لكل أمة محطات تاريخية فاصلة تبقى حاضرة في ذاكرتها، لأنها تحدد مستقبل هذه الأمة، وتحدد مساراتها وانعطافاتها نحو التقدم والأهداف الوطنية.

محطات تاريخية متعددة شهدتها البحرين خلال القرن العشرين، لكن المحطة التاريخية الأولى التي شهدتها البلاد مع مطلع الألفية الجديدة هي التوافق على ميثاق العمل الوطني في استفتاء شعبي سيحفظه التاريخ.

نتذكر اليوم في الذكرى التاسعة عشر لميثاق العمل الوطني معنى لحظة الميثاق التي قادها عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وأعزه بدعم شعبي لافت.

لحظة الميثاق، تعنى قفزة هائلة للبحرين إلى دولة المؤسسات وسيادة القانون والفصل بين السلطات، وهي أسس النظام الملكي الدستوري الذي توافقنا عليه.

لحظة الميثاق هي المرحلة الأهم من تاريخ البحرين لانتقال الدولة من مرحلة الدولة التقليدية إلى الدولة الحديثة، وتجاوز مرحلة الدولة الريعية إلى نموذج مختلف يقوم على الإنتاج لا الاستهلاك.

لحظة الميثاق هي تأسيس الدولة المدنية التي تحتضن الجميع في إطار التعايش والتعددية وفق منظومة قيم وثوابت وطنية مشتركة.

لحظة الميثاق هي إطلاق للحريات العامة التي تتطلب فهماً وممارسة بمسؤولية وطنية حتى لا نعود إلى أزمات الأيديولوجيا البائدة.

لحظة الميثاق هي إطار مازال بحاجة إلى إدراك واستيعاب الفرص والأفق الواسعة التي يمكن للجميع تحقيقها لصالح الوطن والمواطن.

لحظة الميثاق لا تعني التوقف والإحباط أو التأجيل، بل هي لحظة بدأت لتستمر، ودفعت للعمل حتى الإنجاز المتواصل، وعلمتنا أنه لا مجال للتردد في حسم قضايا الأمن والتنمية، لأن طموحنا أكبر ولن نتوقف يوماً عن العمل لتحقيق تطلعاتنا الوطنية.

حققنا الكثير، وأنجزنا أكثر نتيجة لحظة الميثاق، لكننا مؤمنون بقدرتنا على العمل الجاد أكثر، ورغم كل التحديات التي توالت على الدولة خلال ما يقارب العقدين، إلا أن الفرص دائماً كانت أكبر، وكنا حريصين على اقتناصها، وتحويل كل تحد إلى فرصة وفرص.

بهذه المناسبة الوطنية نهنئ عاهل البلاد جلالة الملك المفدى، وسمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد حفظهم الله، وشعب البحرين العزيز، سائلين المولى القدير أن يحفظ البحرين، ويزيدها رفعة ورخاء.