راى متخصصون في قطاع الطيران ان شركات الطيران وركابها يستفيدون من التدهور الكبير في سعر برميل النفط وانما بشكل جزئي فقط بسبب المنافسة والتعقيدات التي ترافق عملية تسعير بطاقات السفر.
ويتم تحديد سعر بطاقة السفر وفقا لعدد لا يحصى من العوامل: مسافة الرحلة وفئة المقعد الذي يختاره الراكب والجهة المقصودة في حال كانت غير مباشرة ووجبات الطعام او ايضا كلفة استهلاك الطائرات، والصيانة والضرائب الملاحية وتكاليف افراد الطاقم وبالتاكيد كلفة الكيروسين الذي يشكل ايضا عاملا بين عوامل اخرى.
وبالتالي لن تنخفض اسعار الرحلات الجوية الى النصف بمجرد ان سعر برميل النفط انخفض اكثر من النصف في غضون عام ليستقر دون العتبة الرمزية المتمثلة بخمسين دولارا (48,79 دولارا في سوق التداول لدى اقفال الجمعة).
من جهة اخرى، اوضح متحدث باسم شركة اير فرانس "لا نشتري النفط الخام وانما الكيروسين. ويتعين بالتالي دفع كلفة التكرير"، مضيفا ان سعر الكيروسين لا ينخفض بالسرعة نفسها لسعر برميل النفط الخام ("اقل بنسبة عشرة في المئة").
وتدهور سعر برميل النفط سيخفف مع ذلك بشكل كبير قيمة الفاتورة النفطية في 2015 بالنسبة الى شركات الطيران.
لكن الشركات التي وقعت عقود "ضمان" تضعها في منأى عن زيادة كبيرة في اسعار المحروقات، لا تستفيد كليا اليوم من انخفاض اسعار هذه المواد. وهذه هي خصوصا حالة شركات دلتا او يونايتد او اير فرانس-كي ال ام.
واوضح المتخصص في القطاع لدى مؤسسة "اودو سيكيوريتيز" يان ديروكليس انه "اذا انطلقنا من فرضية ضمان بحدود 60 في المئة من استهلاك النفط لدى اير فرانس-كي ال ام في 2015 ومن المستويات الحالية لاسعار المحروقات والعملات، فان فاتورة الوقود للمجموعة ستنخفض بواقع 600 مليون يورو مقارنة مع 2014" من اصل ما مجموعه 6,6 مليارات.
وقد تتراجع بواقع 400 مليون يورو بالنسبة الى الشركة البريطانية "آي ايه جي" وحتى بواقع 1,3 مليار يورو بالنسبة الى لوفتهانزا الالمانية. وتتوقع دلتا ايرلاينز من جهتها توفير ملياري دولار (1,77 مليار يورو) من سعر الكيروسين هذه السنة.
وهكذا، فان شركات الطيران لن تتمتع كلها بهذا الهامش من المناورة في حساباتها لانها مرغمة، في قطاع تنافسي بشكل كبير، على خفض اسعار بطاقاتها.
وبحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا)، فان معدل سعر بطاقة السفر في العالم سينخفض بنسبة 5,1 في المئة هذه السنة.
في فرنسا، ينتقد الاتحاد الوطني للطيران التجاري (فنام) منذ وقت طويل التخفيض المتواصل لاسعار بطاقات السفر الذي يزيد الضغوط على شركات الطيران.
وفي 2014، سجلت تعرفات الرحلات التي تنطلق من فرنسا (كل الشركات) الى وجهات دولية، انخفاضا بنسبة 1,1 في المئة مقارنة بالعام 2013 وبنسبة -1,6 في المئة مقارنة بالعام 2012. ومع معدلات اكبر ايضا للرحلات الى اسيا (-5,5 في المئة في 2014 مقارنة ب2013، و-7,3 في المئة مقارنة ب2012) واميركا اللاتينية (-4,4 في المئة مقارنة ب2012)، بحسب معطيات الادارة العامة للطيران المدني.
ويوضح يان ديروكليس ان غالبية شركات الطيران الاوروبية بدات تعكس التراجع في اسعار النفط في اسعار بطاقاتها خلافا للشركات الاميركية.
وعلق قائلا "انها مسالة بيئة تنافسية و+قوة تسعير+". واضاف "في الولايات المتحدة تم تعزيز السوق اخيرا، ما يمنح الشركات بعض القوة في تحديد الاسعار، وهو ما لا يتوافر لدى غالبية الشركات الاوروبية الكبرى".
ويبقى الطلب على الشبكة المحلية متينا ايضا.
وفي اوروبا، تسعى بعض شركات الطيران وراء حصص في السوق، مضيفة بذلك قدرات وخصوصا ضغوطا من قبل المستهلك لخفض الاسعار.
واعلنت فيرجن استراليا وجابان ايرلاينز او قطر ايرويز من جهتها تقليص عبء الوقود وبالتالي سعر البطاقة بالنسبة الى بعض الجهات.
وحلل يان ديروكليس قائلا ان "شركات الطيران الاوروبية التقليدية ستحافظ على جهودها لخفض التكاليف لمواصلة نهوضها".
لكن حتى الانخفاض المحدود في العائدات سيؤدي الى القضاء على التوفير المكتسب في فاتورة الوقود وفقا للمستويات الحالية لسعر المحروقات وسعر صرف اليورو مقابل الدولار، كما تقول اير فرانس.
واعتبرت الشركتان الاميركيتان دلتا ايرلاينز ويونايتد من جهتهما تدهور الاسعار بمثابة "نعمة". وهي تعتزم الاستفادة منه لتنقية حساباتها واغداق الارباح على مساهميها.
وهكذا اوضح ريتشارد اندرسون رئيس مجلس ادارة مدير عام دلتا التي بلغت ديونها 7,5 مليارات دولار "في الفصل الثالث، سيتم استخدام ذلك لخفض ديوننا، وفي الفصل الثاني سيعاد توزيعه على مساهمينا". وتعتزم المجموعة خفض ديونها الى خمسة مليارات دولار هذه السنة.