تعلمت منذ ما يقارب 15 عاماً وهي المدة التي أكتب فيها مقالات الرأي أنه إذا ما صعب علي فهم أمر فإني أسأل وأكتب بطريقة استفهامية دونما تجنٍّ أو إلقاء التهم جزافاً. فإذا ما سألت سيعلمونك حتى يمحى جهلك، أو لربما انتبه المعنيون لموضوع هام من خلال أسئلتك. أما إذا بدأت الكتابة باستفزاز الطرف الموجه له المقال فإنه قد يعتبرك عدواً له، ويأخذ الموضوع بحساسية مفرطة.

أدخل في الموضوع مباشرة.. الطلاق «أبغض الحلال» هذا الموضوع المتجدد الذي يخص كل فرد من أفراد المجتمع، فانهيار أسرة يترتب عليه العديد من الأمور المعقدة لا سيما عند وجود أطفال. والطلاق في ظل وجود أبناء هو ليس انهياراً لكيان أسرة فقط.. بل هو شرخ في جدار المجتمع.

لن أعيد عليكم كلاماً طالما تحدثنا فيه..

ولكني سأفتح باب الاستفسارات أمام المحكمة الشرعية لعلي أجد إجابة شافية للتساؤلات التي سكنت عقلي منذ أن أرسلت لي إحدى قريباتي نسخة من حكم النفقة، وللعلم فإن الحكم كان في صالحها، حيث كتب في الحكم نصاً «حكمت المحكمة وبصفة الاستعجال بضم حضانة البنت للمدعية وبإلزام المدعي عليه أن يؤدي للمدعية لصالح الابنين نفقة قدرها 80 ديناراً شهرياً مقسمة بينهما بالتساوي، وبإلزام المدعي عليه أن يؤدي أجرة حضانة مبلغاً قدره 10 دنانير ... إلخ».

40 ديناراً لكل طفل؟؟ 10 دنانير أجرة حضانة!!

هل هذه الأرقام واقعية؟؟ هل هذه الأرقام تتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في مملكة البحرين؟؟

ما الذي يمكن أن أوفره للأبناء بمبلغ 40 ديناراً شهرياً؟؟ لا سيما مع ما نعيشه من غلاء المعيشة والطلبات الكثيرة للأبناء؟؟

عندما تناقشت مع قريبتي في موضوع هذه الأرقام وذكرت لها بأنه يجب على القضاء الشرعي في مملكة البحرين أن يحدث قوائمه في هذا الشأن صدمتني بقولها أنه لا توجد قوائم ثابتة للنفقة أو لأجرة الحضانة أو لغيرها من النفقات، بل هي ترجع للسلطة التقديرية للقاضي!! ومني إلى القضاة، هل مبلغ 40 دينارا تستطيع أن توفر حياة كريمة لولد أو بنت أياً كانت أعمارهما؟؟

في معظم حالات الطلاق ينتهي الرباط بخلاف.. وقليل من الراشدين هم من يصلون إلى مرحلة الطلاق وهم متفاهمون على موضوع تربية الأبناء والإنفاق عليهم وسكنهم.. أما الغالبية العظمى فتنشب بينهم حرب ضروس بشأن هذه الأمور لدرجة أنني استمعت شخصياً إلى قصص يشيب لها الرأس في موضوع الحضانة والنفقة.. فهل من المنطقي أن تكون السلطة التقديرية للقاضي بمنح الأبناء مبلغاً شهرياً قدره 40 ديناراً!!!

وماذا بشأن 10 الدنانير المخصصة للحضانة؟!! أؤمن بأن الأمومة لا تستوجب أن يكون لها أجر.. ولكنه شرع الله، فهل 10 دنانير مبلغ منطقي أجرةً للحضانة؟!

قد يقول لي أحدهم لعل الراتب الشهري للأب قليل، ولهذا قرر القاضي هذه المبالغ. ولكن الموضوع مغاير لذلك!! بالإضافة إلى ذلك، ماذا بشأن هؤلاء الذين ليس لديهم راتب؟! أو راتبهم متواضع؟! أو الذين يقومون بالتلاعب بأخذ قروض لا داعي لها؟!!

* رأيي المتواضع:

الطلاق يشتت العائلة ويخلق شرخاً في نفوس الأبناء لا يمكن إصلاحه بسهولة.. فهل السلطات التقديرية لدى السادة القضاة تراعي أهمية أن يعيش الأبناء حياة «طبيعية» اقتصادياً؟!!

هل تراعي السلطة التقديرية للسادة القضاة احتياجات الطفل الرضيع وأخلاقها عن الطفل والمراهق والشاب؟!!

هل يتم النظر بين الفينة والأخرى في المبالغ التي يوصي بها السادة القضاة لأبناء المطلقين ويتم إعادة دراستها تماشياً مع الأوضاع الراهنة؟ وهل تتم مراعاة أسعار السوق والاحتياجات الآنية للمراحل العمرية؟

أؤمن بأن القاضي هو إنسان يعيش بيننا، ولا شك في أن لديه ابناً أو ابنة، ولا شك أيضاً في أنه يذهب للتبضع للاحتياجات الأساسية.. فهل يعتقد السادة القضاة أن 40 ديناراً تكفي لحياة مراهق أو مراهقة لمدة شهر؟! أو أن 10 دنانير مناسبة أجرةً حضانة؟!

ألم نفسي يعيشه أبناء المطلقين جراء تفتت أسرتهم.. وتحول اقتصادي مؤلم قد يضر أكثر بنفسياتهم.. فالخصومة تجعل أحياناً من الأم والأب أعداء يتحاربون ويتنازعون فيما بينهما والضحية هم الأبناء.. فهل وجدت إجابة شافية على استفساراتي؟