لقد حاز قرار التحول الديمقراطي بمملكة البحرين على دعم شعبي كبير في المجتمع، لأن هذا القرار كان قراراً بالشراكة بين الحاكم والشعب، وهو ما يؤكد خصوصية الديمقراطية البحرينية. لم تكن الفترة الممتدة منذ 2002 حتى 2018 المعنية بالمشاركة السياسية استثناءً، حيث سبق ذلك، اتخاذ حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، قراره التاريخي، بإلغاء قانون تدابير أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة في فبراير 2001، والعفو غير المشروط بحق الموقوفين في قضايا الحق العام، والسماح بعودة جميع المنفيين من أبناء البحرين إلى البلاد بدون قيد أو شرط، إلى جانب منح الجنسية البحرينية لمستحقيها من فئة «البدون». ومنذ ذلك التاريخ والبحرين خالية تماماً من أي معتقل سياسي أو سجين رأي، وكل من في السجون هم مدانون في قضايا جنائية أو أمنية.

وجاء البدء في التحول الديمقراطي بعد أن تشاور مع مختلف مكونات المجتمع وتعرف على تطلعاتها ورؤاها في هذا المجال. الذي جعل مملكة البحرين عنواناً للحداثة والعصرية ومنارة للوعي والحضارة، ودفع الديمقراطية بمعناها الأوسع والأشمل. ومازالت عجلة التطوير تدور ولن تتوقف في المناحي السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتجاوز الماضي، «أحداث فبراير - مارس عام 2011»، وآخرها وليس بآخر تفعيل قانون العقوبات البديلة.

صور برلمانية معززة

تعد البرلمانات من أهم المؤسسات الدستورية بالدول الديمقراطية لا سيما الدول النامية، كما أنها تشكل دافعاً للبناء والتطوير عبر الإصحاح وتصحيح المسار عبر آليات البرلمان التي تمكنه من الرقابة والمحاسبة والتشريع من خلال التمثيل أو النيابة عن الشعب في بناء الدولة. ومع استحالة مشاركة جميع المواطنين فعلياً في صناعة القرار، حيث أصبحت البرلمانات هي ممثل فئات المجتمع لممارسات تلك السيادة.

عكف بعض النواب على مهاجمة بعض الوزراء بحدية تنقصها بعض اللباقة تحت قبة البرلمان لإيصال وجهات نظرهم، وآخرون عمدوا على إيصال انتقاداتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي منها مدفوعة الأجر، وآخرون حرصوا على الصور الفوتوغرافية وأخبار صحفية في مواقع بمحافظات عدة بحاجة لتحسين خدماتها منها محلات مخالفة لشروط الصحة أو غيره! وآخرون يقترحون قوانين عبر منصات التواصل الاجتماعي، علماً بأن تلك التشريعات موجودة! وهنا لا أقصد كمال السلطة التنفيذية، فمازالت التحديات قائمة سواء بعجز الميزانية، أو الفجوة التي سببتها قرارات وزارة التجارة للشارع التجاري أو مستقبل صندوق التقاعد أو انعكاسات الضريبة المضافة أو زيادة الرسوم على الخدمات والمحروقات ناهيك عن الركود الاقتصادي والأحداث التي تعيشها منطقة الخليج العربي.

ولكن: لو ألقينا نظرة سريعة على تقرير المجلس السنوي لدور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الخامس، سنلحظ عدد الأسئلة لوزارات الخدمات توازي 71%، وعدد الموضوعات التي وافق عليها المجلس توازي 47.3%!

وهذه النسب قد تبرر ظهور أعضاء البرلمان مع وزراء الخدمات أو وكلائهم، وكذلك يبرر امتعاض بعض السادة أعضاء المجالس البلدية، ووسم المجلس بمجلس خدمات أكثر مما هو رقابة ومساءلة وتشريع.

قد يعتقد بعض السادة أعضاء المجلس أن الكاتب يتصيد على الأداء البرلماني، وهذا اعتقاد يجانبه الصواب والواقع حيث إن ما تم ذكره هو قراءة للأداء البرلماني على خلاف ما يتم رصده وتدوينه ونشره من خلال التقرير السنوي للمجلس، «التفكير خارج الصندوق»، لأن البرلمان بحاجة لقراءة محايدة لقياس أدائه، وبالتالي ذلك يؤدي لتقييم مدى امتثال وكفاءة وفاعلية وملاءمة السادة النواب والنائبات واستدامة المجلس. فالكل يسعى للوصول لبرلمان فاعل يسهم بالديمقراطية. ويوازي أداءه المبادرات الإصلاحية التي سبقت المشروع الإصلاحي.. يتبع.