بين الحين والحين يعمد البعض إلى الترويج لفكرة ملخصها أن بعض دول الخليج تقوم باعتقال وتعذيب وسجن ونفي من تريد من الناشطين وعلماء الدين بذريعة أنهم مدعومون من النظام الإيراني وأنهم ينفذون الأوامر التي تأتيهم من «ملالي» إيران. لكن لأن هذه الفكرة لا أساس لها من الصحة وتعتمد المبالغة لذا صار مهماً الرد عليها وتوضيح الحقيقة.

منطقاً لا يمكن لأي دولة خليجية أو عربية بل أي دولة في العالم أن تتهم إيران بمثل هذه التهمة لو لم يكن يتوفر لديها ما يكفي من ودلائل وبراهين، فالدول لا تفرط في العلاقة بينها وبين الدول الأخرى بناء على معلومة غير أكيدة أو لمجرد أنها تتخذ منها موقفاً سالباً حيث الدول مصالح وليس من مصلحة أي دولة أن تتخذ موقفاً من غيرها هكذا من دون سبب لأنها بذلك لا تخسر العلاقة فقط وإنما تخسر مصالحها.

بناء على هذا المنطق يمكن القول من دون تردد بأن الدول الخليجية التي يتم تناوها بين الحين والحين عبر وسائل التواصل والاتصال لم تتخذ موقفاً من إيران إلا بعدما توفر لها الدليل والبرهان اللذين لا يرقى إليهما الشك. وعليه فإن قول هذه الدول بأن سيناً أو صاداً متورط في تنفيذ تعليمات وصلت إليه من إيران وإنه مدعوم منها لا يمكن تصنيفه في باب الافتراء والادعاء، فلو لم يكن ذلك صحيحاً لما أقدمت هذه الدول على مثل هذا القول.

على مدى الأربعين سنة التي سيطر فيها النظام الإيراني على الحكم في إيران اكتشفت تلك الدول الخليجية الكثير من ألاعيبه وقامت بإلقاء القبض على أعداد من الذين تبين أنهم متورطون في تنفيذ أنشطة تخدمه وتسيء إليها.

النظام الإيراني جهر بدعم كل من اعتبر نفسه «معارضاً» لأنظمة الحكم في تلك البلدان الخليجية، هذا الدعم استمر طويلاً ولا يزال، ومنه جعل الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها قناة «العالم» في خدمتهم على مدار الساعة.

النظام الإيراني ظل يردد طويلاً بأن البحرين تحديداً تابعة لإيران وأن من حقه «استرجاعها» وإنه لا يمكن أن يفرط في هذا «الحق»، والأمر نفسه فيما يتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث التي يحتلها ولا يقبل حتى الحديث عنها.

النظام الإيراني سعى طويلاً إلى تهريب الأسلحة إلى تلك الدول الخليجية، ويتوفر على تورطه في هذا الفعل ألف دليل ودليل.

النظام الإيراني وفر الكثير من الأمثلة على تدخله في الشؤون الداخلية لهذه الدول ومارس الكثير من الأنشطة السالبة والمسيئة لها. وبالطبع لا يمكن نسيان أو تناسي تضمين النظام الإيراني دستوره مواد تلزمه بما أسماه «مناصرة المظلومين والمستضعفين» وتعتبره مسؤولاً عن الشيعة في كل العالم، والأكيد لا يمكن لدول الخليج العربي كلها نسيان التصريح الأول لأرباب النظام الإيراني عن عزمهم «تصدير الثورة».

ليس من أمر مضر بهذه الدول ومسيء لها إلا وقام النظام الإيراني به على مدى العقود الأربعة الماضية. لهذا فإن من يقول بأن بعض الدول الخليجية تتذرع بالتدخل الإيراني في شؤونها بغية التضييق على «معارضيها» لا يقول الحقيقة، إذ لولا أنه تبين لهذه الدول تورط أولئك في مثل تلك الأنشطة لما أقدمت على ما أقدمت وتقدم عليه بين الحين والحين.

الحقيقة التي يعرفها العالم كله وينبغي أن ينتبه لها كل من يقول مثل ذلك الكلام هي أن هذه الدول الخليجية تعتمد العدل وأنها دولة مؤسسات وقانون ولا تسمح لنفسها بتجاوز ذلك.

لولا توفر ما يكفي من أدلة وبراهين على تورط من تتم محاسبتهم في ممارسة أنشطة مدعومة من النظام الإيراني لما أقدمت تلك الدول الخليجية على ذلك ولما اتهمت بها إيران.