* لم ألتقِ به كثيراً ولم تجمعني به أية مناسبات.. ولكن لمحته في سيارته في الطريق بالقرب من المسجد.. فتح النافذة وشكرني على سطور مقالاتي الأسبوعية.. فرحت بأن تكون هذه السطور المعدودة لها التأثير الجميل أو على الأقل لمتابعة ثلة من الناس.. فلعلها تترك أجمل الأثر أكون من خلالها قد حققت جزءاً من رسالتي في مسير الحياة.. فهي سطور أسأل الله عز وجل أن تكون خالصة لوجهه الكريم، أبث فيها شجون النفس، وأحوال الحياة، ومواقف العيش، ولطائف الأيام، وخواطر قد يتقبلها البعض، وقد يختلف معها البعض الآخر.. ولكن تبقى أثراً أراه جميلاً لأجيال قد تتأملها وتتأثر بها وتغير جزءاً من حياتها حتى تواجه الكون كله.. لأنها رسائل حب قبل كل شيء.. وكيان حب نتعامل به مع كل ظروف الحياة بلا استثناء.. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.

* يلفت نظرك أحياناً اختيارات بعض الأصدقاء لعدد من الكتب التي تعد المتنفس الجميل لأيام الحياة. بعض هذه الكتب تتميز بسلاسة الطرح وسهولة الأفكار وقدرتها على التأثير وجذب الانتباه، لدرجة أنك قد ترسل على أثرها رسائل السلام والمودة والتواصل مع آخرين انقطع وصالهم لسبب أو لآخر، أو فترت العلاقات لمدة من الزمن.. مثل هذه الرسائل حرص كاتبها على تضمينها في سطور كتابه فكانت فاتحة خير لقارئها حتى تعود الابتسامة إلى وجهه وتنتشر السعادة التي لربما اختفت ملامحها في فترة من الزمن. بالفعل نحتاج اقتناء مثل هذه الكتب التي تعبر عن مفاهيم «من القلب إلى القلب» بلا تكلف وسهولة في الطرح وتقدم رسائل حب بالمجان.

* في مرحلة ما أحسست أن هناك تغيراً قد طرأ على صاحبي الذي كان يتردد كثيراً في الوصال وفي العودة مجدداً إلى دوحة الحب التي يحبها. فقد أثرت فيها بعض الملامح الجميلة التي رآها في نفسك، بل أثرت فيه تلك الصور المضيئة التي اعتدت أن تصورها لتترك الأثر الجميل في نفس كل من تقابله. فتمنيت لو أن هذا التغير يستمر لفترة من الزمن.. ولا يكون وقتياً كسابق الأيام.. المرء يتغير في كل محطة من حياته.. قد يفتر.. وقد يتراجع عن أسلوبه الحياتي الجميل.. ولكن عليه أن يكون الضمير الحي المتقد الذي لا يتراجع عن مراجعة ضميره بين الفينة والأخرى، وفي تحقيق مقصوده في الحياة.. رضا الله عز وجل والخوف من التقصير في الحياة طمعاً فيما أعده الله لعباده الأصفياء..

