورة ولندن ونيويورك. تجربة خليج البحرين للتكنولوجيا المالية نموذج رائد إقليمياً في احتضان مطوري الحلول المالية التقنية، وغيرها من مسرعات الأعمال الخاصة المستقطبة للأفكار الريادية الإبداعية.

مركز فاروق المؤيد لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التابع لجمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مثال آخر على نجاح البحرين في إطلاق مشاريع نوعية لاحتضان ودعم مشاريع الشباب ومساعدتهم على تحقيق ذاتهم عبر توفير مساحات إضافية لاستيعاب المكاتب الجديدة، وتقديم الدعم والخدمات المناسبة للأعضاء ومساعدتهم على خفض التكاليف التشغيلية، بالإضافة الى توفير المشورة الإدارية لضمان نجاحهم.

هناك تجربة صينية رائدة يمكن تطبيقها على مستوى المملكة، تتمثل بقيام إحدى الشركات الكبرى بدخول شراكة مع الشركات الناشئة بنسبة لا تتجاوز 30%، يتم بموجبها احتضان أفكار ومشاريع الشركة الناشئة وتوفير مساحات مكتبية مرنة لتطوير نموذج عملها.

مثل تلك التجربة قابلة بأن ترى النور في البحرين بكل تأكيد، بفضل تزايد الشركات الوطنية الحريصة على الوقوف وراء الأفكار الشبابية المبتكرة في مختلف القطاعات الاقتصادية، ووجود صندوق العمل "تمكين" الذي يطرح عشرات البرامج الداعمة لقوى العمل البحرينية والمشاريع الوطنية التي تخدم الاقتصاد وتوفير المزيد من فرص العمل النوعية للبحرينيين.

القطاع العقاري يجب أن يكون على قدر المسؤولية في تنويع العروض العقارية وطرح حلول أكثر ابتكاراً لجذب المستأجرين الجدد في مساحات العمل التشاركية والمرنة، بما يساعدهم على تلبية احتياجات مجتمع الأعمال الحديث، ومقابلة متطلبات الشركات الناشئة على اختلاف اهتماماتها واختصاصاتها.

[email protected]