مشاهير فضائيات «الإخوان المسلمين» المصريين في تركيا هاجموا أخيراً الإعلامي المصري يوسف حسين، صاحب برنامج «جو شو» الذي يعتمد الأسلوب الساخر في تحليله للأحداث، والسبب هو أنه «تجرأ» وانتقد أسلوبهم في تحريض المصريين في الداخل وقال ما معناه إنهم عمدوا إلى الطلب من البسطاء ما لا يستطيعونه ويريدون منهم أن يواجهوا السلطة بينما المحرضون مرتاحون في تركيا وكل ما يقومون به هو متابعتهم لما يجري والتعليق عليه، واعتبر أن فشل تحرك الفنان والمقاول المصري محمد علي الذي اختار معاداة الحكم واللجوء إلى الخارج في تحريضه للبسطاء المصريين سببه أنه وضع يده في يد «الإخوان» الذين أعطوه الشمس في يد والقمر في يد وقالوا له إن الشعب المصري لا يحتاج إلا إلى من يوجهه ويشد من أزره وأن بإمكانه أن يسقط النظام في أيام.

الهجوم الذي تلقاه ذلك الإعلامي كان قاسياً، حتى إن محمد ناصر، أحد أبرز إعلاميي قناة «مكملين» تحدث عنه بطريقة غير لائقة ونعته بالفلاح «الكلح»، «العبوس ذي الوجه الحزين»، ووصل حد انتقاده للون عينيه وقال إنه للمرة الأولى يرى كوميدياناً عيونه خضراء! بل واتهمه بأنه تابع للسلطة في مصر. أما الرد فلم يتأخر حيث خصص حسين الحلقة التالية لانتقاد الإخوان والقول بأنهم خرجوا من مصر ليطالبوا بالحريات لكنهم عمدوا إلى التضييق على حرية من لا يتوافق معهم ولا يوافقهم على ما يقولون وما يفعلون.

لكن، لأن صاحب العيون الخضراء هذا محسوب أساساً على «الإخوان» ويعمل لصالح فضائية تدعم هذه الجماعة لذا فإن متابعي هذا الحدث المتناقض رأوا أن الموضوع قد يكون مختلفاً وأن الغالب هو أن هذه الجماعة تريد لسبب ما أن تبرئ هذا الإعلامي من صلته بالإخوان وتقول إنه لا يتبعها وإن الدليل هو أنه انتقدهم وأنهم هاجموه.

ولكن أيضاً، لأن هذا هو فقط الذي حدث ولم يتطور لذا صار الأغلبية يميلون إلى الاعتقاد بأن الموضوع تمثيلية ليس إلا، وهو أسلوب ليس بغريب على «الإخوان» المعروفين بالتكتيكات والمناورات والصفقات تحت الطاولات، والضحك على ذقون البسطاء.

المثير في أمر الجهد الذي بذله هؤلاء من تركيا ودول أخرى لتأليب المواطنين المصريين على الحكم في مصر لم يحقق الغاية منه، فالمصريون على اختلافهم لم يستجيبوا لهم ولم يتفاعلوا معهم وإن استمروا في متابعة ما يبثونه وما يوصلونه من رسائل تحريضية، وهو عكس ما كان يتوقعه العاملون في تلك الفضائيات والذين وصلوا إلى حد الاعتقاد بأن المصريين في الداخل ينتظرون التوجيهات لينفذوا المطلوب منهم، وهو ما ظلوا يروجون له عبر برامجهم.

من يقول بعدم وجود هامش للخطأ والتقصير في مصر لا يقول الحقيقة، حيث الطبيعي هو وجود مثل هذا الهامش، فالعاملون في إدارة مصر هم من البشر ومشكلات مصر كثيرة، لكن من يقول بأن الشعب المصري لا ينقصه إلا «الإخوان» ليقوموا بدور المحرض من الخارج لا يعرف ماهية الشعب المصري ولا ما يريده، فهذا الشعب لا يريد ما تسعى إليه تلك الجماعة وهو من الأساس لا يثق فيهم ويعرف ألاعيبهم و»تمثيلياتهم»، فهذه أمور لا تنطلي عليه أو بالأحرى لم تعد تنطلي عليه، فما لقيه من هذه الجماعة قبل وبعد تنحي الرئيس حسني مبارك كثير ولا يمكن أن يقبل بتكراره.

الشعب المصري لا يريد من يحرضه على الحكم في مصر، خصوصاً إن كان من الخارج، وخصوصاً أيضاً إن كان من الإخوان، وليس فشل تحرك ذلك الفنان المقاول إلا دليلاً على ذلك، وليس فشل تلك الفضائيات التي تبث من تركيا إلا دليلاً آخر.