* في عملك تقضي أكثر ساعات يومك، فتتعايش مع العديد من أصناف الموظفين ولربما تتأثر بهم في أغلب الأحيان تبعاً لتعدد الأمزجة. فالبعض إنما يتطلع للعمل من أجل أن يرضي ضميره أولا قبل الآخرين، فلا يتطلع للمناصب على حساب الضمير. أما البعض الآخر فهمه أن يكون «حمامة السلام» عند حدوث المشكلات، فيزعم أنه الفارس المغوار الذي يحلها فيتدخل فيما لا يعنيه بل ويزيد من توتر المواقف وسخونة الأحداث وتزعزع العلاقات. في المقابل تنتشر بعض النفسيات المريضة التي لا هم لها إلا التصيد في الماء العكر والغيبة والنميمة ونشر الإشاعات التي من شأنها أن تشحن النفوس وتفسد صفو العلاقات، وتحول بيئة العمل إلى بيئة صاخبة بالانزعاج النفسي والقيل والقال. نحتاج أن نحول بيئات العمل إلى بيئات خالية من التوترات والقلق، وننشر ثقافة الولاء المؤسسي وحب العطاء والإنجاز وابتغاء رضا الله عز وجل في كل شاردة وواردة.. فلا يلتفت المرء حينها إلى أية مشكلات أو أي مثبطات وأقاويل تعطل من مسير عطائه.. بل يعمل من أجل أن يحفظ لقمة عيشه من أي شائبة أو تخبط في أوقات العمل.. وإنك لتأنس لذلك الموظف الذي سخر وقته لعمله وللإنجاز ومرونة العمل والتغيير، فلم يضيع لحظة واحدة في المهاترات والمنازعات والجلسات الفارغة التي تفتح الباب واسعاً للفتن! فجميلة هي تلك الابتسامة التي تراها أمامك، وهي نفسها في قلبه، ونفسها من ورائك.. فيحمل شخصية واحدة تجاهك في كل موقف، على عكس بعض النفوس المتناقضة ذات الشخصيات المتصارعة نفسياً، فتضمر في نفسها ومن خلفك الحقد والجفاء، عكس ذلك الترحيب الحار الذي تعاملك به!! هي مخالفات صريحة لمعاني «السلام الداخلي» الذي ننشده. فاعمل بإخلاص وهمة واترك أثراً جميلاً في عملك مع كل نفس وفي كل موقف، فأنت لا تملك مكانك أو كرسيك أو وظيفتك.. لأنك سترحل عنها يوماً ما!!

* هدية قد تأتيك من شخص بسيط جداً قد لمحك وأنت بحاجة ماسة إلى من يمسح عن قلبك بعض الآلام العابرة في الحياة.. هدية أحب أن تصلك بلا مقدمات.. فما إن يضع يده في يدك إلا وتحس أن هناك محبة من وراء المواقف، ينبض بها قلبه تجاهك.. لأنك لربما تركت في نفسه الأثر الجميل الذي يراه منك كل يوم بدون أن تحس.. هدية من شخص ترك أهله وتغرب من أجل لقمة العيش، ويعمل في عمل بسيط براتب زهيد.. هدية لها ثقلها في نفسك لأنها تعني لك الكثير.. الجميل أنه قد تعنى لطلبها من الخارج.. وجاء يضعها في يدك.. حباً وعرفاناً ووفاءً.. نعم الدنيا جميلة وهي بخير.. وفيها الكثير من رسائل الحب التي لم نلتفت إليها بعد.. أصحابها لم يعرفون بأنفسهم بعد.. بل ولربما آثروا الاختباء وراء جدران الأيام.. يحملون الدعوات على كفوفهم الطاهرة.. فيا رب لا تحرمنا من طيب وصالهم وجميل دعائهم.. وبارك لهم في حياتهم.

* نصيحتي إلى ذلك القلب الذي أحببت طيبته وحبه للخير.. أن لا تتضجر من كثرة أعباء الخير، وأن لا تكثر من التسخط على أوضاع الحياة أو أوضاع الأعمال، وأن لا تتعذر بضغوطات الحياة.. بل على العكس.. احمد الله عز وجل أن اختارك لكل موقف ولكل عمل ولكل حدث.. فلا تعتذر لأي مهمة إنسانية كانت.. ولا تلقي باللائمة على الظروف والضغوطات إن قصرت في أحدها.. وتذكر دائما إنه اختيار الله عز وجل.. اختارك من بين البشر حتى تحصد المزيد من الحسنات وتكتب في صحائفك يوم القيامة.. فهي فرصة لن تعوض ولن تتكرر في أيام الحياة السريعة التي لا تمهلنا الكثير حتى نعطي القليل.. استفد من كل موقف، واقتنص كل فرصة، وكن مبادراً لكل عمل تزرع فيه طيب الأثر وتملأ فيه كل دقيقة من أوقاتك في عمل الخير.. نصيحتي الدائمة لنفسي أولاً قبل الآخرين أن ننشغل دائماً في عمل الخير وبخاصة إن كنا نعمل في ميدان خير اختارنا الله فيه لنكون أبطالاً في مقدمة الركب.

* ومضة أمل:

هنيئا لكل عامل قبل أن يكون عضواً فاعلاً سعيداً في كل ميدان اختير فيه.