مهمة الحكومة توجيه القارب وليس التجديف، وهذا ينطبق على الحكومة الإيرانية التي تقبع في إحدى زوايا مربع السلطة المكون من المرشد والبرلمان والحرس الثوري ثم حكومة روحاني نفسها التي لا توجه ولا تجدف. وحتى لا نقع في التناقض فإن الحكومة والبرلمان الإيراني لايزال لهما دور، فهما الهيكل الذي يفهمه العالم. وفي يوم الجمعة المقبل 21 فبراير سيدلي الإيرانيون بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس الشورى أهم جهاز تشريعي في إيران، والذي يصادق على المعاهدات الدولية، وهذا الدور هو ما يهمنا بالدرجة الأولى بناء على أن سياسة دولة ما، هو في الوقت نفسه ليس إلا جزءاً من سياسة الدول المجاورة، لذا تتضمن قراءتنا لانتخابات مجلس الشورى الإيراني ما يلي:

* إن العزوف عن التصويت في الانتخابات قد يكون من صالح التيار المحافظ، فرغم أن البرلمان الحالي فيه أغلبية من الإصلاحيين، إلا أن الناس يرون أنهم لم ينجزوا شيئاً يذكر، فالناخبون الذين أيدوا روحاني قد لا يصوتون في 21 فبراير. وفي هذا قصور في إدراك أنه لولا الأغلبية الإصلاحية التي كانت ترمم تجاوزات المتشددين الإقليمية لكانت إيران في حروب مدمرة مع جوارها.

* رغم سطوة مجلس صيانة الدستور المكلف بالمصادقة على الترشيحات وشطبه أسماء 7148 مرشحاً في خطوة لا سابق لها، إلا أننا نتمنى أن يكون أغلب الـ290 مقعداً في مجلس الشورى من نصيب من يثبت أن برنامج إيران النووي لا ينطوي على أي أهداف عسكرية، وأن طهران لن تتدخل في شؤون الخليج.

* ظهرت في الشهرين الماضيين بوادر مزاج تهدئة بين ضفتي الخليج قد لا ترقى لتجاوز الخلافات الكبرى، وكان منها ما أشار إلى أن طهران مكملة للجهد الخليجي لتنمية واستقرار الخليج. لذا فإن وصول غلاة المحسوبين على التيار المتشدد قد يعني نهاية التقارب الخليجي الإيراني، وإعادة شيطنة حلفاء واشنطن في الوجدان الشعبي الإيراني بجهد وقوده مقتل سليماني والعقوبات الأمريكية.

* تظهر قراءة المشهد عشية الانتخابات غياب العدل الانتخابي حيث تسابقت أجنحة التيار المحافظ إلى الإعلان عن قوائمها الانتخابية العديدة، مقابل القائمة الإصلاحية الوحيدة بزعامة مجيد أنصاري، بسبب رفض مجلس صيانة الدستور أغلب مرشحي التيار الإصلاحي. بل إن مقاعد الأقليات الدينية الخمسة لليهود والأرمن والآشوريين والزردشت قد تمت مساومتهم عليها من قبل مجلس صيانة الدستور. لكن يبقى الأمل في ما يعانيه التيار المحافظ رغم كثرة مرشحيه من التشتت والتنافس الداخلي الشرس.

* إن من المحير ألا تكون هذه الانتخابات لصالح الائتلاف المعتدل الحاكم، حيث تقول استشرافات عدة بعودة المحافظين وتزايد الضغوط على حكومة روحاني، ربما بسبب سلسلة من التظاهرات المناهضة للنظام والتي هزت البلاد بعد رفع مفاجئ لسعر البنزين ثم سقوط الأوكرانية.

* بالعجمي الفصيح:

إن ظهور سطوة المتشددين الإيرانيين في انتخابات مجلس الشورى الحالية قد يكون لها إيجابيات، فعزوف الناس عن الاقتراع، وإذا أجريت الانتخابات بطريقة أحادية، قد يقود إلى حصول ثورة وشيكة كما قال روحاني نفسه.ِ

* كاتب وأكاديمي كويتي